كيري يدعو عباس إلى «الصمود» على أمل ألا يبقى ترمب طويلاً

الوزير الأميركي السابق يطالب بـ «خطة سلام خاصة»... والخارجية الفلسطينية تعتبر بنس «صهيونياً»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في لقاء جرى في عمّان في فبراير 2016 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في لقاء جرى في عمّان في فبراير 2016 (غيتي)
TT

كيري يدعو عباس إلى «الصمود» على أمل ألا يبقى ترمب طويلاً

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في لقاء جرى في عمّان في فبراير 2016 (غيتي)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في لقاء جرى في عمّان في فبراير 2016 (غيتي)

طلب وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تقديم خطة سلام خاصة به ومعقولة، من أجل المساعدة في حشد دعم دولي لها، ناصحاً أبو مازن بألا يستسلم للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب، على أمل ألا يبقى في منصبه أكثر من عام.
ونقل كيري رسالته لعباس خلال لقاء سرّي ومطوّل جمعه بحسين الآغا، أثناء لقائهما في لندن.
والآغا أكاديمي لبناني مقيم في لندن، ومقرب من الرئيس عباس، وارتبط اسمه بمحادثات سرية وموازية سابقة جرت في لندن عام 2013 مع إسحاق مولخو، المبعوث الخاص السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكذلك بمفاوضات أخرى جرت بين عامَي 1993 - 1995 مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي يوسي بيلين، الذي كان له دور كبير في اتفاق أوسلو.
وطلب كيري من الآغا نقل رسالة إلى عباس، بأن يثبت على موقفه ولا ينكسر أو يستسلم أمام ترمب، أو يتنازل عن موقفه أمام الضغوط التي تمارسها إدارته، ويحاول أن يشتري الوقت.
وأبلغ الآغا الرئيس عباس برسالة كيري، واصفا إياه بشخص حيوي ومتعطش للمساعدة في تحقيق السلام.
وعرض كيري مساعدته في حشد رأي عام دولي من أجل مساعدة الفلسطينيين على صنع السلام، قائلاً للآغا، إنه «ربما حان الوقت ليحدد الفلسطينيون مبادئ وأسس السلام الخاص بهم، وأن يقدموا خطة إيجابية مقبولة».
ووعد كيري باستخدام علاقاته كافة وجميع قدراته لحشد دعم للخطة الجديدة، بما يشمل دولاً أوروبية وعربية وبقية المجتمع الدولي.
وطلب كيري من الآغا إبلاغ عباس بأن يتوقف عن مهاجمة الولايات المتحدة أو الإدارة الأميركية، وأن يركز فقط على ترمب باعتباره الشخص الوحيد المسؤول عن هذا الوضع.
ونشرت صحيفة «معاريف» تقريراً قالت فيه إن كيري استخدم عبارات مهينة في وصف ترمب.
وقال كيري إن الوضع الحالي يحتاج إلى الصبر والمثابرة لاجتياز هذه الفترة، معبراً عن رأيه بأن ثمة فرصةً ألا يكون ترمب في البيت الأبيض في غضون عام.
وتحدث كيري عن أن مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية وأجهزة الاستخبارات والأمن، وحتى أوساط في الحزب الجمهوري، غير راضين عن الطريقة التي يقود بها ترمب الولايات المتحدة.
وفاجأ كيري ضيفه الآغا عندما قال له إنه يفحص إمكانية ترشحه للرئاسة الأميركية في عام 2020. وعندما سأله الآغا عن سنِّه المتقدمة، أجاب كيري إنه ليس أكبر بكثير من ترمب.
ورسالة كيري الذي كان وزير خارجية إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، جاءت في وقت انقطعت فيه الاتصالات بشكل كامل بين واشنطن والسلطة الفلسطينية بعد اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويسعى عباس الآن، لإطلاق مسار سياسي جديد يقوم على آلية دولية تكون الولايات المتحدة الأميركية جزءاً منها، فقط وليست وسيطاً وحيداً.
