مدير مدرسة إسرائيلية يتمنى أن يكون تلاميذه مثل عهد التميمي

TT

مدير مدرسة إسرائيلية يتمنى أن يكون تلاميذه مثل عهد التميمي

أثار اليمين الإسرائيلي زوبعة إعلامية أخرى بسبب الفتاة الفلسطينية الأسيرة، عهد التميمي، وذلك ضد مدير مدرسة ثانوية في تل أبيب؛ لأنه نشر تغريدة في «فيسبوك» أشاد فيها بالمحامية اليهودية التي تدافع عن عهد، وأكد أنه يرى في عهد بطلة لشعبها الفلسطيني.
وأعرب رام كوهن، مدير مدرسة «تيخونت» في تل أبيب، في تغريدته عن إعجابه بالفتاة عهد التميمي، قائلا: «الفتاة الفلسطينية التي صفعت جنديين إسرائيليين هي بطلة. وقفت ببسالة أمامهما ووجهت لأحدهما صفعة، وفي الحقيقة أننا جميعا نستحق هذه الصفعة. إنني أراها مثلما أرى بطلات يهوديات في تاريخنا سطرن ملاحم البطولة في حياتنا. واستحقت عهد التميمي لقب البطولة الذي حظيت به في صفوف شعبها الفلسطيني، وستحظى بالبطولة أيضا في نظر العالم أجمع، شئنا أم أبينا».
وفي أعقاب الهجمة اليمينية عليه والمطالبة بإقالته من سلك التعليم، رد كوهن في أحاديث صحافية، أمس الاثنين، قائلا: «ليمت اليمين بغيظه. آسف لأنني أخيب آمالكم. فأنا أب يخدم أولاده في الجيش. وهذا جيش احتلال. لم يحتل بلاد الغير أمس؛ بل منذ 50 عاما. من واجبي كمربٍّ أن أحذر من هذا الاحتلال وما يفعله بنا وبهم. نتشاطر على فتاة صغيرة ونقذف بها إلى السجن لزمن غير محدود. هذه مشكلة. فما الذي فعلته الفتاة؟! كل ما تريده هو أن يكون لشعبها قطعة أرض يعيش فيها باستقلال وحرية وأمان. المفترض أن نغضب على أنفسنا وليس عليها. إنها بطلة. وأنا أتمنى أن أرى تلاميذ مدرستي هكذا، يعبرون عن آرائهم بشجاعة ويدافعون عن حقوق شعبنا العادلة بلا خوف من أصحاب القوة. لقد شوه الاحتلال أخلاقنا، وأنا كمربٍّ أرى من واجبي أن أصحح هذا الواقع، وأصرخ بملء الفهم: كفى احتلالا».
وكانت عهد التميمي قد جلبت إلى المحكمة، أمس الاثنين، للبت في قضيتها، بعد مرور أكثر من شهر على اعتقالها بتهمة الاعتداء على جنود الاحتلال؛ لكن محامية الدفاع، جابي لاسكي، طلبت منحها مهلة أخرى لدراسة الملف، فتقرر تأجيل الجلسة أسبوعا آخر.
وظهرت الفتاة الفلسطينية بابتسامتها الحزينة تحيي من جاءوا للتضامن معها. وقالت محاميتها إن موكلتها طفلة شجاعة تصمد في وجه المحققين؛ لكنها تعاني من الأسر بقسوة، وينبغي عمل كل شيء في سبيل إطلاق سراحها.
الجدير بالذكر أن الشاعر والمغني يهونتان غيفن، الذي تعرض لهجوم شرس من اليمين وقادته السياسيين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، بسبب تشبيهه لعهد التميمي بآنا فرانك وحانا سينش وجان دارك، اعتذر أول من أمس عن ذلك، وقال: «كان هذا خطأ وأعتذر عنه». وقال غيفن للجمهور خلال عرض له: «من الواضح أن الفلسطينيين أيضا يعتبرون أنفسهم أبطال ثقافات، حتى وإن كان المقصود طفلة عمرها 15 عاما. هذا لا يهم. لقد أدرجت اسمها مع آنا فرانك وحانا سينش، وليس هناك من يقدرهما مثلي. في يوم الكارثة الدولي يمكنني القول إن هذا كان خطأ. كان يمكنني الكتابة أن التميمي تقف في الصف الأول مع ووندروومن وغال غدوت». وبعد أن أعرب عن ندمه، تحدته إحدى المشاهدات وسألته: لماذا قرر الاعتذار أمام مجموعة صغيرة وليس بشكل علني؟ فرد عليها باحتجاج كبير: «لأن وسائل الإعلام قذرة. إنهم يبحثون عن شيء واحد فقط، النميمة، وجعلي أحمق. أنا أحبكم، وهم أكرههم. ليبرمان يقاطعني. الناس يقولون لي إنني سكير عجوز، الجميع يقاطعونني. توجد حركة كاملة من الناس. المنشور الذي تسبب في عاصفة كان مقصودا لسببين: إعادة الاحتلال إلى العناوين الرئيسية؛ لأننا نحتل شعبا آخر لمدة 50 عاما، يا للجحيم. والثاني، أردت أن أظهر أنه كما ننشغل نحن بخلق أبطال وطنيين، من ترومبلدور إلى موشيه ديان، يسمح للفلسطينيين بخلق أبطال لهم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.