بات مؤتمر الطاقة الاغترابية، المقرر في 2 و3 فبراير (شباط) في أبيدجان في ساحل العاج، بنداً خلافياً جديداً على علاقة «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، و«حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليراكم الخلافات بين الطرفين التي استدعت أمس ردوداً غير مباشرة. ونقل التباين بين الطرفين، الخلافات السياسية الداخلية إلى المغتربين اللبنانيين، لتمثل مساحة تباين جديدة، وساحة خلافات بين الطرفين في القارة الأفريقية التي يتمتع فيها بري بتأييد كبير بسبب «الدعم والرعاية اللذين تلقاهما المغتربون من بري على مدى سنوات طويلة»، كما يقول المغتربون في أفريقيا.
وانفجر الخلاف على ضوء مقاطعة بعض أبناء الجالية اللبنانية في ساحل العاج، وهم من المقربين من «حركة أمل»، مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي تنظمه وزارة الخارجية في 2 و3 فبراير المقبل في أبيدجان. وفيما وردت أنباء عن أن بري أوعز لأنصاره بمقاطعة المؤتمر، ردّ وزير المال علي حسن خليل المحسوب على «حركة أمل» نافياً تلك الأنباء، وقال أمس: «نحن لدينا الجرأة أن نعلن ذلك لو أردنا أن نقوم بهذا الدور، وليبحثوا عن المنطق الذي استفز المغتربين».
ومع أن الجدل حول المؤتمر يبدو سياسياً، إلا أن مصادر الطرفين تنفي ذلك، وتحيله إلى سياق مرتبط بالجالية اللبنانية في أبيدجان فحسب. وفيما دعا رئيس الجالية اللبنانية في أبيدجان نجيب زهر الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري والوزير باسيل لإعادة النظر بالمؤتمر المقرر عقده وتأجيله «ريثما يصار إلى تهيئة الظروف المناسبة وتخفيف الاحتقان الذي لمسناه من أبناء الجاليات في أفريقيا»، أكدت مصادر وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أن المؤتمر سيعقد في موعده، مشددة على أن الوزير باسيل «يحتضن الجاليات اللبنانية في العالم ويولي اهتماماً كبيراً للمغتربين»، لافتة إلى أن باسيل «يعتبر أكثر من عمل على ملف الاغتراب والاهتمام باللبنانيين في بلدان الانتشار»، وأنه يبذل جهوداً للحفاظ على التلاقي بين المغتربين في كل دول العالم.
وإذ ينفي مقربون من «حركة أمل» أي تدخل على خط المؤتمر في أبيدجان، قالت مصادر الجالية اللبنانية في أفريقيا لـ«الشرق الأوسط» إن اعتراض بعض أبناء الجالية ينطلق من عدم تنسيق منظمي المؤتمر مع فعاليات بارزة في الجالية في أفريقيا، واستبعاد التنسيق مع التكتلات الاغترابية الموجودة مثل «المجلس القاري الأفريقي» وغيرها، وهو ما أثار حفيظة بعض أبناء الجالية، نافية أن يكون للأمر «أي خلفية سياسية».
وكان القائم بالأعمال اللبناني في ساحل العاج السفير خليل محمد أشار إلى أن الموعد تم تحديده في الصيف الماضي، وهو كغيره من المؤتمرات التي تنظمها وزارة الخارجية والمغتربين منذ نحو 4 سنوات. وأشار إلى توزيع 700 دعوة للمشاركة في هذا المؤتمر القاري الذي تولته وزارة الخارجية والمغتربين والسفارات اللبنانية المعنية، حسب الرقعة الجغرافية، منذ فترة طويلة، على امتداد بلدان القارة الأفريقية.
ويُضاف هذا الملف الخلافي بين «الوطني الحر» و«حركة أمل» إلى قائمة الخلافات السياسية المتراكمة بين الطرفين. وعُرِفت «أمل» خلال العقدين الماضيين باهتمام كبير أبدته تجاه المغتربين اللبنانيين عبر مديرية شؤون المغتربين في وزارة الخارجية، والمديرية العامة للمغتربين التي كان مديرهما من حصة بري، علماً بأن حقيبة الخارجية في الحكومة، وخلال العامين 2005 و2014 كانت من حصة الشيعة، وكان بري يسمي وزير الخارجية.
وينظر متابعون إلى تنظيم الخارجية في هذا الوقت مؤتمراً في أبيدجان، على أنه «محاولة خرق للقاعدة الشعبية» في كبرى القارات التي يتمتع فيها بري بشعبية كبيرة، بالنظر إلى أن القارة الأفريقية تضم القسم الأكبر من المغتربين الشيعة، ويوجد في ساحل العاج نحو 65 ألف لبناني، يتحدر الثلثان منهم تقريباً من جنوب لبنان، وهم من المؤيدين بمعظمهم لبري.
وتشكل أفريقيا وجهة الاغتراب الشيعي، وبعد أبيدجان، يوجد اللبنانيون بكثرة في السنغال ونيجيريا والكونغو وغيرها من المناطق التي تتفاوت أعداد اللبنانيين فيها. وتضم تلك البلدان عدداً كبيراً من رجال الأعمال اللبنانيين. ويشار إلى أن والد بري كان من المغتربين في سيراليون.
ورغم هذه الوقائع، تقول مصادر الجالية في أفريقيا: «يخطئ من يقول: إن هذه المنطقة مؤيدة لطرف سياسي أو لآخر، ومن الخطأ تصنيفهم على هذا النحو، لأن الاغتراب الذي يشكل عصب الاقتصاد اللبناني، لا يجوز تصنيفه بالإطار المذهي أو الطائفي أو السياسي، ويجب أن يتم التعامل معه بشكل وطني»، مشددة على «أننا نتعلم من المغتربين المواطنية والابتعاد عن المذهبية والطائفية».
المغتربون في أفريقيا... مادة خلافية جديدة بين «أمل» و«الحر»
انفجرت إثر مقاطعة مقربين من بري مؤتمراً تنظمه الخارجية في أبيدجان
المغتربون في أفريقيا... مادة خلافية جديدة بين «أمل» و«الحر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة