انتقادات اعلامية متبادلة بين أنصار «الوطني الحر» و«حزب الله»

انتقادات اعلامية متبادلة بين أنصار «الوطني الحر» و«حزب الله»
TT

انتقادات اعلامية متبادلة بين أنصار «الوطني الحر» و«حزب الله»

انتقادات اعلامية متبادلة بين أنصار «الوطني الحر» و«حزب الله»

يمرّ التحالف الاستراتيجي بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» بكثير من المطبّات، التي بدأت تهزّ بنيان العلاقة القائمة بين الفريقين منذ 12 عاماً، لكنّ التباين الذي بقي محصوراً في الغرف المغلقة لوقت طويل، بات علنياً وانتقل إلى شاشات التلفزة التابعة للفريقين وحلفائهما، واستكملت بحملات متبادلة بين جمهور الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي بلغت حدّ الشتائم وإهانة الرموز السياسية ونبش دفاتر الماضي وصولاً إلى التخوين.
اللافت أن منحى التباين بدأ يكبر بعد أشهر من تسلّم وزير الخارجية جبران باسيل رئاسة «التيار الوطني الحرّ»، خلفاً لرئيس الجمهورية ميشال عون، ورغم التخاطب السلبي غير المسبوق، تصرّ قيادة «الوطني الحر» على أن «التحالف الذي بناه العماد ميشال عون و(أمين عام حزب الله) السيّد حسن نصر الله ثابت ولن يسقط»، مع الاعتراف بأن جوهر العلاقة قد يحتاج إلى نقاش، وهو ما أيّده مقرّبون من «الحزب»، الذين شددوا على أن «السجالات تبقى موضعية وليس مسموحاً لها أن تتطوّر إلى حدّ نسف التحالف الاستراتيجي».
وفي محاولة لتطويق ذيول ما حصل في الأيام الماضية، شدد باسيل على أن «التفاهم مع حزب الله هو لحماية الوطن من الخارج ومن الداخل». وشدد على أن هذا التفاهم «سيبقى حاجة استراتيجية لحماية البلد، وكل الألاعيب الصغيرة لن تقوى عليه».
ولم يخف عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود، أن الوزير باسيل «لديه نمطية جديدة في إدارة الأمور داخل التيار، قد لا تتلاءم مع آراء البعض». لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالفنا مع حزب الله قائم على أهداف كبرى، أهمها حماية البلد وتخفيف الاحتقان، وهذا التفاهم حمى البلد بكل الأزمات التي مررنا بها، بدءاً من حرب يوليو (تموز) 2006 حتى اليوم»، لافتاً إلى أن باسيل لديه «طريقته بإدارة الأمور في الممارسة السياسية، وفي نظرته لعمل المؤسسات، لكن في الجوهر لا تزال العلاقة مع (الحزب) قوية وثابتة»، مؤكداً أن «التفاهم الذي بناه الرئيس ميشال عون و(أمين عام حزب الله) حسن نصر الله لن يسقط».
وتعرّضت علاقة حزب الله و«الوطني الحرّ» في الأسابيع الأخيرة، لخضات متتالية طرحت علامات استفهام عن مستقبل العلاقة بينهما، بدأت بتصريح باسيل الذي لمح فيه لإمكانية الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وصولاً إلى الانتقاد اللاذع الذي ورد في مقدمة النشرة الإخبارية لتلفزيون الـ«أو تي في» الذي يملكه «الوطني الحر» لما ورد في خطاب نصر الله الأخير، الذي دعا فيه لوقف بث فيلم «the post» في دور السينما اللبنانية، لأن مخرجه من مؤيدي إسرائيل، والردّ الأعنف عليه من تلفزيون «المنار» التابع لحزب الله.
ولم تقتصر الحملات على المحطتين التلفزيونيتين، إذ سرعان ما تلقفها جمهور الحليفين، الذي أطلق آلاف التغريدات عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، بلغت حدّ الشتائم والتخوين. واعتبر النائب زياد أسود أن «آراء المدونين على (فيسبوك) و(تويتر) هي مجرّد مؤشر شعبي، وليست التغريدات ولا مقدمات نشرات الأخبار من تبني السياسات»، موضحاً أن «المنطق الشعبي لا ينتج رأياً سياسياً، ولا يرسم استراتيجيات لدى هذا الطرف أو ذاك»، لافتاً إلى أن «جوهر العلاقة ربما يحتاج إلى نقاش، لكن العلاقة لن تهتزّ حتى ولو عصفت بها الرياح، وهي أثبتت ذلك بكثير من الاستحقاقات».
وعلى الضفّة الأخرى ثمة رأي مشابه، إذا اعتبر الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، المطلع على أجواء حزب الله، أن «السجالات الإعلامية موضعية، ولن تؤثر بالعلاقة الاستراتيجية، حتى على مستوى الانتخابات النيابية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب معلوماتي فإن علاقة الوزير باسيل بقيادة حزب الله لا تزال قوية، وإن شابها بعض الالتباس أو التباين من وقت لآخر». وكشف قصير أن «النقطة الأكثر حساسية بالنسبة للحزب، كانت فيما نقل عن باسيل، حول إمكانية الاعتراف بالكيان الصهيوني»، لافتاً إلى أن «قيادتي الفريقين تسارع إلى احتواء أي خلاف قبل أن يبلغ مرحلة الخطر». وأكد أن الحملات الإعلامية الأخيرة وحرب «السوشيال ميديا» مجرّد وجهات نظر لن تؤثر على التفاهم العريض الذي يبقى مصلحة للطرفين وللبلد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».