الكرملين يخفض سقف التوقعات من مؤتمر الحوار السوري

بوتين بحث معارك عفرين والحوار السوري مع مجلس الأمن الروسي

TT

الكرملين يخفض سقف التوقعات من مؤتمر الحوار السوري

بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المراحل الأخيرة من التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، والوضع في عفرين، مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي أمس. واعتبر الكرملين مؤتمر سوتشي «معلماً غاية في الأهمية» في مجال التسوية السياسية للنزاع السوري. وأشار إلى أن الرئيس بوتين لن يشارك في أعماله. هذا بينما تواصل روسيا توجيه الدعوات للمشاركين، بما في ذلك لوزراء خارجية دول كبرى، ستساهم مشاركتهم في رفع مستوى المؤتمر، وتثبيته كفعالية دولية بمبادرة روسية.
وترفض موسكو ربط سير المؤتمر بالتطورات الميدانية في سوريا، وتقول إن الوضع «على الأرض» لن يؤثر على انعقاده، بينما كررت إصرارها على مشاركة الأكراد، لكن دون أن توضح من هي الجهات والقوى الكردية التي أرسلت لها دعوات. وفي الأثناء استمرت حملة الدبلوماسية الروسية ضد مؤتمر باريس الرامي إلى ضمان إنزال العقاب بالمسؤولين عن الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية في تصريحات للصحافيين أمس، إن الرئيس الروسي عقد اجتماعاً لمجلس الأمن القومي الروسي أمس، «وجرى خلاله بحث المرحلة الأخيرة من التحضيرات لمؤتمر سوتشي. فضلاً عن ذلك دار الحديث حول الوضع في عفرين، حيث أطلع الرئيس أعضاء المجلس على النقاش الذي دار بهذا الخصوص مع الرئيس التركي منذ عدة أيام».
في هذا السياق قال بيسكوف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يشارك في مؤتمر سوتشي، وأشار إلى أن «العمل خلال المؤتمر سيجري على مستوى آخر»، مشدداً على أن «الأهم هو النتائج التي سيتعين علينا تقييمها وتحليلها في أعقاب المؤتمر».
وفي تعليقه على عدم تثبيت بنية المشاركين بصورة نهائية حتى الآن، وصف العمل الجاري حالياً بأنه «شائك ومعقد للغاية»، لافتاً إلى أنه «لا تزال هناك الكثير من المسائل التي يتعين حلها، والصعوبات التي يتعين تجاوزها». ووصف حقيقة انعقاد المؤتمر بأنها «تشكل معلماً غاية في الأهمية» على درب التسوية السورية. لكنه كان حريصاً على عدم رفع سقف التوقعات، وقال إن «خطوة على شكل عقد المؤتمر تشكل بحد ذاتها تقدماً ملموساً بما فيه الكفاية نحو التسوية السياسية في سوريا»، واستدرك «لكنها بالطبع لا يمكن أن تكون خطوة شاملة»، وأضاف: «لهذا لا داعٍ للاعتقاد بأنه سيتم وضع نقطة (النهاية) في التسوية السورية خلال مؤتمر سوتشي، هذا اعتقاد غير صحيح».
وتأمل روسيا في مشاركة دولية واسعة بمؤتمر سوتشي، وفي هذا السياق واصلت توجيه الدعوات للدول الكبرى، لا سيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي. وقال ألكسندر ياكوفينكو، سفير روسيا في لندن، في «تغريدة» على «تويتر»: «وجهت رسالة إلى بوريس جونسون، ندعو فيها بريطانيا للمشاركة في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي»، وربط بين مؤتمر سوتشي والتقدم في جنيف، حين شدد في «تغريدته» على أنه «لا بد من بذل جهد جماعي بناء لضمان تقدم حقيقي في عملية المفاوضات السورية في جنيف».
من جانبه استبعد ألكسندر زاسيبكين، سفير روسيا في لبنان، أن يحول تدهور الوضع العسكري في أكثر من منطقة في سوريا دون انعقاد مؤتمر سوتشي. وفي تصريحات أمس لوكالة «ريا نوفوستي»، عبر زاسيبكين عن اعتقاده بأن «ما يجري على الأرض لن يؤدي إلى فشل سوتشي». ومع إقراره بأن «ما يجري يشكل عائقاً أمام التسوية السياسية»، فقد أكد أن «المؤتمر سيعقد في سوتشي بغض النظر عن الوضع العسكري». ورأى أن المؤتمر، على العكس، قد يشكل فرصة لحل النزاع، نظراً لأنه يوفر الظروف للقاء السوريين من مختلف المكونات الاجتماعية، بما في ذلك الأكراد، الذين شدد على ضرورة مشاركتهم، على الرغم من الوضع في عفرين، وقال إن «الولايات المتحدة دعمت نزعة الأكراد الانفصالية، وحاولت إبعادهم عن الحوار مع الحكومة السورية»، رغم ذلك شدد على أنه «ضمن الظروف الراهنة لا بد من التأكيد بأن مشاركة الأكراد في الحوار الوطني ضرورية».
وانتقد السفير الروسي في لبنان مؤتمر باريس حول ضمان عدم إفلات المسؤولين عن الهجمات الكيماوية في سوريا من العقاب، وقال إن «العودة إلى الموضوع الكيماوي توجه خطير على مستوى المشكلات الإقليمية»، واتهم فرنسا والولايات المتحدة باستغلال هذا الموضوع، واتهام السلطات السورية بالهجمات الكيماوية، بهدف وضع عقبات أمام التسوية السياسية، وقال «إنهم يستغلون هذا الموضوع لتحقيق أهدافهم التي باتت معروفة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».