لقاء السيسي وديسالين يثمر اقتصادياً... وتطمينات بعدم إضرار «النهضة» بمصر

الرئيس المصري: قلقون من جمود الدراسات الفنية للسد... ويجب استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلا ميريام ديسالين (صفحة الرئاسة على «فيسبوك»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلا ميريام ديسالين (صفحة الرئاسة على «فيسبوك»)
TT

لقاء السيسي وديسالين يثمر اقتصادياً... وتطمينات بعدم إضرار «النهضة» بمصر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلا ميريام ديسالين (صفحة الرئاسة على «فيسبوك»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلا ميريام ديسالين (صفحة الرئاسة على «فيسبوك»)

أثمرت مباحثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلا ميريام ديسالين، اتفاق الجانبين على توسيع مجال التعاون الاقتصادي بين البلدين، وسط تأكيد «على حل المشكلات المتعلقة بسد النهضة».
وأعلن السيسي في مؤتمر صحافي مع ديسالين، عقب لقائهما في قصر الاتحادية، أمس، عن «إقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا، والتعاون في مجالات الاستثمار الزراعي، والثروة الحيوانية، والمزارع السمكية، والصحة، فضلاً عن تكثيف الجهود لزيادة حجم التبادل التجاري، بما يؤدي لتعزيز التكامل الاقتصادي»، متابعاً: «لقد تباحثنا اليوم (أمس) حول فرص زيادة التعاون بين البلدين، خاصة في ظل اهتمام القطاع الخاص المصري بزيادة استثماراته في السوق الإثيوبية، واتفقنا على تقديم التسهيلات الممكنة بغرض دعم تلك الاستثمارات».
وقال: «تناولت مع شقيقي رئيس وزراء إثيوبيا موضوع التعاون المشترك في إطار دول حوض النيل»، مشيراً إلى أن «إيمان مصر بحق إثيوبيا وكل الدول الشقيقة وشعوب العالم في التنمية».
ونوه السيسي إلى أن «حوض نهر النيل يتمتع بموارد وإمكانات هائلة تجعله مصدراً للترابط والبناء والتنمية، وليس للصراع، في ظل ما يتوفر من آفاق للتعاون في مجالات الربط الكهربائي، والزراعة والتصنيع، والاستثمار، والتبادل التجاري، من خلال إعمال مبدأ المنفعة المشتركة».
وتحدث عن أهمية زيارة ديسالين إلى مصر، وانعقاد اللجنة المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين، وقال: إنها «لا تقتصر على فرص تعزيز التعاون بين البلدين»، وإنما «باعتبارها إشارة واضحة لشعوبنا وللعالم أجمع على ما لدينا من إرادة سياسية وعزم على تجاوز أي عقبات قد تكتنف تطوير العلاقات بيننا».
واستكمل: «لعل أخي رئيس الوزراء يشاركني الارتياح لما شهدته اجتماعات اللجنة المشتركة على مدار الأيام الماضية من رغبة صادقة لدى الجانبين في تعزيز التعاون، أدت للتوصل إلى توافق على عدد من الأطر والتعهدات في مجالات التعاون الصناعي، فضلاً عن مذكرة تفاهم في مجال التشاور السياسي والدبلوماسي نعول على أن تكون أداة مهمة لتفعيل ومتابعة تنفيذ مختلف أوجه التعاون بين البلدين».
وضرب السيسي مثلاً بتجارب السابقين على احتواء الخلافات حول المياه، وقال: «لدينا من تجارب أحواض الأنهار الدولية الأخرى نماذج ناجحة عديدة، استطاعت الدول المتشاطئة لها تقاسم المنافع، وتجنب الإضرار بأي طرف... هذه التجارب تأسست على تجنب قيام أي طرف بتصرفات أحادية، والاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي المنظمة لاستخدامات المياه في تلك الأنهار». ومضى يقول: «حرصنا خلال المناقشات، على التأكيد أن نموذج التعاون في حوض نهر النيل لا يجب أن يكون معادلة صفرية، وإنما قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء لشعوبنا، من خلال التعاون وتفهم شواغل الطرف الآخر، خاصة إذا تعلق ذلك بشريان الحياة الرئيسي لشعب يتجاوز عدد سكانه المائة مليون نسمة، ويعتمد بشكل رئيسي على هذا النهر كمورد للمياه».
وأعرب السيسي عن «القلق البالغ من استمرار حالة الجمود» التي تعتري المسار الفني الثلاثي المعني بإتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة للسد على دولتي المصب وكيفية تجنبها»، مؤكداً ضرورة أن تعمل الأطراف الثلاثة في أسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود الحالية لضمان استكمال الدراسات المطلوبة، باعتبارها الشرط الذي حدده اتفاق إعلان المبادئ الموقع بينهم عام 2015؛ للبدء في ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله سنوياً».
ونقل السيسي تأكيد إثيوبيا الدائم «على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية»، مستدركاً: «إلا أنه من الضروري إدراك أن السبيل الأمثل والوحيد لترجمة ذلك هو استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها، بما يضمن تجنب أي آثار سلبية للسد على دولتي المصب».
وذكّر السيسي بأهمية استئناف المسار الفني لسد النهضة، وقال: إن «مصر طرحت بشكل عاجل على الأشقاء في إثيوبيا والسودان اقتراح مشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث». وانتهى السيسي بالإشارة إلى «توجه مصر الاستراتيجي لترسيخ المصلحة المشتركة مع إثيوبيا في كافة المجالات»، وقال: «لن نألو جهداً في سبيل تحقيق ذلك».
في السياق، قال رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلا ميريام ديسالين، إن «مصالح مصر لن تتعرض للخطر»، لافتاً إلى أنه تم قطع شوط كبير في قضية سد النهضة بين البلدين على مدار السنوات الثلاث السابقة منذ تولى الرئيس السيسي السلطة». وأضاف: «ما يهمنا هو روح التفاهم التي تسود فيما بيننا الآن، ومن الطبيعي أن تكون هناك بعض الاختلافات»، متابعاً: «الخلافات دائماً تنشأ عند الحوارات والمناقشات، وأعتقد أنه يمكن بالحكمة المصرية والإثيوبية والأفريقية التغلب عليها بنوع من الحب والمحبة لصالح البلدين».
ولفت ديسالين إلى أن «أجندة بلاده تستهدف القضاء على الفقر... وهذا لا يمكن أن يحدث من خلال الإضرار بالآخرين، لكن عبر خلق موقف يحقق المكاسب للبلدين؛ لأنه إذا تأخرت مصر فإن إثيوبيا بالتالي ستتأخر والعكس صحيح».
وقال: «نتطلع إلى السلام، ويجب أن نكافح التطرف والإرهاب سوياَ، فمن دونه لا يمكن أن ننمو ونتطور، ونريد أن نتحول إلى الديمقراطية في بلداننا... تلك هي بنود جدول أعمالنا وليس لدينا أهداف أخرى». واختتم ديسالين قائلاً: «لا بد أن نتعامل من أجل تحقيق تلك القيم والأهداف المشتركة فيما بيننا؛ هذا ما جعلنا نتقابل سوياً لمناقشة تلك المشكلات، بالإضافة إلى القضايا الفنية الأخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.