أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، أول من أمس، عدم مشاركته في الانتخابات النيابة العامة في محافظة كركوك، احتجاجاً على ما وصفه بيان صادر عن الحزب بـ«استمرار احتلال كركوك»، في إشارة إلى سيطرة الحكومة الاتحادية على كركوك في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإخضاع المحافظة لإدارة بغداد بعد إدارتها من قبل الأكراد لسنوات طويلة بعد 2003.
وطالب الحزب، في بيانه، المواطنين الكرد في كركوك بدعم القرار، ومقاطعة الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في منتصف مايو (أيار) المقبل في المحافظة.
ولعل مقاطعة «الحزب الديمقراطي» للانتخابات في محافظة كركوك تشير إلى حالة من الإرباك تمر بها القوى الكردية نتيجة التداعيات السياسية والاقتصادية التي تركها استفتاء الاستقلال على عموم المشهد الكردي. وفي مقابل آراء تتحدث عن خشية «الحزب الديمقراطي» من تعرضه لخسارة كبيرة في حال خوضه المنافسة الانتخابية في كركوك مع بقية الأحزاب الكردية، تؤكد النائبة عن «الحزب الديمقراطي» نجيبة نجيب «عدم الخوف من الخسارة، لكن لدينا أولويات قومية، والامتناع عن المشاركة ينطلق من عدم القبول بالأوضاع الحالية، وسنعود للمحافظة بعد إعادة الأمور إلى نصابها».
وتقول نجيب في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر من 200 ألف مواطن تركوا كركوك، وقامت قوات الجيش والحشد باحتلال مقرات الحزب الديمقراطي، ولا يمكن أن نشارك في الانتخابات في ظل هذه الظروف، ومشاركتنا تعني قبولنا بهذه الأوضاع». وبشأن ما يتردد حول رغبة الأكراد بتأجيل الانتخابات، والسعي لعرقلة إقرار مشروع الموازنة الاتحادية، أشارت نجيب إلى أن «الأكراد مع إجراء الانتخابات، وليس هناك رابط بين إجرائها وإقرار الموازنة، لأن انتخابات 2014 أجريت حتى مع عدم إقرارها».
ويرى مراقبون للشأن الكردي أن المعطيات الحالية على الأرض في إقليم كردستان قد تكشف عن أن التماسك الذي طبع تحالفات الكرد سابقاً أصبح اليوم موضع شك، ويرون أن استفتاء الاستقلال الذي جرى في سبتمبر (أيلول) الماضي، وما نجم عنه من تداعيات، ألقى بظلاله القاتمة على عموم المشهد الكردي، لجهة الانقسام الحاد داخلياً بين أحزابه المختلفة من جهة، ومستقبل تلك الأحزاب خارج الإقليم وعلاقتها في بغداد من جهة أخرى. وفي هذا الاتجاه، يؤكد الصحافي الكردي هفال زاخوي «حالة التصدع الكبير التي أحدثها الاستفتاء في البيت الكردي».
ويقول زاخوي لـ«الشرق الأوسط»: «تصدع الكتل الكردية، والإرباك في قضية التحالفات، شبيه بتصدع نظرائهم من الشيعة والسنة، لكنهم يتفوقون عليهم بانعدام الثقة الخطير فيما بينهم». وحول مستقبل العلاقة بين الأكراد وبغداد، خصوصاً بعد إعلان نتائج الانتخابات، يرى زاخوي أن «الأكراد فقدوا حضورهم المؤثر السابق في بغداد، وأخشى إن بقوا مشتتين بهذه الصورة ألا يحصلوا على نصف المكاسب التي حصلوا عليها سابقاً».
بدوره، يعترف النائب عن «الجماعة الإسلامية» الكردستانية زانا سعيد بـ«الأثر السلبي» الذي أحدثه موضوع الاستفتاء على الكتل الكردستانية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الاستفتاء أثر كثيراً، ولو لم يحدث لكان لنا الآن تحالف مع الحزب الديمقراطي، لكن ذلك غير ممكن في ظل الظروف الحالية لأننا نحملهم مسؤولية ما جرى».
ويعتقد سعيد أن الاستفتاء «سيؤثر في الدورة البرلمانية المقبلة، كما أثر في الدورة الحالية، إن لم تتم تسوية المشكلات بين بغداد وأربيل، وانعكس سلباً على وجود الكرد في بغداد»، لكنه يرى أن الإرباك الذي تعرضت له القوى الشيعية في بغداد، خصوصاً بعد انفراط تحالف العبادي مع جماعات الحشد، لا وجود له في الإقليم. وبرأيه، فإن «حالة الإرباك لم تحدث في كردستان لأننا أنهينا تحالفاتنا هناك، حيث انخرطت الجماعة الإسلامية وحركة التغيير والتحالف الديمقراطي برئاسة برهم صالح بتحالف (الوطن)، ويخوض الحزبين الديمقراطي والاتحاد الانتخابات بقوائم منفصلة».
وبشأن احتمال خسارة الأكراد لمنصب رئاسة الجمهورية، وبقية المناصب السيادية الأخرى، في حالة بقاء حالة الانقسام الكردية، ذكر سعيد أنه «لا وجود لنص دستوري يضمن بقاء منصب الرئاسة لدى الكرد، لكن إذا بقي مبدأ التوافق السياسي قائماً فالمنصب باق، وإذا ذهبت الأمور باتجاه الأغلبية السياسية فيمكن أن نفقد المنصب مثلما فقدنا منصب وزارة الخارجية».
وفي سياق آخر يتعلق بالأكراد الفيلية، الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي، ناشد «الائتلاف الفيلي العراقي» رئاسة مجلس النواب والكتل السياسية تخصيص 3 مقاعد (كوتا) للمكون الفيلي بعد تعديل قانون الانتخابات المزمع مناقشته اليوم (الخميس) في مجلس النواب.
وقال بيان صادر عن الائتلاف، أمس: «نطالب رئاسة مجلس النواب والكتل السياسية كافة بتحمل مسؤوليتهم الوطنية بمنح المكون الفيلي استحقاقهم الوطني في تعديل قانون الانتخابات، عبر منحه 3 مقاعد وفق نظام (الكوتا) في محافظات بغداد وديالى وواسط»، وأشار البيان إلى أن «نظام الكوتا يعد ضماناً للأقليات من ديكتاتورية الأغلبية في الدول المتعددة القوميات والأعراق والديانات».
الصراعات تهدد مستقبل الأكراد في بغداد بعد الانتخابات
«الديمقراطي» ينسحب من كركوك... و«الفيلية» يطالبون بـ«كوتا»
الصراعات تهدد مستقبل الأكراد في بغداد بعد الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة