كشفت ليلى الشتاوي عضوة اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق حول عمليات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر خاصة نحو العراق وسوريا وليبيا، عن تورط سجناء سابقين في تجنيد واستقطاب الشباب لفائدة التنظيمات الإرهابية التي بدأت مع تنظيم القاعدة لتنتهي في أحضان تنظيم داعش الإرهابي.
وقالت الشتاوي إن أغلب المتورطين في عمليات الاستقطاب والتسفير للقتال في الخارج كانوا سجناء وتمتعوا بعفو إبان الثورة التونسية.
وحصل أكثر من عشرة آلاف سجين أغلبهم من السجناء السياسيين من التيار المتشدد (حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت إلى اسم حركة النهضة) إلى جانب يساريين نقابيين، على عفو تشريعي عام خلال شهر فبراير (شباط)2011 وغادروا بمقتضاه السجون ليسيطر البعض منهم على المساجد ويدعون إلى الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة. وتجري اللجنة البرلمانية التي تشكلت في بداية 2016 تحقيقات مضنية للكشف عن الأطراف السياسية والأمنية التي تقف وراء تشجيع الشباب وفسح المجال أمامهم للتوجه نحو بؤر التوتر والمشاركة في أعمال إرهابية والتدرب على استعمال الأسلحة وصناعة المتفجرات ومن ثم العودة إلى تونس والمشاركة في سلسلة من الأعمال الإرهابية الدامية التي عرفتها تونس خلال السنوات الأخيرة. وتنقل أعضاء من تلك اللجنة إلى سوريا في مناسبتين سابقتين في محاولة للتعرف على ملابسات انضمام العناصر الإرهابية إلى داعش الإرهابي، والوقوف على كيفية تعامل النظام السوري مع المعتقلين في السجون السورية.
وبهدف الكشف عن المعطيات المتعلقة بملف شبكات التسفير، عقدت هذه اللجنة سلسلة من جلسات استماع خصصت لسياسيين تولوا مهام في الحكومة التونسية وقيادات أمنية وأشركت منظمات من المجتمع المدني، ضمن أشغال التحقيق.
وفي هذا السياق، عقدت هذه اللجنة يوم الاثنين الماضي جلسة استماع إلى عبد الكريم العبيدي الرئيس السابق لفرقة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج حول ملف شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر. واتسمت هذه الجلسة بتبادل الاتهامات والجدل الحاد في أكثر من مناسبة بين النواب، خاصة نواب كتلة الجبهة الشعبية اليسارية ونواب كتلة حركة النهضة (الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم). وتتهم أطراف سياسية يسارية تحالف الترويكا الذي تزعمته حركة النهضة بين 2011 و2013 بالتغاضي عن عمليات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر وهو ما تنفيه حركة النهضة وتؤكد على أن الوضع الأمني المتأزم وغياب سلطة الدولة كانا من بين أسباب تفاقم ظاهرة سفر الشباب التونسي وانضمامهم إلى التنظيمات الإرهابية. وخلال الجلسة التي نظمتها اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في تسفير الشباب والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية اتهم نواب الجبهة الشعبية العبيدي بأنه «ذراع حركة النهضة في أمن المطار»، وبأنه ينتمي إلى الأمن الموازي الذي «زرعته» الحركة خدمة لمصالحها، بالإضافة إلى أنه على علاقة بالمتهم الرئيسي في اغتيال محمد البراهمي.
وفي تعقيبه على تساؤلات النواب حول عمليات تسفير الشباب التونسي، أفاد عبد الكريم العبيدي، بأن كل عمليات السفر تمت عن طريق الجو وأكد أن خروج الشباب الذين توجهوا أساسا إلى تركيا كان بطريقة قانونية، وأنه لم يتلق أي تعليمات للتعرض لهم ومنعهم من السفر.
وبشأن شبكات التسفير قال العبيدي، إن تونس تخوض حربا من الجيل الخامس على حد تعبيره وهي حرب تستند إلى تحالفات شبكية بين الجماعات الإرهابية والعناصر الإرهابية بهدف إسقاط الأنظمة وزعزعة كيان الدولة. واعتبر أن تلك المجموعات الإرهابية وظفت وسائل الاتصال الحديثة للتجنيد والاستقطاب والتدريب والتعليم، ودعا القضاء التونسي إلى التواصل مع القيادات الأمنية والاستماع إلى شهادات العائدين من بؤر التوتر بعيدا عن لغة الاستهداف السياسي على حد تعبيره. وأشار إلى أن بارونات التهريب صرفوا أموالا طائلة على شبكات التسفير إلى بؤر التوتر على حد قوله.
وقدرت مصادر حكومية رسمية عدد الإرهابيين التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية خارج تونس بنحو 3 آلاف إرهابي أغلبهم (نحو 70 في المائة منهم) في سوريا، في حين أن منظمات حقوقية ومراكز دراسات مختصة ترى أن العدد الفعلي أكبر من ذلك بكثير وقد يرتفع إلى حدود الخمسة آلاف عنصر إرهابي. وقد عاد منهم وفق الإحصائيات الرسمية قرابة 800 إرهابي ومن بين هؤلاء تم إخضاع نحو 137 إرهابيا للإقامة الإجبارية ونفذت المراقبة الإدارية ضد البعض الآخر. وتمثل عودة الإرهابيين ومحاكمتهم أو إعادة إدماجهم من بين المخاوف الكبرى التي عبر عنها الشارع التونسي الذي عارض عودة الإرهابيين. ودعت نقابات أمنية إلى سحب الجنسية التونسية منهم فيما دعت منظمات حقوقية إلى محاكمتهم فوق الأراضي التي مارسوا فيها أعمالهم الإجرامية.
لجنة برلمانية تونسية تواصل التحقيق حول شبكات التسفير إلى بؤر التوتر
لجنة برلمانية تونسية تواصل التحقيق حول شبكات التسفير إلى بؤر التوتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة