السودان يرفض استثمارات أجنبية في القطاع الزراعي

رأت أنها تستهلك المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية

TT

السودان يرفض استثمارات أجنبية في القطاع الزراعي

بينما يحاول السودان جاهداً جذب استثمارات جديدة بعد رفع العقوبات الأميركية، لتحسين الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، بعد معاناة استمرت نحو 20 عاماً، رفض استثمارات أجنبية وعربية جديدة في القطاع الزراعي وصناعة الأعلاف في موازنة العام الجاري.
ويصدّر السودان ملايين الأطنان من الأعلاف للدول العربية والخليجية، لكنه رأى أن زراعتها تقلل من خصوبة الأرض واستهلاكها للمخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية في البلاد.
واعتبر رئيس القطاع الاقتصادي في مجلس الوزراء السوداني ووزير الاستثمار مبارك الفاضل المهدي، أن الاستمرار في زراعة الأعلاف وبمساحات هائلة لمستثمرين أجانب وتصديرها للخارج، يهدر إمكانات البلاد.
وقال مبارك إن حكومته «رفضت استثمارات جديدة لزراعة الأعلاف من داخل البلاد وخارجها، عُرضت عليها ضمن مشاريع موازنة العام الحالي»، معلناً حسم حكومته هذه النوعية من الاستثمارات «وتوجيهها نحو أعلاف أخرى غير البرسيم، الذي أصبح تصديره في الآونة الأخيرة يحتل أولويات المستثمرين، بل أصبح يحتل قائمة الصادرات السودانية للخارج».
ومنح السودان ملايين الأفدنة لمستثمرين من السعودية والإمارات وتركيا والصين والأردن وشركات محلية خلال السنوات العشر الماضية، لاستثمارها في مجال الأعلاف الخضراء خصوصاً البرسيم (أكل الماشية).
ويحتلّ السودان المرتبة الأولى في العالم من حيث استئجار أراضيه لزراعة الأعلاف، وتحتل الصين قائمة الدول الأكثر استئجاراً للأراضي في أفريقيا.
وتنتشر مزارع ضخمة للأعلاف حول العاصمة الخرطوم، مثل مشروع السليت الذي يزرع 32 ألف فدان، إضافة إلى مساحات أخرى بولاية نهر النيل بشمال البلاد تستثمر فيها شركات سعودية مثل مجموعة «الراجحي» السعودية التي تنتج نحو 100 ألف طن أعلاف، وشركة «نادك» السعودية التي تدير مزرعة في كردفان غرب البلاد تصل مساحتها إلى 60 ألف فدان، بجانب شركة «أمطار» الإماراتية التي صدّرت العام الماضي نحو 200 ألف طن أعلاف إلى أبوظبي.
كما تحتل مزارع الأعلاف مساحات كبيرة في غرب العاصمة السودانية بمدينة أمدرمان، مثل مشروع جديد لإنتاج البرسيم يقع على مساحة 10 آلاف فدان، بينما حقق مشروع البشائر الزراعي الأردني الذي يقع على مساحة 9 آلاف فدان نجاحاً كبيراً، حيث ينتج الحقل الواحد ما بين 65 و100 طن/فدان في الشهر، ويصدّر إنتاج هذا المشروع للإمارات، ويباع الطن الواحد بمبلغ 250 دولاراً، بجانب مشروع لشركة «تالا» السودانية في شمال الخرطوم تبلغ مساحته 30 ألف فدان، بالإضافة إلى مشاريع رجل الأعمال السوداني أسامة داؤود، المتخصص في زراعة الأعلاف لتغطية احتياجات مصانعه للألبان واحتياجات ولاية الخرطوم بأكملها.
- إلزام المستثمرين بزراعة محاصيل أخرى
وحتى الآن لم يصدر قرار السودان بمنع الاستثمار في الأعلاف بشكل نهائي، إذ إن معظم الاتفاقيات بين الدولة والمستثمرين عقود طويلة الأجل، تصل أحياناً إلى 30 عاماً، بينما اعتبر برلمانيون سودانيون أن زراعة الأعلاف تُنهك الأرض الزراعية، وتستهلك المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية، مطالبين بتوجيه رؤوس الأموال لاستثمارها في الصناعات التحويلية.
