«الوفاق» الليبية تحقق في مقاطع فيديو جديدة لتعذيب مهاجرين

الخارجية السودانية تستدعي السفير الليبي احتجاجاً على تعذيب مواطنيها في بلاده

TT

«الوفاق» الليبية تحقق في مقاطع فيديو جديدة لتعذيب مهاجرين

استدعت الخارجية السودانية القائم بأعمال السفارة الليبية في الخرطوم، واحتجت على تعذيب مواطنين سودانيين في الدولة المضطربة، من قبل تجار بشر، فيما سعت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، إلى احتواء موجة غضب أفريقية ودولية جديدة بفتح تحقيق بشأن مقاطع فيديو متداولة تُظهر تعرض مهاجرين أفارقة للتعذيب من قبل مجهولين.
وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي الأيام الماضية، فيديوهات لمشاهد تعذيب بشعة لأشخاص يشتبه أنهم سودانيون في ليبيا، وشوهد ملثم يتكلم اللهجة الليبية، وهو يسقط اللهب من آلة لحام، على رَجُلٍ وهو يتلوى من الألم. كما تناقلت تسجيلات صوتية، بين رجال العصابة، وأسرة ضحية من الضحايا، يطالب فيها بتسديد مبلغ 120 ألف جنيه سوداني، (6 آلاف دولار)، وفي حال عدم دفعها، سيواصل رجال العصابة تعذيبه حتى الموت.
وقالت الخارجية السودانية في بيان أمس، إنها استدعت القائم بالأعمال الليبي بالخرطوم علي مفتاح، إلى رئاسة الوزارة واستفسرت بشأن احتجاز مجموعة من المواطنين السودانيين داخل الأراضي الليبية في ظروف قاسية، وتعرض بعضهم لمعاملة وحشية.
وقال البيان الموقع باسم الناطق الرسمي للخارجية السودانية قريب الله الخضر، إن السفير أحمد محجوب شاور مدير عام الإدارة القنصلية، أبلغ القائم بالأعمال الليبي «رفض الوزارة للأساليب اللاإنسانية وغير الأخلاقية في معاملة مجموعة المواطنين السودانيين»، موضحاً أن «سفارتنا بطرابلس تواصلت منذ الوهلة الأولى مع أرفع القيادات بحكومة الوفاق الوطني والأجهزة المختصة ولا تزال تتابع معهم بصفة مستدامة».
وأبلغ القائم بالأعمال الليبي الخارجية أسفه واعتذاره البالغ باسم بلاده «لهذا الأمر المخجل»، ووصفه بأنه «لا يشبه قيم وأخلاقيات الشعب الليبي»، وأوضح أن عصابات وجماعات متفلتة تقف وراء هذه العمليات، وفي مناطق تقع خارج سيطرة الحكومة الليبية، ووعد بنقل الرسالة فوراً لحكومته.
وقطعت الخارجية بأن متابعة سفارتها والأجهزة المختصة التابعة لها في العاصمة الليبية طرابلس، استطاعت تحديد مكان الاحتجاز، وأن العمل جار من أجل تحرير المواطنين السودانيين الذين يتعرضون للتعذيب بـ«أعجل ما يمكن بطريقة آمنة لضمان سلامتهم».
وتعد ليبيا بوابة للهجرة غير الشرعية عبر المتوسط إلى أوروبا، وتنشط فيها عصابات لتهريب البشر، وتفرض رسوما كبيرة على المهاجرين غير الشرعيين، وحال عجزهم عن تسديد التزاماتهم المالية، يتعرضون لتعذيب قاس يصل حد «الاسترقاق» كما كشفت عن ذلك تقارير صحافية. وتتعرض أسرهم لابتزاز وتهديد بمواصلة تعذيبهم، بل وقتلهم حال فشلها في تسديد الإتاوات التي تفرض عليها مقابل تحرير أبنائها. وعادة تطالب عصابات تهريب البشر بعشرات الآلاف من الدولارات مقابل وقف التعذيب وإطلاق سراح المحتجزين، أو نقلهم عبر المتوسط إلى أوروبا.
من جهتها سعت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، احتواء موجة غضب أفريقية ودولية جديدة بفتح تحقيق بشأن مقاطع فيديو متداولة تُظهر تعرض مهاجرين أفارقة للتعذيب من قبل مجهولين. وسعت وزارة الخارجية بحكومة السراج إلى احتواء موجة غضب أفريقية ودولية جديدة، وأعلنت أنها كلفت أجهزة الأمن والقضاء الليبية بفتح تحقيق بشأن مقاطع فيديو متداولة تُظهر تعرض مهاجرين أفارقة للتعذيب من قبل مجهولين. ودعت الوزارة الجهات الأمنية إلى «اتخاذ التدابير كافة وفي أسرع وقت للتحقيق في هذه الانتهاكات وإحالة مرتكبيها إلى القضاء».
وبعدما أدانت الوزارة في بيان لها ما وصفته بـ«الأفعال الإجرامية المشينة اللاإنسانية، التي تعرض لها بعض الأشخاص، والتي وردت في بعض المقاطع المرئية، والمزعوم أنها تمت على الأراضي الليبية»، لفتت إلى صدور تعليمات من حكومة السراج «للتحقيق في أي أفعال مشينة تمس كرامة المهاجرين الأفارقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».