ويريد عباس إقامة إطار عمل دولي متعدد، مكوّن من 5 أو 7 دول تدخل في صلب عملية سياسية مع الفلسطينيين والإسرائيليين، على غرار 5 زائد 1 التي وضعت اتفاق النووي الإيراني.
وبدأ عباس العمل على هذا المسار منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وقال في أكثر من مناسبة، إنه لن يقبل بالولايات المتحدة بعد ذلك وسيطاً للعملية السياسية.
وأكد المجلس المركزي لمنظمة التحرير رفضه لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى المدينة، وقال إن الولايات المتحدة فقدت أهليتها لرعاية عملية السلام.
وزاد التوتر بين واشنطن والسلطة الفلسطينية أخيراً، بسبب انضمام السلطة لمؤسسات دولية، ورفض عباس استقبال مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، وقطع الولايات المتحدة مساعدات مخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
واتهمت السلطة الفلسطينية أمس نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بأنه مسيحي صهيوني.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان رسمي: «بنس يُمثِّل المسيحية الصهيونية والكنيسة الأنجيليكية التبشيرية التي تؤمن بعودة المسيح، وتعتقد أن عودته لن تتحقق قبل وجوب سيطرة دولة إسرائيل وتسيّدها، وأن تكون القدس عاصمة لها». مضيفة: «هذا المنطق المسياني التبشيري هو الذي وقف خلف قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، لاعتقاد التيار المسيحي المحافظ، الذي يمثله بنس، بأن ذلك سوف يُسرع في عودة المسيح».
واستشهدت الوزارة بخطاب بنس أمام الكنيست الإسرائيلي، عندما تعهد بافتتاح السفارة الأميركية بالقدس قبل نهاية العام الحالي، وقال إن ترمب «صنع التاريخ وصحح خطأً استمر 70 عاماً باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل».
وقالت الخارجية: «خطاب نائب الرئيس الأميركي خطاب تبشيري يخرج من واعظ دين، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصهيونية ومتشرب لمفاهيم عقائدية مليئة بالعنصرية والكراهية للآخرين».
وتابعت الخارجية: «ما دامت هذه قناعة بنس الدينية، وهو الذي يُعرف نفسه على أنه شخص مسيحي محافظ ينتمي إلى التيار الأكثر يمينيةً في الحزب الجمهوري، فهو يعتقد أنه بهذا الاعتراف قد خدم رسالته الدينية وقناعته. وما دام هذا الشخص جزءاً من صانعي القرار في البيت الأبيض، فسوف يواصل تثبيت أركان هذه القناعات الدينية المتزمتة، المرتبطة بتفوق إسرائيل وهيمنتها على المنطقة، بما فيها السيطرة المطلقة على مدينة القدس. إذن، مشكلتنا ليست في أن الرئيس الأميركي ترمب قد أخذ قراراً سياسياً وحسب، إنما من يمثل حلقة صنع القرار الضيقة في البيت الأبيض، المكوَّنة من عناصر تنتمي للتيار المسيحي الصهيوني، وعناصر يهودية مناصرة لتوجهات اليمين المتطرف في إسرائيل وداعمة للحركة الاستيطانية الاستعمارية. وعليه يُمثل قرار ترمب الأخير نتاجاً طبيعياً لهذا الضغط الصهيوني ببعده المسيحي، أو ببعده اليهودي. فالمشكلة هنا تتركز في التلاقي بين مكونات هذه الحلقة الضيقة وتشكيلة هذه الإدارة وعلاقاتها بالأرض المقدسة التي هي أرض دولة فلسطين، نافيةً وجودَ الآخر، أي الفلسطيني، لأنها لا تراه ضمن هذه الرؤية الصهيونية التبشيرية المسيحية، كما أنها لا تراه ضمن الرؤية الصهيونية اليهودية الاستيطانية الاستعمارية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».