سجل أداء القطاع التجاري العقاري السعودي انخفاضا قياسيا للأسبوع الثاني على التوالي تجاوز الأسبوع الأخير فقط الـ87 في المائة، متأثراً بفرض ضريبة الـ5 في المائة على الصفقات التجارية وبالانخفاض القياسي لقيمة الصفقات المنفذة على قطع الأراضي التجارية، ما أدى إلى انخفاض قيمة الصفقات التجارية إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي مستقرة عند مستوى 213 مليون دولار فقط، في ردة فعل جديدة على الانخفاض الحاصل في السوق، والذي يلف شقيه التجاري والسكني دون تفريق، إلا أن من المعروف وبحسب المؤشرات أن حركة القطاع التجاري ثابتة إلى حد كبير.
وتعددت أسباب انخفاض إجمالي قيمة الصفقات على القطاع التجاري بالتحديد، إلى تطبيق الضريبة وانعكاسات رسوم الأراضي وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية ككل، بالإضافة إلى تخوف المستثمرين من المخاطرة بالشراء في هذه الوقت في ظل الضغوطات الكبيرة التي تعيشها السوق التي تظل الأكثر تقلباً الفترة الماضية بحسب تسلسل نسبة الانخفاض خصوصاً الرسوم والضريبة منذ اعتمادها من مجلس الوزراء والتوجس من مستقبل العقار الذي يعتبر هاجساً كبيراً لدى المهتمين فيه.
وقال محمد العليان الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، بأن السوق العقاري مترابط إلى حد كبير بين أفرعه مهما أختلف النشاط، لذا تجد تأثير أي فرع على الآخر بشكل مباشر ويتضح ذلك من الانخفاض الحاصل في قيمة الصفقات بالنسبة إلى القطاع التجاري الذي تأثر بلا شك نتيجة الضغوطات على العقار السكني الذي يعاني من انخفاضات متتالية، كما أن ملاك العقار التجاري والسكني يعتبرون نفس الجهات والأشخاص مما يعني أن التأثير يكون بشكل مباشر على عمليات البيع والشراء بشكل أو بآخر، موضحاً أن ذلك يبين إلى أين تسير السوق العقارية بعد مقاومة القطاع التجاري الذي يعتبر آخر الفروع التي تأثرت فيما يحدث في العقار المحلي.
وأضاف العليان أن الأمر منفصل فيما يحدث بين تزايد وقوة الاقتصاد السعودي وفي تناقص قيمة صفقات القطاع التجاري العقاري، حيث إن من مصادر التضخم ارتفاع أسعار العقارات التجارية التي تعتبر مرتفعة إلى حد كبير مقارنة بالخدمات التي تقدمها أو حتى بالنسبة إلى موقعها والمميزات التي تحتويها، وإن أي تصحيح في قيمتها سيلقي بظلاله بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي باعتبار أن انخفاض قيمة العقار التجاري سيخفض تكاليف المشاريع العقارية وبالتالي نزول في الأسعار، مبيناً أن العقار السعودي في حركة تصحيح وليس ضعف وأن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي.
ومنذ بداية العام الحالي سجلت السوق العقارية انخفاضا في قيمة صفقاتها الأسبوعية بنسبة 71.2 في المائة، مقارنة بانخفاضها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 32.4 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق مع نهاية الأسبوع عند أدنى مستوى أسبوعي لها منذ نحو ثلاثة أشهر البالغ 746 مليار دولار.
وقال خالد الباز الذي يدير شركة محاورون العقارية، إن هناك انخفاضا كبيرا واستجابة للضغوطات التي يعيشها القطاع العقاري المحلي خصوصاً تأثير الضريبة، التي شهدت الفترة التي استبقت تطبيقها نشاطاً ملحوظاً استباقا لتطبيقها وبالتحديد شهر ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، كما يشهد السوق نزول ملحوظ في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصا أن السوق بدأ فعلياً بدفع فواتير الرسوم وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية.
وزاد الباز، بأن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، وبالتحديد مع الانخفاض الكبير الحاصل في الطلب، في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في سبيل إعادة الأسعار إلى طبيعتها وهو الهدف الرئيسي للقضاء على تضخم أسعار العقار بكافة أفرعه، وهو ما يوضح أن هناك إحكاما للسيطرة على كامل نشاط العقار، وهو ما يهيئ أرضاً خصبة للانخفاض في القيمة، خصوصا أن أسعار العقار انخفضت لما يزيد على 20 في المائة فترة قصيرة، وهو ما يؤكد سطوة القرارات الحكومية على واقع السوق ودخول برنامج «سكني» على الخط.
وانخفضت عدد الصفقات العقارية بنسبة 23.8 في المائة، ليستقر عند مستوى 4000 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 40.2 في المائة، كما انخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 28.9 في المائة، ليستقر عند 4058 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 41.1 في المائة. وانخفضت أيضا مساحة الصفقات العقارية بنسبة 29.5 في المائة، مستقرة عند 72.4 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 29.0 في المائة.
من جانبه، أبان وليد الرويشد الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، بأن هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات إلا أن ما يميز هذا الانخفاض المتتالي أن هناك نزولا ملحوظا في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرجاً بأنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض في قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه وأن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً يشهد عزوفاً من المشترين وتعنتا من البائعين، مؤكداً أن تصحيح الحركة والقيمة معاً لم يعد خياراً بل واقع.
وشمل الانخفاض في قيمة الصفقات العقارية كلا من القطاعين السكني والتجاري على حد سواء، حيث انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة قياسية بلغت 47 في المائة، مقارنة بانخفاضها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 52.6 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 2.1 مليار ريال. وانخفضت أيضا قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية جدا وصلت إلى 87 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 6.2 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 213 مليون دولار.