أنقرة لن تناقش مع واشنطن العملية العسكرية في عفرين

إردوغان قال إنها ستتم بدعم من فصائل سورية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
TT

أنقرة لن تناقش مع واشنطن العملية العسكرية في عفرين

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية عسكرية مرتقبة للجيش التركي تستهدف مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري) في عفرين، ستنفذ بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحر، لافتا إلى أنه لن يناقش هذا الأمر مع نظيره الأميركي دونالد ترمب وأنه لن يجري أي اتصال معه.
وقال إردوغان، في تصريحات للصحافيين عقب كلمة ألقاها في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي في أنقرة، أمس الثلاثاء، إن العملية العسكرية التركية المزمعة ضد قوات كردية في منطقة عفرين بسوريا سيدعمها مقاتلون من المعارضة السورية، لافتا إلى إن «هذا النضال من أجلهم (السوريون). نحن نساعد إخوتنا هناك من أجل حماية أراضيهم».
وعندما سئل إردوغان عما إذا كان يعتزم الاتصال بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن عملية عفرين وقرار واشنطن تشكيل قوة أمن حدودية قوامها الميليشيات الكردية في شمال سوريا ونشرها على الحدود مع تركيا، قال إردوغان إنه لا يفكر في الاتصال به حاليا، مضيفا: «تحدثنا سابقا حول هذه الأمور وكان من المفترض أن يتصل بي، ولكنه لم يفعل، فلن أتصل به».

وأعلن إردوغان أن واشنطن واصلت إمداد «وحدات الشعب» الكردية بالسلاح بعد ذلك وأرسلت نحو 5 آلاف شاحنة من الأسلحة إليهم دخلت عن طريق العراق. وخلال كلمته أمام الكتلة البرلمانية للحزب، أمس، أكد الرئيس التركي أن تركيا ستدمر، خلال فترة قريبة «أوكار الإرهابيين المتبقية في سوريا؛ بدءا من عفرين ومنبج». وشدد على أنه ما من أحد سيتمكن من عرقلة تركيا في مساعيها الرامية لمكافحة «التنظيمات الإرهابية» في سوريا، قائلا: «أولئك الذين يتظاهرون بالتحالف معنا (في إشارة إلى أميركا) ويحاولون في الوقت نفسه طعننا من الخلف، لن يستطيعوا عرقلة مكافحتنا للتنظيمات الإرهابية».
وعبر الرئيس التركي عن استيائه من موقف حلف شمال الأطلسي (ناتو) إزاء تلك المسألة قائلاً: «أتوجه بكلمة للناتو، وأقول له عليك أن تتبنّى موقفاً صارما حيال ردع التهديدات التي تُحدق بحدود أحد أعضائك (تركيا)، فما الموقف الذي اتخذتموه حيال المخاطر التي تهدد حدود تركيا؟».
ولفت إردوغان إلى معارضة النظام السوري مشروع الولايات المتحدة، إنشاء جيش شمال سوريا تحت اسم «قوة أمنية حدودية»، قائلا إن «النظام السوري أيضا يعدّ هذا الجيش تهديداً له».
في السياق ذاته، قال رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار إن أنقرة لا يمكن أن تسمح بدعم وتسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي ثبت بالأدلة القاطعة أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني (المصنف من جانب تركيا وأميركا والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية) في سوريا.
وطالب أكار، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لرؤساء أركان اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل، أمس، بضرورة عدم قيام الناتو بالتمييز بين المنظمات الإرهابية عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب. وأضاف: «لا يمكن أن نسمح ولن نسمح بدعم وتسليح (وحدات حماية الشعب) الكردية، تحت اسم (شريك عملياتي)، ونأمل العدول عن هذا الخطأ بأسرع وقت».
والتقى أكار أمس نظيره الأميركي جوزيف دانفورد، على هامش اجتماع اللجنة العسكرية للناتو لبحث آخر المستجدات على الساحة السورية ومسائل أمنية إقليمية أخرى.
إلى ذلك، واصل الجيش التركي الدفع بتعزيزات عسكرية إلى المناطق الحدودية مع سوريا استعداد لعملية عفرين، وجرى نقل التعزيزات إلى الوحدات المنتشرة على الشريط الحدودي مع سوريا وسط تدابير أمنية. كما تحركت قافلة عسكرية مكونة من 15 مركبة، من ولاية شانلي أورفا التركية الجنوبية الحدودية مع سوريا، في طريقها إلى ولاية غازي عنتاب المجاورة، لدعم القوات التركية المتمركزة على الحدود، ضمت دبابات وناقلات جنود مدرعة، بالإضافة إلى عدد من الجنود.
في غضون ذلك، طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو واشنطن بتحديد موقفها بشكل نهائي بالوقوف إلى جانب حلفائها أو الإرهابيين. وقال، في تصريحات صحافية مساء أول من أمس، إن على الولايات المتحدة إيضاح موقفها؛ «هل تفضل الوقوف بجانب حلفائها، أم إلى جانب التنظيمات الإرهابية؟».
وبشأن تكوين قوة الأمن الحدودية تحت مظلة التحالف الدولي للحرب على «داعش»، شدد جاويش أوغلو على أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» بمفردها، قائلا إنه سوف يبحث مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون التطورات الأخيرة، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
ذكرت صحيفة «خبر تورك» أن عملية الجيش التركي البرية في مدينة عفرين بسوريا، سيسبقها قصف مكثف على 150 هدفا لـ«وحدات حماية الشعب الكردية».
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية، أن المخابرات التركية تراقب وترصد مدينة عفرين والمناطق المحيطة بها، التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب الكردية»، اعتبارا من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وهي تستخدم لهذه الأغراض طائرات مسيّرة ومعلومات استخباراتية تزود بها القوات المتمركزة هناك والموالية لأنقرة، مشيرة إلى أنه حتى 16 يناير (كانون الثاني)، تم تحديد 149 هدفا من المخطط أن يتم قصفها حال بدء العملية.
وأضافت الصحيفة أن من بين هذه الأهداف المواقع الثابتة ووسائل النقل التابعة لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من هذه العملية ستستغرق فترة تصل إلى 6 أيام، وستشارك فيها، بالإضافة إلى القوات الجوية، المدفعية التركية المنتشرة على الحدود.
وذكرت «خبر تورك» أن القوات التركية قد ترسل، إذا استدعت الضرورة، وحدات القوات الخاصة، ومن ضمنها قوات النخبة والقوات القادرة على خوض معارك الاستنزاف، لتنفيذ عملية التطهير النهائي في عفرين، مضيفة أن عسكريين من «وحدات حماية الشعب الكردية» اتخذوا تحصينات وحفروا خنادق في تسع مناطق بعفرين، تحسبا لبدء العملية التركية، وقد يستخدمونها لإجبار القوات التركية على خوض حرب استنزاف.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».