{سواحل} جدة: تنمية على الشواطئ.. ومياه البحر ملوثة

الأمانة تصف المشكلة بـ«العالمية».. و«الأرصاد» تتحدث عن نظام وعقوبات غير مفعلة

جانب من كورنيش مدينة جدة
جانب من كورنيش مدينة جدة
TT
20

{سواحل} جدة: تنمية على الشواطئ.. ومياه البحر ملوثة

جانب من كورنيش مدينة جدة
جانب من كورنيش مدينة جدة

رغم الجهود المتعددة التي تبذلها الحكومة والمليارات التي ترصد لتطوير سواحل عروس البحر الأحمر والعاصمة الاقتصادية والسياحية للمملكة (جدة)، وهو ما يلحظه الزائر لهذه المدينة الوادعة على سواحل البحر الأحمر، فإن مشكلة استمرار تلوث مياه البحر الأحمر، وخصوصا على امتداد الكورنيش، وفي بعض المناطق الداخلية من الساحل، ومن مصادر متعددة لا تزال قائمة، وتؤرق المسؤولين والمواطنين على حد سواء.
بالأمس فقط أقرت أمانة محافظة جدة بوجود تلوث على سواحل جدة، حسب المعلومات الفنية والدراسات الكثيرة التي أجرتها محليا، أو تلك التي نفذتها عبر الاستعانة بشركات عالمية متخصصة.
وقالت الأمانة إنها «باشرت وبالتنسيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بوضع خطة ميدانية وإجراءات قانونية لمعالجة هذه المشكلة، وذلك من خلال سن قوانين تهدف إلى التصدي للمخالفات المؤدية للتلوث وفرض عقوبات عليها».
وتعهدت أمانة محافظة جدة بتجفيف مصادر الصرف الصحي الملوثة لسواحل جدة على البحر الأحمر غرب السعودية، مؤكدة اكتشاف 11 مصبا من مصبات الصرف الصحي غير النظامي، منها تسع مصبات صادرة من فيلات سكنية.
أمام هذا الأمر، أكد لـ«الشرق الأوسط» حسين القحطاني المتحدث الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وجود نظام عام للحفاظ على البيئة صادر من مجلس الوزراء يهدف إلى تنظيم التعاون فيما يخص القضايا المتعلقة بالبيئة، والحد من الملوثات، فضلا عن اشتراطات وأنظمة وقوانين ومقاييس سواء كانت للملوثات الجوية والأرضية والبحرية بالمخلفات الصلبة أو السائلة.
وقال إن هناك كثيرا من المخالفات التي يجري رصدها من قبل حماية البيئة، مثل تسريب مياه الصرف الصحي إلى مياه البحر، من مصبات مجهولة المصدر تعمل بشكل مخالف وخاطئ، ومصبات لرمي المياه الجوفية تتبع لأمانة جدة، كما توجد مصبات للمياه المعالجة، مرجعا انتهاء هذه المشكلة إلى وقت انتهاء شبكة الصرف الصحي في محافظة جدة.
وبين أن العقوبة تقع حسب نوع الجرم، فمنها ما يقع عليه مخالفة مالية أو إغلاق المنشأة بالكامل، ومنها ما يصل إلى حد السجن، مؤكدا أن قضية تلوث مياه البحر ليست ناتجة فقط من صب مياه الصرف والمياه الجوفية والمعالجة، ولكن توجد مخالفات أخرى، مثل الانبعاثات لبعض الواجهات البحرية، والمخالفات البيئية التي تعود لعدم التعامل السليم مع الأمور المتعلقة بالبيئة للمنشآت.
ولم ينكر القحطاني أن بحيرة الأربعين في جدة يوجد بها إشكاليات بيئية كثيرة حتى الآن، وأنها خاضعة لمسؤولية أمانة جدة، مشيرا إلى الحلول التي وضعتها الأمانة في وقت سابق من إنشاء مضخات لتدوير المياه بشكل مستمر، ولكن تعطلها أعاد المشكلة، كما كانت.
من جهة أخرى، أقر سامي الغامدي مدير المركز الإعلامي في أمانة جدة، بوجود تلوث على سواحل جدة، حسب المعلومات الفنية والدراسات الكثيرة التي أجرتها محليا، أو بالاستعانة بشركات عالمية متخصصة، وأن الأمانة بالتنسيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تتصدى للمخالفات المؤدية للتلوث.
ولفت إلى أن مشكلة التخلص من مياه الصرف الصحي في البحر لا توجد في جدة فقط، بل هي مشكلة عالمية، موجودة في شواطئ اليابان وإندونيسيا والفلبين وأستراليا، على سبيل المثال لا الحصر، ما زالت تتخلص من مياه الصرف الصحي الخام بإلقائها في البحر، بسبب ما يُعرف بـ«عامل التخفيف» الذي تحدثه مياه البحر للملوثات العضوية والميكروبية التي تلقى فيه. وبين أنه رغم أن هذه المشكلة عالمية، فإن أمانة جدة تقوم بشكل مستمر بتتبع المصبات غير النظامية وإغلاقها، مؤكدا أن الأمانة أغلقت أخيرا 319 مصبا غير نظامي بسبب التعديات على شبكات الصرف الصحي وشبكات تصريف مياه السيول والأمطار، وشبكات تخفيض مستوى المياه الجوفية.
ووفقا لتقرير حديث من إدارة الإصحاح البيئي في الأمانة، أوضح الغامدي أن المتبقي من المصبات غير النظامية 11 مصبا، وهي عبارة عن تسع مصبات ليست مصبات صرف صحي، بل اتضح أن مصدرها فيلات سكنية، إضافة إلى مصبين لرجيع مياه التحلية، وهذه المصبات يجري التعامل معها الآن بالتنسيق مع البلديات لفرعية.
ووصف مشكلة تلوث البحر في جدة بمياه الصرف الصحي والجوفية بـ«الوقتية»، مرجعا انتهاءها إلى الانتهاء من شبكة الصرف الصحي.
من جهة أخرى، حذر الدكتور علي عشقي، الخبير البيئي، من الخطر الذي يداهم الشعب المرجانية الموجودة في البحر الأحمر، بسبب السلوكيات الخاطئة التي تمارس ضده، والتلوث الذي يعاني منه، مبينا أن البحر الأحمر على وشك أن يفقد أجمل خصائصه ومميزاته.
وعن تأثير عمليات التجريف للمناطق الساحلية والتخلص من النفايات بها والصرف الصحي داخل البحر والمشاكل الجسيمة التي يعاني منها البحر الأحمر، أوضح عشقي أن هذه المشاكل تؤدي إلى زيادة نمو الطحالب البحرية، وبالتالي حجب ضوء الشمس عن المرجان مما يؤدي إلى تدمير مباشر للنظام البيئي الخاص بالشعاب المرجانية.
ورأى أن مشكلة رمي النفايات من قبل مرتادي الكورنيش مشكلة حقيقية ولكنها محدودة، ويمكن احتواؤها، أما مياه الصرف، التي ما زالت ترمى في البحر مشكلة خطيرة، لا بد من تداركها، والتعامل معها بجدية.
وعن تأثير التلوث على الأسماك البحرية، وانتقال الضرر للإنسان نتيجة تناولها، بين عشقي أن الأسماك لا تستطيع العيش في الأماكن الملوثة، عدا ثلاثة أنواع منها، وهي العربي والسلطان إبراهيم والسيجان، مشددا على ضرورة أخذ الحذر والحيطة من تناول هذه الأسماك.
من جهتها، رأت الدكتورة ماجدة أبو راس، رئيسة برنامج البيئة والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط، أن التصرفات غير المسؤولة من الأفراد وبعض الشركات تحتم على الجهات الحكومية التحرك بشكل جاد، للحد من تلوث مياه البحر الأحمر، والانتقال من مرحلة الشجب والاستنكار إلى مرحلة المعالجة الحقيقية، من خلال حصر المنطقة الملوثة، وتحديد نوع التلوث الكائن بها، وتشكيل لجنة للعمل الجاد.



