تكهنات سودانية بعودة طه إلى الواجهة يؤجج صراع أجنحة الحكم

الشارع منشغل بشائعات بينها استقالة غندور وغضب رئاسي على بعض رجال السلطة التنفيذية

عثمان طه برفقة الرئيس عمر البشير في صورة أرشيفية أثناء عودتهما من قمة أفريقية (أ.ف.ب)
عثمان طه برفقة الرئيس عمر البشير في صورة أرشيفية أثناء عودتهما من قمة أفريقية (أ.ف.ب)
TT

تكهنات سودانية بعودة طه إلى الواجهة يؤجج صراع أجنحة الحكم

عثمان طه برفقة الرئيس عمر البشير في صورة أرشيفية أثناء عودتهما من قمة أفريقية (أ.ف.ب)
عثمان طه برفقة الرئيس عمر البشير في صورة أرشيفية أثناء عودتهما من قمة أفريقية (أ.ف.ب)

ينشغل الرأي العام السوداني، وعلى وجه الخصوص «الإعلام الحديث»، هذه الأيام بتغييرات «جذرية» محتملة في الطاقم الحاكم في البلاد، من قبيل عودة النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه ليشغل منصب رئيس الوزراء، واستقالة وزير الخارجية إبراهيم غندور وإحلال سفير السودان في فرنسا مطرف صديق بديلاً له، وغيرها من «انشغالات» شبيهة، وغضب رئاسي على بعض رجال السلطة التنفيذية.
مقابل هذا، التزمت الدوائر الحزبية والتنفيذية التابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم صمتاً مريباً، هي ليست معتادة عليه، ولم تعلق رسمياً على أي من «المعلومات» المتداولة في الصحف، أو منصات التواصل الاجتماعي التي يصدف أن كثيرين منهم يشاركون فيها. بل تجاهلت حتى «مذكرات» بتوقيع عضوية الحزب الحاكم تطالب بإقالة وزراء القطاع الاقتصادي «المالية، بنك السودان، التجارة، الاستثمار» لفشلها - حسب المذكرة من الموقعة من شباب في الحزب الحاكم – في معالجة اعتلالات الاقتصاد السوداني، وانعكاسات ذلك على الأوضاع المعيشية والاجتماعية للمواطنين.
وعلى غرار وسائط التواصل الاجتماعي، اختلف المحللون حول تفسير التداول، وسكوت القصر ومجلس الوزراء والحزب الحاكم عليه، وصفه بعضهم بأنه «بالونات اختبار» تطلقها جهة محددة لمعرفة رد الفعل الشعبي والحزبي، واعتبرها آخرون آخر «نوايا» حقيقية تسربت أو سربت عن قصد، واستهلالاً مبكراً لمعركة انتخابات الرئاسة المزمعة في 2020.
يقول عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي (حزب الترابي) كمال عمر: إن ما يحدث جزء منه «بالون اختبار»، لكن أصله هو «تمكين» الرئيس مجدداً، ويضيف: «الحديث عن عودة علي عثمان مجدداً، أسبابه أن الرجل يعرف نقاط القوة والضعف في السلطة، ويعمل بقوة على إعادة ترشيح الرئيس لدورة انتخابية ثالثة». لكن محللاً سياسياً «مقرباً من القصر» طلب عدم كشفه، نفى لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون لهذه المعلومات أي علاقة بترتيبات إعادة ترشيح الرئيس البشير في الانتخابات المقبلة، وقال: «عودة علي عثمان غير واردة»، وتابع: «الطاقم الحالي هو أحسن ما عند الرئيس».
