المعارضة السورية تحسم في فيينا مشاركتها في مؤتمر سوتشي

نصر الحريري رئيس وفد المعارضة في فيينا (أ.ف.ب)
نصر الحريري رئيس وفد المعارضة في فيينا (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تحسم في فيينا مشاركتها في مؤتمر سوتشي

نصر الحريري رئيس وفد المعارضة في فيينا (أ.ف.ب)
نصر الحريري رئيس وفد المعارضة في فيينا (أ.ف.ب)

يُتوقع أن تعلن «هيئة المفاوضات السورية» المعارضة برئاسة نصر الحريري موقفها من المشاركة في «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي بعد اختتام مفاوضات السلام في فيينا برعاية المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
وأعلنت هيئة التفاوض السورية أن مشاركتها المحتملة في «سوتشي» تبقى مرتبطة بما سيقدمه وفد النظام خلال محادثات «فيينا» التي تنتهي الجمعة. وعُقدت 8 جولات تفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة في جنيف حتى الآن من دون التوصل إلى أي نتيجة ملموسة.
ووصل وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري، صباح أمس (الجمعة)، إلى مقر الأمم المتحدة في فيينا للقاء موفد الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا. وشدد المتحدث باسم الهيئة يحيى العريضي، في تصريح صحافي، على «مرونة الوفد وتصميمه» على السعي «لمحاولة إيجاد حل لتطبيق الشرعية الدولية في سوريا». وحول ما إذا كانت المعارضة ستشارك في مؤتمر سوتشي، قال العريضي لدى دخوله الاجتماع «آمل أن نخبركم بذلك اليوم».
ولفت العريضي إلى وجود «جهود دولية واضحة المعالم» لإيجاد حل سياسي للنزاع السوري، مشيراً إلى «جهود روسية تتمثل في محاولة عقد مؤتمر في سوتشي، ومحاولة الدول الخمس إيجاد مخطط عملي ورؤية عملية لتطبيق القرار الدولي»، معتبراً أن «كل هذه الجهود تدل على أن هناك شيئاً من الجدية في تطبيق القرارات الدولية». وكان الحريري قد صرح مساء الأربعاء الماضي، عشية بدء محادثات فيينا بأن «هذين اليومين سيكونان اختباراً حقيقياً (...) لجدية كل الأطراف لإيجاد حل سياسي».
وعلى غرار ما حصل خلال كل الاجتماعات السابقة، لم يلتقِ وفدا المعارضة والنظام بشكل مباشر. والتقى دي ميستورا كل وفد على حدة ناقلاً الأفكار من طرف إلى آخر.
وتؤكد موسكو، التي دعت 1600 شخص للمشاركة في مؤتمر سوتشي، أن هذا المؤتمر لا يشكل مبادرة منافسة لتلك التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف وفيينا. وقال الحريري في تصريح إن محادثات فيينا «تمثل اختباراً لرغبة روسيا باستخدام نفوذها على النظام لإجباره على التفاوض بشكل جدي»، استناداً إلى ما هو وارد في قرار الأمم المتحدة 2254.
وقال مصدر دبلوماسي غربي: إن «الروس يعلمون أن تغيب الأمم المتحدة ووفد الحريري عن (سوتشي) سيعني فشل هذا المؤتمر». وأضاف المصدر نفسه «بالنسبة إلى الروس فإن فشل (سوتشي) سيكون كارثياً لهم لأن ذلك يعني أن روسيا عاجزة عن تحويل انتصارها العسكري إلى انتصار سياسي». كما قال مصدر دبلوماسي غربي آخر: «حان الوقت لروسيا لكي تحزم أمرها إذا كانت تريد بالفعل إنقاذ (سوتشي)».
وقال رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري بعد لقائه دي ميستورا: «من الطبيعي أن نتبنى هذه الفرصة وهذا اللقاء مع المبعوث الخاص للإجابة عن العديد من تساؤلاته التي انصبّت في معظمها على النتائج المتوخاة من مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي». وأضاف الجعفري أن «بعض الأسئلة الأخرى لم يكن بالإمكان الإجابة عنها، لأنها بطبيعتها لا يمكن الإجابة عنها في هذه المرحلة المبكرة، بحكم أن المؤتمر لم يُعقد بعد كما هو معروف لديكم. وفي واقع الأمر فإن نتائج المؤتمر في سوتشي ستكون محصلة الحوار بين المشاركين السوريين أنفسهم، لأن الهدف من (سوتشي) هو حوار وطني سوري - سوري دون تدخل خارجي وسيحضر المؤتمر نحو 1600 مشارك يعكسون مختلف مكونات الشعب السوري».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.