رئيس وزراء الهند: «الممر الاقتصادي» طريق الحرير للقرن الـ21

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي خلال لقائهما في نيودلهي سبتمبر 2023 (واس)
ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي خلال لقائهما في نيودلهي سبتمبر 2023 (واس)
TT
20

رئيس وزراء الهند: «الممر الاقتصادي» طريق الحرير للقرن الـ21

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي خلال لقائهما في نيودلهي سبتمبر 2023 (واس)
ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي خلال لقائهما في نيودلهي سبتمبر 2023 (واس)

أوضح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن الممرّ الاقتصادي بين بلاده والشرق الأوسط وأوروبا الذي أُطلق عام 2023 «سيرسم مستقبل الترابط بجميع أشكاله لقرون قادمة، وسيُصبح المُحفّز الرئيسي للتجارة والنمو»، عادّه بمثابة طريق الحرير الجديد للقرن الحادي والعشرين، الأمر الذي ستستفيد منه الأجيال القادمة.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة «عرب نيوز» قبل زيارته الثالثة إلى السعودية، الثلاثاء، والتي يناقش خلالها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، العلاقات التجارية والاستثمارية وقطاع الطاقة، وقال مودي: «المملكة أحد أهمّ شركاء الهند، وصديق موثوق، وحليف استراتيجي»، مبيناً أن «مجلس الشراكة الاستراتيجية شكّل محطةً بارزةً في علاقات الدولتين المتجذرة على مدى قرون، حيث توسّعت آفاق تعاونهما في عدة مجالات منذ إنشائه».