وأوضحت مصادر تعمل في وزارة الاستثمار السودانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتجاه الجديد للدولة يتمثل في إلزام المستثمرين الأجانب والمحليين بزراعة نسبة من الأراضي الممنوحة لهم، بمحاصيل أخرى.
وتنص التراخيص الممنوحة للمستثمرين في الأعلاف، والتي تعد أكبر الاستثمارات الخليجية والمحلية حجماً ومالاً في السودان، على أن يلتزم المستثمر بزراعة مساحات من الحبوب والمحاصيل الأخرى بجانب الأعلاف، وألا تقل نسبتها عن 30% من المساحة التي خصصها المستثمر للأعلاف، وفقاً لنفس المصادر.
وأشارت إلى أن هذا التوجه الجديد بالتقليل من مساحات زراعة الأعلاف بالبلاد، «قائم أصلاً، ويمكن أن ينشط في المرحلة المقبلة، ضمن سياسات الوزارة وبرامجها للمرحلة المقبلة»، موضحاً أن مطالبات أعضاء في البرلمان بوقف زراعته تعد طبيعية، لكن التنفيذ مرهون بسياسات أخرى للوزارة تركز على طمأنة المستثمر الأجنبي.
وفي حين يرى خبراء وزراعيون أن هناك فرصاً كبيرة وواعدة للاستثمار في الأعلاف في السودان، خصوصاً في الأراضي الصحراوية الشاسعة في مختلف الولايات، أكد وزير الدولة للاستثمار أسامة فيصل، في تصريحات صحافية، استعداد وزارته «لإعادة النظر في السياسات والخطط لاستيعاب مطالب نواب المجلس الوطني (البرلمان)».
- زراعة الأعلاف في الصحراء
وتشير دراسات جدوى إلى أن زراعة الأعلاف أصبحت تتم بتقنيات تكنولوجية أكثر تطوراً تجعلها تنمو في مناطق صحراوية بما يوسّع مساحتها، كما يمكن استزراعها في التربة الهامشية الفقيرة، ولها عائد اقتصادي مجزٍ، وعليها طلب مرتفع للصادرات بأسعار عالية.
وأوضح نائب المدير العام لشركة «أمطار» الإماراتية في السودان خالد مطقش، لـ«الشرق الأوسط»، والتي منحتها الحكومة السودانية آلاف الأفدنة لزراعة الأعلاف، أن شركتهم استطاعت خلال السنوات الخمس الماضية استصلاح وزراعة مئات آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية، بالأعلاف والقمح، و«نصدّر حالياً كميات تغطي نسبة عالية من احتياجات دولة الإمارات بالأعلاف الطبيعية من مزارعنا في السودان».
وقال إن جدوى الاستثمار في الأعلاف لدى شركتهم والسودان، تمثَّل في استصلاح مئات الأفدنة الواقعة في صحراء واسعة بشمال السودان، باستخدام تقنيات ري حديثة تجعل من رش المياه على التربة كالأمطار الحقيقية، مما زاد من نسبة خصوبتها، كما وفرت هذه المشاريع فرص عمل لآلاف المواطنين في القرى والمناطق الصحراوية التي يقطنون بها، حيث شُيِّدت آبار ومرافق خدمية، غطت جميع المناطق المحيطة بمشروعهم في الدبة بشمال السودان، والذي شُيد فيه مصنع للأنابيب والبلاستيك يغطي احتياجات السودان والتصدير للخارج، مما يعني دخول عملات ونقد أجنبي للبلاد.
وبيّن مطقش أن الشركة زرعت نحو 20 ألف فدان بالأعلاف ضمن مشروع لاستصلاح وزراعة 130 ألف فدان، منحتها الحكومة السودانية عام 2005، لزراعة الأعلاف لتغطية احتياجات دولة الإمارات. متوقعاً أن يصل إنتاج شركته من الأعلاف الجافة إلى 200 ألف طن لهذا العام، ليرتفع إلى 310 آلاف طن العام المقبل، تم الاتفاق على تصديرها إلى دولة الإمارات.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.