مصر والصين تعرفان الأجيال الجديدة بـ«الصناعات الثقافية»

معرض في القاهرة يفتح قنوات مشتركة بين الفنانين والجمهور

مشاركة مصرية تعرض المنتجات اليدوية في المعرض
مشاركة مصرية تعرض المنتجات اليدوية في المعرض
TT

مصر والصين تعرفان الأجيال الجديدة بـ«الصناعات الثقافية»

مشاركة مصرية تعرض المنتجات اليدوية في المعرض
مشاركة مصرية تعرض المنتجات اليدوية في المعرض

تأكيداً للتلاقي الثقافي بين القاهرة وبكين، تحتضن العاصمة المصرية معرض «الصناعات الثقافية مصر ـ الصين» في دورته الثانية، الذي يهدف إلى التعريف بالحرف اليدوية والفنون التراثية بين البلدين، وكيفية نقل التراث من جيل لجيل، وفتح قنوات تواصل مشتركة بين الصناع والفنانين والجمهور.
يشمل الجناح المصري منتجات أصحاب الحرف التقليدية، وعلى رأسها الحلي، والخزف، والجص، والزجاج المعشق، والجبس، والنجارة، وأعمال النحاس، كما يضم كذلك أعمال أساتذة من كليات الفنون التطبيقية والتربية الفنية في مجالات الغرافيك، والخزف، والنحت، والزجاج، والحلي المعدنية والزجاجية، والنسيج، والطباعة، والمعادن، والأشغال الفنية، وأشغال الخشب، بالإضافة إلى سوق للحرف التراثية يتضمن منتجات تراثية من العريش، وبئر العبد، وأسوان، والنوبة، وسوهاج، وحلايب وشلاتين، بالإضافة لمنتجات المرأة البدوية.
أمّا الجناح الصيني فيشمل مقتنيات تراثية ومنتجات يدوية ولوحات تشكيلية وأعمالاً فنية لعدد من كبار الفنانين والحرفيين من الصين، وتتضمن ورشاً تفاعلية أمام الجمهور الزائر للخط والخزف والتطريز على الحرير.
خلال الافتتاح، قال حلمي النمنم وزير الثقافة المصري السابق، إن هذا المعرض هو استمرار للقاءات ومعارض سابقة، أقيمت سواء في القاهرة أو في عدد من المدن الصينية، خلال العام الثقافي المصري الصيني، مؤكداً أنّ النجاح الذي حققه بداية لعلاقات ثقافية وفنية بين البلدين.
وأوضح أنّ المعرض يقوم على الحرف الثقافية والتراثية، ويحقق نقلة نوعية، ويؤكد على أنّ التراث ليس مجرد أرشيف أو مخزن، ولا بدّ أن ينتج عنه صناعات ثقافية حياتية، وعبر عن سعادته بالمنتجات التي قدمها صناع ماهرون من مصر، كذلك الحرف التراثية الصينية التي برعوا فيها، وأشار إلى أنّ هذا التلاقي الثقافي بين البلدين سيكون له مردود حضاري ليس فقط على مستوى العلاقات بين البلدين، ولكن أيضاً على المستوى الإنساني كله.
أمّا سونج أي قوه، سفير الصين لدى مصر، فقال إن هذا المعرض مختلف، حيث يعتمد على الثقافة كصناعة، معرباً عن فخره بالتراث الثقافي الذي أصبح ركيزة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، من خلال تبادل العديد من أوجه التعاون المختلفة، التي من شأنها تعريف الشعبين ببعضهما، مشيراً إلى أنّه من المهم أن تتابع الأجيال في البلدين كيف يُنقل التراث، وأن يتواصلا في العديد من المجالات.
من بين المعروضات بالجانب الصيني الذي زارته «الشرق الأوسط»، تبرز أعمال التطريز بالحرير التي يقول عنها أحد العارضين إن «فن التطريز توجد منه أنواع مختلفة، لكن يبرز منه تطريز مقاطعة تشجيانغ، وتحديداً أعمال مدام ليو لا وأسرتها، التي تتوارث هذا الفن منذ 4 أجيال حيث يتميزون بالمهارة في هذا النوع من التطريز الذي تُستخدم فيه الإبرة والقماش، ونحو 75 لوناً من الخيوط المصنوعة من الحرير، وهذه المنتجات تستخدم للزينة وكهدايا بين الصينيين».
كذلك يضم الجناح لوحات الرسام الصيني تشينغ ين، وهي رسومات تتنوع بين الشخصيات الصينية والمناظر الطبيعية، خصوصاً الطيور والزهور.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض