اقتادت الشرطة الروسية، أمس، المعارض البارز أليكسي نافالني نحو سيارة دورية بعد دقائق من ظهوره في مسيرة احتجاجية لحث الناخبين على مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 18 مارس (آذار) المقبل، ويقول إنها ستزوّر. وليس أمام نافالني فرصة حقيقية للتأثير في الانتخابات المرجح أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين بارتياح، لكن قدرته على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حشد الشبان للاحتجاج في المدن الكبرى أثارت غضب الكرملين.
وأظهرت لقطات فيديو نشرت على مواقع للتواصل الاجتماعي وصول نافالني إلى الشارع الرئيسي في موسكو على بُعد بضع مئات من الأمتار من الكرملين للانضمام إلى مئات من أنصاره من المشاركين في احتجاج، قالت السلطات: «إنه غير مصرح به». وقبل شهرين من الانتخابات، قرر نافالني تنظيم تجمعات واسعة تحت شعار «هذه ليست انتخابات بل خدعة»، في أكثر من مائة مدينة. وسار نافالني لمسافة قصيرة في موسكو قبل أن يحيط به ضباط شرطة ويطرحوه أرضاً على الرصيف ويقتادوه إلى سيارة دورية، وفقاً لما ظهر في لقطات الفيديو. ونشرت تغريدة على حساب نافالني الرسمي على «تويتر» لأنصاره تقول إنه اعتقل. وأضافت: «هذا لا يهم. اخرجوا إلى (شارع) تفيرسكايا. أنتم لا تخرجون من أجلي، بل من أجل مستقبلكم». وذكر موقع نافالني على الإنترنت أنه اقتيد إلى قسم شرطة في وسط موسكو. وبدورها، قالت الشرطة في بيان إنه سيتهم بانتهاك قانون تنظيم المظاهرات، علما بأن العقوبة القصوى لهذا الاتهام هي السجن 30 يوماً.
وكان نافالني (41 عاماً) اعتقل ثلاث مرات في 2017؛ لأنه نظم مظاهرات غير مصرح بها، وضمت أحياناً آلاف المشاركين في جميع أنحاء روسيا، وتخللها اعتقال المئات. ولأنه لا يستطيع الترشح في انتخابات 18 مارس، ينوي نافالني التأثير على نسبة المشاركة من خلال دعوة الروس إلى مقاطعة هذه الانتخابات. وكان قال في مقابلة صحافية «ليس ثمة انتخابات حقيقية في الوقت الراهن، ونطالب بأن يعيدوها لنا». وأضاف إن الانتخابات «تقضي في الواقع بإعادة انتخاب بوتين».
ظهر نافالني مصدرَ تهديدٍ لقبضة الكرملين المحكمة على السلطة في 12 يونيو (حزيران) من العام الماضي عندما تحدّى آلافاً من أتباعه منع الشرطة التظاهر في المدن الروسية الكبرى. وصدمت روسيا من نطاق الاحتجاجات التي كانت من الأكبر في البلاد منذ ست سنوات. وتجمع مئات الأشخاص أمس في ميدان بوشكين بوسط موسكو، متجاهلين دعوات الشرطة لهم عبر مكبرات الصوت بالتفرق. وتظاهر المئات كذلك في سان بطرسبرغ ثاني أكبر المدن الروسية وفي يكاترينبورغ في جبال الأورال ومدن كبرى أخرى. وبحلول الساعة الثالثة عصراً كانت الشرطة قد اعتقلت 180 متظاهراً على مستوى البلاد، وفقاً لجماعة «أو في دي - إنفو» غير الحكومية التي ترصد الاعتقالات.
لكن نافالني، الذي يقول إنه تعرض لحملة مضايقات من السلطات، واجه صعوبات في حشد الأعداد نفسها التي خرجت في احتجاجين سابقين نظمهما منذ احتجاج يونيو الماضي. وكان من الصعب تمييز المحتجين الذين رافقوا نافالني في احتجاجات موسكو أمس عن أفواج المتسوقين والمارة في شارع تفيرسكايا. وقالت وكالة «رويترز» في تقرير لها إن مراسلها سمع سائحين أميركيين يتساءلان ما إذا كان بوتين «سيحضر هذا العرض؟». وعلى مسافة بضعة أمتار من مكان اعتقال نافالني كان مرشد سياحي يحكي لزبائنه عن تاريخ روسيا ما قبل الثورة.
ويتولى بوتين السلطة، سواء رئيساً أو رئيس وزراء، منذ عام 2000، أي لفترة أطول من الزعيم السوفياتي المخضرم ليونيد برجينيف، ولم يتجاوزه في فترة الحكم سوى الديكتاتور جوزيف ستالين. وينسب إليه الكثير من الناخبين الفضل في إعادة الاستقرار بعد الاضطرابات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي واستعادة نفوذ روسيا في الخارج عن طريق سياسته الخارجية. وقال الكرملين: إن «الانتخابات الرئاسية ستكون نزيهة». ويقول مسؤولون: إن «نافالني وأنصاره لا يحظون بتأييد يذكر ويحاولون بشكل غير مسؤول إثارة غضب مجتمعي قد يتسبب في اضطرابات».
وفي مدينة يكاترينبورغ في منطقة الأورال التي تقع على بعد نحو 1448 كيلومتراً إلى الشرق من موسكو، خرج نحو ألف محتج رغم درجات الحرارة التي قاربت العشر درجات مئوية تحت الصفر لدعم دعوة نافالني لمقاطعة الانتخابات. وحمل شاب لافتة كتب عليها «لا للانتخابات»، ولوّح آخرون بعلم روسيا ورايات باللونين الأحمر والأبيض تدعو للمقاطعة. وقالت ماشا (16 عاماً) التي رفضت ذكر اسمها كاملاً: «نحتاج إلى التفكير في المستقبل، ونريد أن نعيش في بلاد تكون فيها انتخابات نزيهة».
وفي وقت سابق أمس، داهمت الشرطة الروسية مقر حملة نافالني في العاصمة موسكو باستخدام آلات حادة، متعللة ببلاغ عن وجود قنبلة، وفقاً لبث عبر الإنترنت من مؤيدي نافالني. وأغلقت الشرطة استوديو تلفزيونياً في المقر كان يبث نشرات أخبار على الإنترنت، لكن استوديو آخر في موقع منفصل استمر في العمل. ويعد ظهور نافالني وسط الاحتشادات أمس تغيراً في أسلوبه؛ ففي المرة الأخيرة التي حاول فيها المشاركة بنفسه في المظاهرات في يونيو الماضي اعتقلته الشرطة من المبنى الذي يضم شقته السكنية صباح يوم الاحتجاج.
توقيف معارض بارز خلال احتجاجات واسعة ضد بوتين
مظاهرات في مدن روسية تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية
توقيف معارض بارز خلال احتجاجات واسعة ضد بوتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة