مع تزايد أهمية الروبوت في الأنشطة الاقتصادية، تملك الخوف ملايين العاملين في كل القطاعات الإنتاجية من أن يحتل الرجل الآلي مكان الإنسان في إنجاز عمله.
والتقارير عن هذه المشكلة لا تنتهي، حيث يفيد خبراء اقتصاد ألمان أن نحو 50 في المائة من الوظائف في أوروبا قد يتم استبدالها بالروبوتات خلال الأعوام القليلة القادمة.
وفي هذا الصدد يقول خبراء وكالة «ماكينزي» البحثية السوقية إن ما بين 400 و800 مليون موظف حول العالم قد يجبرون على البحث عن وظيفة بديلة نتيجة الاعتماد على الروبوتات في القطاعات الإنتاجية والصناعية والتجارية.
وهو ما يعيد الذاكرة إلى ما حصل في القطاع الزراعي قبل مائة عام تقريبا، حين بُشر بتطوير وتحديث آليات الإنتاج ولكن تم الاستغناء عن مئات آلاف من المزارعين. لكن ورغم مخاوف وكالة «ماكينزي» إلا أن خبراء الاقتصاد الألمان لا يتوقعون حدوث أي كارثة اجتماعية من وراء هذا التطور لا على الصعيد الألماني ولا على الصعيد الأوروبي.
وهنا يقول أولريش شميدت، الخبير الألماني في ميونيخ، إن أتمتة المصانع والمكاتب ليس بالأمر الجديد والمفاجئ. فالصرافات الآلية وخدمات التحقق الآلية «تشيك إن» للمسافرين في المطارات وموجة التسوق عبر الإنترنت توغلت بعمق في حياة المستهلكين الألمان. مع ذلك نجح المصرفيون ومضيفات الخطوط الجوية وغيرهم ممن تم استبدال خدماتهم بـ«الإنسان الآلي» في إيجاد البديل.
ويرى سيمون هيهلي، المحلل للشؤون الدولية، أن اعتماد الولايات المتحدة الأميركية على برمجيات الكومبيوتر والروبوتات أدى إلى إلغاء أعداد كبيرة من الوظائف البشرية في عدة قطاعات إنتاجية. لكن وفي الوقت ذاته تم إحداث وتوفير ملايين الوظائف البشرية الأخرى في نفس القطاعات الإنتاجية.
أما على صعيد ألمانيا فإن موضة الصرافات الآلية بدأت في تسعينات القرن الماضي، وخلال عشرين عاماً قفز عددها هناك من 100 إلى 400 ألف صراف، ما دفع الجميع إلى الجزم بأن شخصية «المصرفي» الألماني البشري ماتت نهائيا. لكن، على العكس، نجح القطاع المصرفي الألماني في رفع عدد الفروع وزيادة عدد الوظائف البشرية المتوافرة بصورة أسرع من بقية القطاعات، كما يضيف هيهلي.
وعلى مستوى التجارة التقليدية يذكّر سيمون هيهلي بأن إجمالي الموظفين المسرحين بلغ 280 ألفا منذ عام 2012. في موازاة ذلك، تمكنت التجارة الإلكترونية من توفير 320 ألف وظيفة ذات دخل شهري أفضل. ففي حين يصل دخل موظف قطاع التجارة التقليدي في المحلات التجارية والمولات إلى 1200 أو 1300 يورو شهريا، يتراوح راتب الموظف في قطاع التجارة الإلكترونية بين 1400 و1500 يورو في المدن الألمانية الكبرى.
وفيما يتعلق بمشروع أتمتة المطارات الألمانية، يقول مانويل كولر الخبير بشؤون سوق العمل، ستتمكن البرمجيات والروبوتات من إنجاز أمور مثل شراء وإصدار وتغيير بطاقات السفر، فضلا عن فحص حقائب المسافرين وإرسالها إلى الشحن، إلا أن وظيفة الإنسان لن تختفي.
فشركات الطيران في ألمانيا كانت توظف 648 ألف شخص في عام 1997 من بينهم 526 ألفا كان لديهم عقد عمل بدوام كامل. وفي عام 2007 تراجع هذا العدد إلى 613 ألفا. لكن المفاجأة الكبرى في العام الماضي أنه برغم الاعتماد على البرمجيات ارتفع هذا العدد إلى 696 ألفا، بينهم 581 ألفا لديهم عقد عمل بدوام كامل. وهذا مستوى أعلى وأفضل بكثير مما كان الحال عليه قبل عشرين عاماً.
وظائف العمالة في أوروبا مهددة من «الروبوت»
وظائف العمالة في أوروبا مهددة من «الروبوت»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة