تركيا تواصل الحشد في عفرين... والتحالف يقول إنها ليست ضمن إطار عمله

TT

تركيا تواصل الحشد في عفرين... والتحالف يقول إنها ليست ضمن إطار عمله

واصلت تحركاتها العسكرية على الحدود مع سوريا وإرسال تعزيزات والآليات العسكرية إلى المناطق المتاخمة لمدينة عفرين السورية التي تستعد لتنفيذ عملية عسكرية للقضاء على وجود وحدات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري)، في وقت سعى فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) وواشنطن للتهدئة مع أنقرة بعد رد الفعل الحاد من جانبها تجاه ما تردد بشأن تشكيل قوة أمنية على حدودها مع سوريا تعتمد في قوامها الرئيسي على وحدات حماية الشعب الكردية ونفت واشنطن وجود علاقة بالوحدات الكردية في عفرين ولا دخل لها بالعملية العسكرية التركية كما ترأس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس اجتماعين لمجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء لتقييم آخر المستجدات بشأن العملية العسكرية المحتملة في عفرين.
ونفذت المدفعية التركية قصفاً مكثفاً، ليل الثلاثاء - الأربعاء، على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين بالتزامن مع الدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى الوحدات المتمركزة على الحدود مع سوريا وسط تصاعد التصريحات بشأن عملية عسكرية واسعة لسحق المقاتلين الأكراد في عفرين المدعومين من واشنطن، التي دعت مساء أول من أمس إلى الهدوء على جانبي الحدود.
وتبادل الجيش التركي القصف مع الوحدات الكردية على جانبي الحدود التركية السورية، وأبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ في اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس أن تركيا ستتخذ كل التدابير الضرورية لحماية أمنها الوطني.
ودفع الجيش التركي في الوقت نفسه بتعزيزات تضمنت رتلا من 15 دبابة وأرتالا عسكرية أخرى وأفرادا من القوات الخاصة ومدرعات وسيارات لنقل الذخائر.
وقال إردوغان إن ساعة الصفر لعملية عفرين قد تنطلق في أي لحظة، مضيفاً: «قواتنا التركية المسلحة ستنهي مسألة عفرين ومنبج قريباً، وتجهيزاتنا العسكرية اكتملت الآن، وسوف نبدأ تحركاتنا في أسرع وقت».
وتأزم الموقف بعد إعلان واشنطن عزمها تسليح قوات كردية وعربية قوامها 30 ألف مسلح منضوية تحت لواء تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامه الرئيسي، على الحدود السورية التركية، ما أثار غضب أنقرة التي ردت بحدة على هذا الإعلان.
وأعلن التحالف الدولي أن الهدف من تشكيل هذه القوة هو «منع عودة تنظيم داعش». لكن تركيا تخشى أن تستقر هذه المجموعات بشكل دائم على حدودها وهدد إردوغان، الاثنين، بـ«وأد هذا الجيش الإرهابي في مهده».
وبحسب مصادر الرئاسة التركية، أكد ستولتنبرغ لإردوغان أن الولايات المتحدة لم تتشاور مع الناتو حول إنشاء «قوات أمن الحدود» في سوريا فيما أكد إردوغان أن بلاده «لن تقبل أبداً» بالمخطط الأميركي الجديد في سوريا مشددا على أن تركيا ستتخذ كل الإجراءات اللازمة من أجل حماية حدودها وأمنها.
وعقد مجلس الأمن القومي التركي، اجتماعا أمس، برئاسة إردوغان تصدرت أجندته ملفات مكافحة التنظيمات الإرهابية، والعملية العسكرية المحتملة في عفرين والاستعدادات الخاصة بها، حيث قدم رئيس أركان الجيش خلوصي أكار معلومات حول اللقاءات والموضوعات التي ناقشها في بروكسل على هامش اجتماع رؤساء أركان اللجنة العسكرية لحلف الناتو ولقائه مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد، وأعقب ذلك اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة إردوغان لمناقشة التوصيات الصادرة عن مجلس الأمن القومي.
كما حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، من خطورة «القوة الأمنية الحدودية» التي تخطط واشنطن لتشكيلها شمال سوريا بالتعاون مع «قوات سوريا الديمقراطية».
وقال، في تصريحات عقب لقائه تيلرسون مساء أول من أمس على هامش الاجتماع الوزاري الدولي حول الأمن والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية في مدينة فانكوفر الكندية، إنه نقل إلى الوزير الأميركي بكل وضوح مخاوف تركيا من تشكيل تلك القوة، مضيفا أن «تشكيل قوة كهذه، أمر من شأنه إلحاق الضرر بالعلاقات التركية الأميركية بشكل لا رجعة فيه».
وقالت وزارة الدفاع الأميركية، أول من أمس، إنها لا تدعم عناصر الوحدات الكردية في عفرين، ولا تراهم جزءاً من قوات مكافحة تنظيم داعش. وقال المتحدث باسم البنتاغون، الرائد أدريان رانكين غالاوي، لوكالة الأناضول، إن بلاده لا تدعم عناصر الوحدات في عفرين؛ وليس لديها أي صلة بهم، ولا تدعمهم بالسلاح أو التدريب، وأن بلاده تدعم العناصر المنضوية ضمن ما يسمى بـ«قوات سوريا الديمقراطية» فقط، وأنها دعمت فقط المجموعات التي شاركت فعلياً في العمليات القتالية لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي. وأكد أن بلاده ليست أيضاً جزءاً من أي عملية عسكرية تركية محتملة في عفرين، مطالباً «جميع الأطراف» عدم اتخاذ خطوات تؤدي إلى تصاعد التوتر.
من جانبه، أشار المتحدث باسم التحالف الدولي لمكافحة «داعش»، العقيد ريان ديلون، إلى أن واشنطن، التي تقود التحالف، لن تدعم مسلحي الوحدات الكردية في عفرين في حال قيام تركيا بعملية عسكرية في المنطقة، وقال: «عفرين لا تدخل ضمن مجالنا العمليَّاتي»..



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».