وأضاف أن الهند ستعمل إلى جانب السعودية من أجل إرساء أسس السلام والتقدّم والازدهار لصالح شعبيهما والعالم بأسره، مؤكداً أنها تنظر إلى المملكة بوصفها قوّةً إيجابيةً ومُعزّزةً لاستقرار المنطقة، وتتشارك معها «مصلحة الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي، والالتزام بمواجهة التحديات المتنامية في المناطق المجاورة لنا».

الأمير محمد بن سلمان خلال اجتماع مع ناريندرا مودي في الرياض أكتوبر 2019 (واس)
الأمير محمد بن سلمان خلال اجتماع مع ناريندرا مودي في الرياض أكتوبر 2019 (واس)

ويرى رئيس الوزراء الهندي أوجه تكامل عديدة بين «رؤية السعودية 2030» و«رؤية الهند 2047»، وأنه «لم تكتفِ علاقاتنا التجارية بالصمود وحسب، بل ما انفكّت تنمو حتّى وسط أصعب التحديات العالمية»، عاداً تعزيز الارتباط بين البلدين هدفاً أسمى، حيث «يعملان حالياً على إبرام معاهدة استثمار ثنائيّة».

ونوّه بأن الشركات الهنديّة وقطاع الصناعة السعودي يعملان على تقوية العلاقات بين الدولتين، ممّا ساهم في تعزيز شراكتهما الاستثمارية، و«قد أتت الجهود المبذولة لتنويع مصادر التجارة بثمارها، خصوصاً في مجالات الزراعة والأسمدة»، لافتاً إلى أن «الطاقة كانت ركيزةً أساسيةً لشراكتنا الاقتصاديّة، ويُمكن تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال مصافي النفط والبتروكيماويات، والعمل من أجل التوصّل لحلول مبتكرة تُلبّي احتياجات الطاقة المستقبلية».

وأبان مودي أن الشركات الهنديّة تساهم بشكل ملحوظ في تحقيق «رؤية السعودية» وشاركت بشكل ملحوظ في قطاع البنية التحتية والتكنولوجيا، وتُقدّم قيمة مضافة على العديد من المشاريع الضخمة والعملاقة والمُطبّقة ضمن «رؤية السعودية 2030»، داعياً في الوقت ذاته جميع الشركات السعودية للاستفادة من الفرص التي تتيحها بلاده في مجالات البنية التحتية، والخدمات اللوجستيّة، والطاقة المتجدّدة، والرعاية الصحيّة، والابتكار، والشركات الناشئة، والاقتصاد الأزرق.

مجلس الشراكة الاستراتيجية شكّل محطةً بارزةً في العلاقات السعودية - الهندية (واس)
مجلس الشراكة الاستراتيجية شكّل محطةً بارزةً في العلاقات السعودية - الهندية (واس)

وواصل: «شهدنا تقدماً مطّرداً في التعاون الأمني، يشمل الجوانب المرتبطة بمكافحة الإرهاب والتطرّف وتمويل الإرهاب، والتصدي لتهريب المخدرات»، مؤكداً العمل أيضاً على استكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجال الأمن السيبراني، «إدراكاً منّا لأهميّته المتزايدة اليوم في عالمنا المُترابط».

وحول العلاقة بين قادة البلدين، يرى مودي أنها «انعكست على الأولوية التي يوليها كلّ منهما للشراكة التي تجمعنا»، وقال: «في كلّ مرّة أقابل الأمير محمد بن سلمان يترك لدي انطباعاً عميقاً، ودائماً ما كنت أنبهر برؤيته الثاقبة، وتفكيره الاستشرافي، وشغفه بتحقيق تطلعات شعبه»، لافتاً إلى أنه «قدّم دعماً كبيراً للجالية الهنديّة في السعودية، وشعبنا هناك مُعجب به للغاية».

وأبان أن التواصل الثقافي المتنامي بين البلدين يدلّ على التفاهم بين شعبيهما، وقال: «تُعتبر الجالية الهندية في السعودية، والبالغ عددها مليونين وسبعمائة ألف نسمة، جسراً حياً يربط بين بلدينا»، مضيفاً: «لدينا عدد كبير من المسلمين في الهند يزورون المملكة كلّ عام لأداء مناسك الحجّ والعمرة، وأودّ أن أعرب عن امتناني العميق لقادة السعودية على دعمهم الدائم لحجاجنا، واهتمامهم بهم خلال الأوقات العصيبة التي شهدناها بسبب جائحة كوفيد ومعاملتهم لجاليتنا كأبناء وطنهم».