قانون بولندي يتحول إلى أزمة دبلوماسية مع إسرائيل

اعتبر النشاط ضد اليهود في بولندا «نازياً ألمانياً»

TT

قانون بولندي يتحول إلى أزمة دبلوماسية مع إسرائيل

طالبت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأحد)، نظيرتها البولندية، بتغيير مشروع القانون البولندي الجديد الذي يمنع الحديث عن «جرائم الشعب البولندي» خلال فترة المحرقة النازية، ويهدد بسجن كل من يستخدم عبارة «معسكر الإبادة البولندي». وقال رئيسها، بنيامين نتنياهو: «لن نتسامح مع تحريف الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ أو مع إنكار المحرقة».
جاء ذلك في أعقاب قرار البرلمان البولندي، يوم الجمعة الماضي، والذي تناول موضوع المحرقة على الأراضي البولندية. ومن المتوقع أن يمر القانون بمرحلتين أخريين حتى يتم اعتماده بشكل نهائي. واعتبره الإسرائيليون تزويراً للتاريخ لأنه يَعتبر النشاط ضد اليهود في بولندا «نشاطاً نازياً ألمانياً فقط، وليس بولندياً». وسيطبَّق القانون الجديد على المواطنين البولنديين والأجانب. ولذلك، من الناحية النظرية، فإن اليهود البولنديين الناجين من المحرقة، والذين يعيشون في إسرائيل وينشرون علناً أن «الشعب البولندي كان شريكاً في قتل جدّي في المحرقة» أو «قُتلت والدتي في معسكر إبادة بولندي»، قد يخضعون لإجراءات جنائية في بولندا، الأمر الذي قد يؤدي بهم إلى السجن. ولا ينطبق القانون على النقاش الأكاديمي أو الفني. ومن ناحية أخرى، لم يُستثنَ الصحافيون من القانون.
وتَقرر استدعاء السفير البولندي في تل أبيب إلى محادثة توبيخ، في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية، حال عودته إلى إسرائيل.
وترتبط حكومة نتنياهو بعلاقات جيدة مع الحكومة البولندية، التي تصوّت بشكل تقليدي إلى جانب إسرائيل في المؤسسات الدولية. ومع ذلك فقد قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إمكانية إعادة السفيرة للمشاورات لا تزال مطروحة على جدول الأعمال و«لكن مهمتنا الأولى هي نقل موقف إسرائيل من القانون إلى رئيس الوزراء البولندي». وقامت سفيرة إسرائيل لدى بولندا آنا أزاري، أول من أمس، بتسليم الشجب الإسرائيلي للقانون البولندي. وفي خطاب ألقته في مراسم الذكرى الرسمية لتحرير معسكر أوشفيتز، التي أقيمت في الموقع التذكاري في بولندا، وتم بثه على الهواء مباشرة، قالت إن الحكومة الإسرائيلية ترفض مشروع القانون، وتأمل في إجراء تعديلات عليه.
كما رد رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، على القانون. وقال، من بين أمور أخرى: «حتى بين الشعب البولندي كان هناك أولئك الذين مدوا يدهم للجرائم النازية، وينبغي التنديد بكل جريمة، بكل مخالفة. يجب فحصهم وكشفهم. وكان من بينهم مَن مدوا أياديهم، وحاربوا وحظوا بالاعتراف كأنصار لأمم العالم».
ودخل رئيس حزب «يوجد مستقبل» النائب يئير لبيد، في مواجهة مع السفارة البولندية على «تويتر». فقد ردت السفارة على ما نشره لبيد وكتبت أنه «في إسرائيل، أيضاً، هناك حاجة إلى التثقيف في موضوع الكارثة». ووصفت لبيد بأنه «عديم الخجل».
وقام العديد من السياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس حزب المعارضة إسحق هرتسوغ، والنائب أحمد الطيبي (القائمة المشتركة)، بإدانة القانون. وكتب رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة على «تويتر»، إن «قرار الحكومة البولندية مخجل وخطير. إنكار المحرقة هو تشريع لأحلك اللحظات في التاريخ. الاعتراف العميق بمظالم الماضي فقط، هو ضمانة لقدسية الحياة في المستقبل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».