«مرشحو الشهرة» في مصر يبحثون عن الأضواء على باب «الرئاسية»

TT

«مرشحو الشهرة» في مصر يبحثون عن الأضواء على باب «الرئاسية»

مع إعلان فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر، تتوافد إلى مقر الهيئة العليا للانتخابات مجموعة من الراغبين في الترشح للرئاسة، ورغم أنهم لا يبدون معرفة بشروط الترشح ومتطلباته القانونية، فإنهم سعياً وراء الشهرة والظهور الإعلامي، يقفون أمام أضواء الكاميرات ويدلون بتصريحات ووعود انتخابية خيالية، منها ما قاله أحدهم، من أنه ينتوى توزيع 10 ملايين جنيه على كل مصري. وارتبطت ظاهرة «مرشحي الشهرة» بأول انتخابات رئاسية تعددية في عام 2005، ثم تكررت في الانتخابات الرئاسية عام 2012؛ لكنها حالة موجودة في مختلف دول العالم، وتوصف بـ«المرشحين المهرجين».
وقال أستاذ الإعلام بالجامعة الأميركية، الدكتور حسين أمين، إن «تلك الظاهرة أمر متعارف عليه في العالم، ويطلق على أصحابها وصف (المهرجين). وهم عادة أشخاص يسعون وراء جذب الانتباه، وإثارة الاهتمام حول أشخاصهم، وعادة ما يدرك الناس حقيقة هؤلاء المهرجين ولا يعيرونهم اهتماماً».
ورغم عدم تقدم أي من المرشحين المحتملين للرئاسة بأوراق ترشحه إلى اللجنة العليا للانتخابات حتى الآن؛ فإن هناك من توجه إلى مقر اللجنة لمخاطبة وسائل الإعلام لإعلان رغبته في الترشح، باعتباره أحد حقوقه القانونية، ودون النظر إلى شروط الترشح الأخرى، وهي - وفقاً للدستور - تُلزم بأن يحصل الراغب في الترشح على تأييد 20 عضواً على الأقل من مجلس النواب، أو جمع 25 ألف توكيل من المواطنين في 15 محافظة على الأقل، بحد أدنى ألف توكيل من كل محافظة.
واعتقاداً منهم بأن الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل، أو وعود انتخابية وردية؛ بل حتى مستحيلة، قد يجلب لهم الشهرة، يتوافد بعض المواطنين على مقر الهيئة الوطنية للانتخابات، ويقفون أمام الكاميرات بثقة، مطلقين وعوداً تؤكد عدم خبرتهم أو معرفتهم بما يتحدثون عنه، فنجد أحدهم يعلن عن نيته «الإفراج عن المحبوسين دون وجه حق، وتخفيض أسعار السلع».
أما محمد فوزي، فتعهد بالقضاء على الدروس الخصوصية، وحل أزمة سد النهضة. بينما وعد أحمد زكي بتحرير القدس، وتوزيع 10 ملايين جنيه على كل مواطن مصري حال فوزه بالرئاسة. أما محمد عوض، فزف للكاميرات نيته «وقف العمل بالدستور، والعمل على تطبيق شرع الله»، فضلاً عمن تحدث عن هتلر باعتباره مثله الأعلى.
ويشرح أستاذ الإعلام، أن الانتخابات الرئاسية تكون بمثابة «فرصة لاستغلال الإعلام في الحصول على أهمية نسبية داخل المجتمع، وتحقيق شهرة مصطنعة، عادة ما تزول سريعاً، حيث تنهار مثل جبل الرمل». ويشير رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مكرم محمد أحمد، إلى أن «هذه الشخصيات موجودة في كل انتخابات، وتدخل إلى الساحة على سبيل الفكاهة، مستهدفة الشهرة».
وإذا كان هدف بعض الراغبين في الترشح هو الشهرة، فإن شخصيات أخرى تنال نصيباً من الوجود فعلاً عبر مجالات أخرى غير سياسية، طرقت باب «الرئاسية»، ومنهم فنانة مثيرة للجدل هي سما المصري، التي قالت إنها ستعلن برنامجها الانتخابي قريباً، قبل أن تعود وتتراجع.
وأعاد إعلان سما المصري للأذهان إعلاناً مشابهاً للمطرب الشعبي سعد الصغير، الذي توجه إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات عام 2012 بصحبة فرقة موسيقى شعبية، لتقديم أوراقه والمنافسة على منصب رئيس الجمهورية، ورفضت اللجنة العليا للانتخابات، آنذاك، قبول أوراق ترشحه، لعدم استيفاء المستندات. وأطلق الصغير تصريحات مثيرة للسخرية، قال فيها إن «مصر حكمها طيار لمدة 30 عاما (في إشارة إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك) فما المانع من أن يحكمها شخص قريب من الناس».
ويشرح حسين أمين دوافع الترشح غير الجاد بقوله، إن «البعض يسعى من خلال إعلان نيته إلى إضفاء شرعية سياسية على وجوده الإعلامي، وخلق صورة ذهنية معينة لدى المصريين»، مشيراً إلى أنه «عادة ما يقدم على ذلك من يعاني من ضعف سجله المهني، أو بعض غير الأسوياء نفسياً».
وأثارت ظاهرة الباحثين عن الشهرة، دعوات لمطالبة وسائل الإعلام بوضع قواعد لنشر الأخبار المتعلقة بالأشخاص غير الجادين في الترشح لانتخابات الرئاسة، الذين يسعون من خلال حديثهم إلى إثارة الرأي العام، وتحقيق مكاسب شخصية، وهو ما يعارضه، أستاذ الإعلام بالجامعة الأميركية، بالتأكيد على أنه «لا يمكن منع أي شخص من الترشح، فهذا حق يكفله القانون، كما لا يمكن منع نشر مثل هذه الأخبار؛ لكن ربما يكون من الملائم أن يصدر المجلس الأعلى للإعلام توجيهات بالحذر من التعامل مع مثل هذه الشخصيات المريضة التي تحاول استغلال وسائل الإعلام لتحسين صورتها».
وطالب أمين المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، بوضع قواعد تنظم تغطية العملية الانتخابية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.