الأمم المتحدة: الوضع الإنساني الأسوأ منذ 2015

TT

الأمم المتحدة: الوضع الإنساني الأسوأ منذ 2015

أعلن مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند الخميس أن موافقة الحكومة السورية على إدخال قوافل الإغاثة بلغت «أدنى مستوياتها» منذ أن دشنت الأمم المتحدة قوة مهام إنسانية في 2015 إذ لم تدخل أي مساعدات خلال الشهرين الأخيرين.
ودعا إيغلاند روسيا وتركيا وإيران إلى تحقيق «عدم التصعيد» في القتال بمحافظة إدلب ولهدنة إنسانية في منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها جماعات معارضة والواقعة تحت حصار القوات الحكومية حيث ينتظر المئات الإجلاء الطبي.
وقال إيغلاند للصحافيين في جنيف «دبلوماسية الشؤون الإنسانية تبدو عاجزة تماما. لا نحقق أي تقدم».
ودعت فرنسا الخميس روسيا وإيران إلى التدخل «بشكل ملح» لدى حليفهما النظام السوري لوقف القصف على محافظة إدلب (شمال غرب) وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية انييس فون دير مول «من الملح أن تأخذ روسيا وإيران، ضامنتا عملية آستانة وحليفتا نظام دمشق، تدابير من أجل وقف القصف وتسهيل وصول المساعدة الإنسانية بشكل آمن وكامل وبدون عراقيل إلى من هم بحاجة إليها».
وأضافت أن القصف الذي استهدف في 29 و30 الشهر الماضي محافظة إدلب وخصوصا مدينة سراقب «غير مقبول» وكذلك الهجمات التي تستهدف الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة قرب دمشق.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هذه الغارات أوقعت 11 قتيلا في سوق للخضار في مدينة سراقب. كما دمر مستشفى بشكل جزئي في هذه المدينة.
وتشن قوات النظام بدعم روسي منذ 25 ديسمبر (كانون الأول) هجوماً يستهدف هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في محافظة إدلب، تمكنت بموجبه من السيطرة على عشرات البلدات والقرى ومن استعادة السيطرة على مطار أبو الضهور العسكري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
ويأتي تحرك قوات النظام في إدلب بعد انتهائها من آخر المعارك ضد تنظيم داعش في محافظة دير الزور (شرق) الحدودية مع العراق.
وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) في آستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في إدلب في سبتمبر (أيلول) الماضي.
من جانب آخر قالت المتحدثة الفرنسية إن «فرنسا تذكر بقلقها حيال التدخل التركي في عفرين» في شمال غربي سوريا. وقالت «هذا التدخل، وإذا كان يمكن تبريره بالهواجس الأمنية لتركيا، يجب ألا يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني للشعب السوري».
أطلقت تركيا في 20 الشهر الجاري، عملية «غصن الزيتون» في منطقة عفرين الكردية لطرد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها «إرهابية» علما بأنها متحالفة مع الولايات المتحدة.
إلى ذلك، اتهم معارضون في مدينة دوما قوات النظام باستخدام غازات سامة في القصف على مناطق سكنية للمرة الثالثة خلال أقل من شهر.
وقال المجلس المحلي لمدينة دوما إن المدينة تعرضت صباح أمس «لاعتداء من قبل النظام باستخدام غازات سامة استهدف بشكل متعمد مناطق مأهولة بالسكان المدنيين». وأوضح البيان أن النظام استخدم «صواريخ أرض ـ أرض محملة بغاز الكلور تسببت بعدة حالات اختناق» ولفت بيان المجلس المحلي لمدينة دوما إلى أن هذا «الاعتداء الكيميائي هو الثالث على التوالي خلال أقل من شهر».
وناشد المجلس المحلي لمدينة دوما المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها في «حماية المدنيين من آلة القتل والدمار بجميع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا».
من جانبها، أكدت مصادر طبية في مدينة دوما حصول «حالات اختناق بين المدنيين بينهم عناصر من الدفاع المدني صباح أمس وقد تم تحويل بعض الحالات إلى العناية المركزة نتيجة استنشاق الغازات السامة». وترددت أصوات القصف الجوي العنيف في غالبية أحياء العاصمة دمشق والتي بدأت عند الساعة الثالثة فجر يوم أمس الخميس واستمرت على نحو متقطع طيلة يوم أمس مع تحليق للطيران، في حين ذكرت مصادر إعلامية معارضة أن أكثر من عشرة جنود من قوات النظام قتلوا وجرح آخرون في اشتباكات مع فيلق الرحمن المعارض المتواجد شرق دمشق، وذلك لدى محاولة قوات النظام التقدم على محور عربين. فيما تواصل القصف المدفعي وقذائف الهاون على معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية. وذكرت مصادر طبية أن طفلا وطفلة قتلا جراء القصف على دوما يوم أمس كما قتل أحد عناصر الدفاع المدني.
ويشار إلى أن اتفاقا لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، اقترحه الجانب الروسي يوم الجمعة الماضي، بواسطة هيئة التفاوض المعارضة خلال اجتماع فيينا، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، إلا أنه لم يتم الالتزام به.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.