توقعات باتفاق باكستاني ـ أميركي على آليات إدارة الحدود

رغم إعلان إسلام آباد تعليق التعاون العسكري والاستخباراتي مع واشنطن

صورة أرشيفية وزعها الجيش الباكستاني تعود إلى نوفمبر الماضي للجنرال عمر بجوا في روالبندي (أ.ب)
صورة أرشيفية وزعها الجيش الباكستاني تعود إلى نوفمبر الماضي للجنرال عمر بجوا في روالبندي (أ.ب)
TT

توقعات باتفاق باكستاني ـ أميركي على آليات إدارة الحدود

صورة أرشيفية وزعها الجيش الباكستاني تعود إلى نوفمبر الماضي للجنرال عمر بجوا في روالبندي (أ.ب)
صورة أرشيفية وزعها الجيش الباكستاني تعود إلى نوفمبر الماضي للجنرال عمر بجوا في روالبندي (أ.ب)

على الرغم من حالة التوتر المرتفعة بين البلدين، فإنه من المحتمل أن تتفق باكستان والولايات المتحدة الأميركية على إطار تعاوني لإدارة الحدود الباكستانية - الأفغانية المشتركة بهدف الحد من حركة الإرهابيين والمسلحين خلال الأيام المقبلة، كما أعلنت مصادر رسمية. وصرح المسؤولون الحكوميون الباكستانيون لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن إسلام آباد ورغم إعلانها تعليق أوجه التعاون مع القوات الأميركية في أفغانستان، بما في ذلك التعاون في المجالين العسكري والاستخباري، الذي كان مستمراً بين البلدين منذ أكتوبر (تشرين الأول) لعام 2001، فإن الاتصالات المبدئية تشير إلى أن القوات العسكرية لكلا البلدين قد تواصل تطوير آلية تعاونية معنية بالإدارة المشتركة للحدود الباكستانية - الأفغانية، بهدف السيطرة على تحركات عناصر الجماعات الإرهابية والمسلحين.
وقال أحد كبار المسؤولين الباكستانيين إن القوات الباكستانية والأميركية تتفقان على الحاجة إلى فرض الرقابة والإدارة الصارمة على الحدود الباكستانية - الأفغانية حتى يمكن الحيلولة دون عبور تلك العناصر بين البلدين. وقال المسؤول الباكستاني الكبير: «جرت مناقشات عدة بين الجانبين بشأن هذه القضية، وسوف نواصل التركيز على الحاجة لفرض الإدارة الصارمة للحدود بين البلدين».
وكانت التوترات الأخيرة بين واشنطن وإسلام آباد قد اندلعت إثر السياسات الباكستانية المزعومة والمعنية بتوفير الملاذات الآمنة لعناصر حركة طالبان الأفغانية، لا سيما أعضاء شبكة حقاني الإرهابية داخل الأراضي الباكستانية.
وقد علقت الولايات المتحدة كل أوجه المساعدات المالية الأمنية الموجهة إلى باكستان في أعقاب تغريدة الرئيس دونالد ترمب الشهيرة، التي اتهم فيها باكستان صراحة بالكذب وممارسة الألاعيب المزدوجة.
يذكر أن هناك حالة من الاتهامات المتبادلة بين إسلام آباد وكابل بشأن السماح للمسلحين والإرهابيين بالعبور إلى الجانب الآخر من الحدود المشتركة، وتنفيذ الهجمات الإرهابية في كلا البلدين. وكانت المؤسسة العسكرية والاستخبارات الباكستانية قد خلصت في الآونة الأخيرة إلى أن أغلب الهجمات الإرهابية التي تم تنفيذها في المناطق الحضرية الباكستانية يرجع منشؤها إلى أفغانستان.
وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا قد دعا إلى إدارة صارمة للحدود بغية منع الإرهابيين والمسلحين من عبور الحدود والدخول إلى باكستان من أفغانستان.
وتمكن كثير من عناصر حركة طالبان الباكستانية من العبور إلى أفغانستان في أعقاب بدء العمليات العسكرية في شمال إقليم وزيرستان عام 2014. ويزعم الجيش الباكستاني أن هؤلاء المسلحين يختبئون في الوقت الراهن داخل أفغانستان ويعبرون الحدود إلى باكستان بهدف تنفيذ الهجمات الإرهابية.
وعلى نحو مماثل، وجهت القوات الأفغانية والأميركية الاتهامات ضد باكستان بشأن توفير الملاذات الآمنة لعناصر حركة طالبان الأفغانية، وأنهم يعبرون الحدود إلى داخل أفغانستان لتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد القوات الأميركية وقوات حلف «الناتو» هناك، كلما سنحت لهم الفرصة.
وقال مسؤول كبير من وزارة الدفاع الباكستانية إنه في أعقاب تعليق المساعدات الأمنية الأميركية إلى إسلام آباد، قررت باكستان وعلى نحو مماثل، تعليق كل أنواع التعاون العسكري والاستخباري مع القوات الأميركية العاملة في أفغانستان. وذكر المسؤولون في باكستان مراراً وتكراراً أن باكستان سوف تواصل حربها ضد المسلحين والجماعات الإرهابية داخل الأراضي الباكستانية على الرغم من توقف المساعدات الأمنية الأميركية.
وفي مثل هذه المواقف، فإن السؤال الرئيسي المطروح لدى الحكومة الباكستانية هو كيفية توفير الأموال اللازمة لتنفيذ العمليات العسكرية ضد المسلحين والإرهابيين، كما قال محمد أمير رانا الخبير الأمني ورئيس معهد دراسات السلام ومقره في إسلام آباد. وقال رانا: «أعتقد أنه تنبغي علينا محاولة توفير الأموال لصالح الحرب ضد الإرهاب، وأننا نحاول الحصول عليها من مصادر أخرى بما في ذلك البلدان الصديقة. وفي البداية، يجب للأموال أن تأتي من داخل باكستان نفسها». وأضاف أن باكستان قد قررت الاستمرار في الحرب ضد الإرهاب، أما بالنسبة للتمويل فإن البلاد تتطلع إلى مساعدة الدول الصديقة. وأردف: «داخل باكستان، فإن الحكومة والجيش عاقدان العزم على مواصلة الحرب ضد الإرهاب، وضد جماعات مثل طالبان و(داعش). ولكن فيما يتعلق بأفغانستان، فإن قطع العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة الأميركية من شأنه أن يؤثر سلباً على الحرب ضد الإرهاب هناك».
وقال المسؤولون الباكستانيون إن بلادهم اتخذت قرارها بوقف كل أوجه تبادل المعلومات الاستخبارية مع القوات الأميركية المتمركزة في أفغانستان، ومن شأن هذا القرار أن يؤثر بالتأكيد على عمل القوات الأميركية في هذه الدولة التي مزقتها الحروب.
ومما يضاف إلى ذلك، فإن مواصلة الجهود الحربية المتزايدة سوف تستلزم التعاون من قبل باكستان، التي تسيطر قواتها على الطرق المؤدية إلى أفغانستان، والتي تفتقد إلى منافذ بحرية. ولقد عرقل الجيش الباكستاني حركة مركبات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة عبر هذه الطرق خلال المواجهات السابقة. وتمر الطرق البديلة عبر آسيا الوسطى، وهي سبيل تستغرق كثيراً من الأموال والأوقات ويتطلب التعامل مع روسيا المزعجة، أو وسيط القوة الإقليمية هناك. وحتى الآن، لم تتخذ باكستان أي قرار بشأن إمكانية منع الإمدادات الأميركية من الوصول إلى أفغانستان مروراً بالأراضي الباكستانية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».