وكانت صحف سودانية قد ذكرت الأسبوع الماضي، أن هناك احتمالات قوية بإعادة النائب الأول للرئيس السابق على عثمان محمد طه، الذي أطيح به ونديده مساعد الرئيس السابق نافع علي نافع في ديسمبر (كانون الأول) 2013، مجدداً للجهاز التنفيذي. الصحف لم تذكر دواعي وتفاصيل التغيير المزعوم، لكن منصات التواصل الاجتماعي، ذكرت أن إعادة الرجل الذي شغل مناصب عدة في دست الحكم منذ انقلاب يونيو (حزيران) 1989، للأضواء سببها فشل رئيس الوزراء الحالي بكري حسن صالح، وخلاف بين الرئيس ونائبه الأول رئيس الوزراء.
لكن عمر يحرر أسباب احتمالات إعادة طه «بأنه يعرف نقاط القوة والضعف» في السلطة، إضافة إلى استعداده لتوظيف هذه المعرفة لإعادة ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة، ضد المركز الثاني بزعامة مساعد الرئيس الأسبق نافع علي نافع الذي يريد السلطة لنفسه. ويوضح أن عوامل تدفع طه لتقديم الرئيس وترجيح كفة منافسيه، ليس لقطع الطريق على منافسه نافع ومجموعته للسلطة؛ لذا سيوظف كل قدراته و«دهاءه» لتثبيت الرئيس، ولا سيما أن أطماعه هو بخلافة البشير قد تضاءلت كثيراً.
ووفقاً لعمر، يطمح رجل الإسلاميين السابق لإعادة لملمة مجموعته بعد أن تناثرت بإبعاده للأضواء، يقول: «سبقهم في العودة عوض الجاز، وتسلم ملفات الخارجية ببعديها الدبلوماسي والاقتصادي، وفي حال تعيين مطرف صديق وزيراً للخارجية، فستكتمل حلقات مجموعة طه مقابل تضاؤل نفوذ مجموعة نافع.
ويرى عمر في عودة طه، تنشيطاً للمجموعة المعروفة بـ«أولاد نيفاشا»، وهي المجموعة التي أنتجت اتفاقية السلام السودانية، التي أدت لانفصال جنوب السودان ومعها المجموعات المتشددة، يقول: «إذا حدث هذا، سيعود أولاد نيفاشا، ومجموعات العمل الخاص المسنودون بقوى أمنية قوية، بما يفتح الباب لدخول التيار المتشدد مجدداً». ويبدي عمر دهشته للصمت الذي تمارسه السلطات بمواجهة هذه المعلومات، ويضيف: «إنهم يعملون لتغيير معادلة الصراع الداخلي، لصالح الرئيس البشير»، ويضيف: «التسريبات الإعلامية بالونات اختبار، وفي الوقت ذاته أدوات تنفيس للاحتقان الداخلي، وإشارات للسيناريو المحتمل». ويوضح عمر أن إقالة أو استقالة وزير الخارجية إبراهيم غندور، رغم أنه محسوب على مجموعة الرئيس، يعود لكونه بلا سند داخل المجموعات المتنافسة، ويتابع: «هو رجل مشهود له بالانفتاح، وينفذ ما يطلبه الرئيس، لكنه بلا سند داخل مراكز القوى المتصارعة في الطاقم الحاكم، فاستغنى عنه الرئيس».
بدوره، نفى مصدر «الشرق الأوسط» المقرب من الرئاسة، ما توصل إليه عمر حول إعادة طه مجدداً، وقال: «عودة علي عثمان غير واردة إطلاقاً»، بيد أنه وافقه على تفسير أسباب مغادرة وزير الخارجية لمنصبه، وقال: «لو ذهب غندور فذلك لأن الرئيس غاضب عليه؛ لأنه تحدث عن سحب صلاحياته، وهذا لا يعجب الرئيس لأنه استنكار لقراراته، فهو يرى أنه مسؤول عن الدبلوماسية، ويكلف من يشاء بالملف الذي يشاء».
وتقف بين هذين الموقفين تحليلات أخرى حائرة، فالمعلومات شحيحة، والظروف الدافعة للتغيير عنيفة، وتشبث الحزب الحاكم بالسلطة قوياً، وخشيته من فقدانها كبيراً؛ ما يرجح احتمال تعديل الدستور لتتاح للبشير دورة رئاسية ثالثة، لكن أزمة الخبز والغلاء والاحتجاجات الشعبية، قد تقلب الطاولة على الجميع في لحظة مفصلية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.