كشف د. يعقوب لوزبيك، المسؤول السابق في أرشيف الدولة العبرية، أن هناك نحو مليوني وثيقة سرية في خزانات محكمة الإغلاق ترفض السلطات الإسرائيلية كشفها، خوفا من ردود الفعل السياسية. وترتبط معظم هذه الوثائق بالصراع الإسرائيلي - العربي، وقرارات الحكومة، وممارسات الجيش والمخابرات، التي تنطوي على بعض مظاهر دوس حقوق مواطني إسرائيل العرب (فلسطينيي 48) وبقية الفلسطينيين. وقال لوزبيك إنه من بين نحو ثلاثة ملايين ملف في أرشيف الدولة، تتعلق بأبحاث وقرارات الحكومة ومؤسساتها، والتي بات من الممكن فتحها حسب القانون، تم فتح نحو 550 ألف ملف فقط أمام الجمهور. ومن بين مليون و145 ألف ملف عام في الجيش تم فتح نحو 50 ألف ملف فقط. وحذر لوزبيك من أن «وتيرة ازدياد غلق الملفات أضحى أكبر بكثير من وتيرة فتحها»، مضيفا أن الوضع يعد أخطر من ذلك في تنظيمات الاستخبارات «وأمثالها» (يقصد الشاباك والموساد). «فهناك كل شيء مغلق... وفي ظل هذا الوضع لا توجد أي فرصة لفتح غالبية مواد الأرشيف في يوم ما».
وانتقد لوزبيك بشكل غير مسبوق جهات عديدة تمس بعمل الأرشيف، حسب أقواله، وفي مقدمتها الرقابة العسكرية. وفي تقرير شديد اللهجة، نشره لوزبيك أمس، لخص المشاكل التي تواجه أرشيف الدولة الخاضع لديوان رئيس الحكومة، والذي أداره خلال السنوات الأخيرة، وقال إن «إسرائيل لا تعالج مواد الأرشيف كما يتوقع من دولة ديمقراطية»، مبرزا أن غالبية المواد المحتفظ بها في الأرشيف لن يتم كشفها أبدا للجمهور، وأن النسبة القليلة المتبقية «سيتم فتحها، وفق قيود غير معقولة»، ومن دون أي رقابة عامة أو شفافية.
كما هاجم لوزبيك «الدولة التي تستخدم ذريعة «أمن الدولة» لإخفاء مواد أرشيفية عن الجمهور، وحتى تلك التي لا توجد أي صلة بينها وبين الأمن».
وغالبا ما تستخدم الحكومة الذرائع الأمنية من أجل إخفاء مواد يمكن أن تحرجها، كالمس بحقوق الإنسان، أو الأعمال التي جرت نيابة عن الدولة وباسمها، والتي لا تفاخر بها. وفي هذا الشأن كتب لوزبيك في تقريره أنه «لا يجوز في بلد ديمقراطي إخفاء المعلومات فقط لأنها قد تحرج الدولة. هذا ممنوع لأن ممثلي إسرائيل المنتخبين، والمسؤولين والجنود والدبلوماسيين أو الجواسيس، يعملون باسم مواطني الدولة ومن أجلهم، ومن الواجب الديمقراطي الأساسي السماح للمواطنين بالتعبير عن رأيهم بشأن تصرفات ممثليهم»، وشدد على أنه «لن يتضرر أحد من كشف الحقيقة التاريخية، وحتى الأحداث غير اللطيفة في تاريخ الدولة. فالإسرائيليون ارتكبوا جرائم حرب هنا وهناك، و«الشاباك» كان ضالعا في جهاز التعليم في القطاع العربي. وقد عالجت إسرائيل مواطنيها العرب بطريقة لا تشرف دولة ديمقراطية (وغيرهم من المدنيين). وإذا كانت إسرائيل تقوم بأشياء ترفضها المحاكم في إسرائيل أو في العالم، فمن المناسب أن يعرف مواطنو الدولة هذا الأمر، ويقرروا ما إذا تم ذلك بموافقتهم أم لا».
وخلص لوزبيك إلى أن «الكشف عن الحقائق بشأن السلوك هو شرط أساسي لوجود مجتمع ديمقراطي، وليس خطرا يجب منعه بواسطة منع المعلومات». وفي هذا السياق، هاجم لوزبيك، أيضا، مدة فترة التقييد على نشر الوثائق الأمنية، وتساءل «لماذا تم إغلاق الوثائق الأمنية لمدة 50 عاما؟».
وأشار لوزبيك ضمن أمور أخرى إلى محاضر اجتماعات اللجنة الوزارية المعنية بأمن الدولة في 1967 التي كشفت هذا العام بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لحرب الأيام الستة. وقال إنه «أثناء القراءة يمكن للمرء أن يتساءل: هل هناك شيء من الممكن أن يضر بأمن الدولة عند كشفه، بعد مرور 40 عاما، أو حتى 30؟ هذا مشكوك فيه».
ويقترح لوزبيك إعادة النظر في تدخل الرقيب العسكري في أنشطة أرشيف الدولة، بقوله «من المناسب إجراء نقاش عام حول فرضية كون الرقابة تتعلق بمواد حدثت منذ عقود»، مضيفا أن «حقيقة قرار الدولة التي تتواجد في حالة صراع مستمر، بفرض رقابة من أجل حماية المصالح التكتيكية الفورية أمر مؤسف، ولكن يمكن الدفاع عنه. وتطبيق سلطة الرقابة على القضايا التي لا يمكن أن تشمل معيارا عسكريا فوريا هو عمل لا مثيل له في العالم الديمقراطي».
إسرائيل تحجب مليوني وثيقة سرية خوفاً من تداعياتها
معظمها يتعلق بدوس حقوق الفلسطينيين وتجاوزات الجيش والمخابرات
إسرائيل تحجب مليوني وثيقة سرية خوفاً من تداعياتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة