قوات النظام تعاود التقدّم نحو مطار أبو الضهور في إدلب

روسيا تعلن «تصفية» مهاجمي قاعدة حميميم

TT

قوات النظام تعاود التقدّم نحو مطار أبو الضهور في إدلب

اسـتأنف النظام السوري هجماته على ريف إدلب الجنوبي، بعد توقف دام 24 ساعة، بسبب الهجوم المعاكس الذي شنّته فصائل المعارضة السورية أول من أمس، واستطاعت خلاله استعادة السيطرة على 17 قرية. إلا أن قوات النظام تمكنت أمس من استعادة تلك القرى تحت غطاء جوي كثيف للطائرات الحربية الروسية والسورية، ومعاودة التقدّم مجدداً نحو محيط مطار أبو الضهور العسكري، الذي باتت السيطرة عليه بشكل كامل هدفاً استراتيجياً للنظام وحلفائه.
وأفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن «القصف الجوي المكثّف للطائرات الحربية الروسية والسورية، أدى إلى إلغاء صلاة الجمعة (أمس) في مساجد بريفي حماة وإدلب، خصوصاً بعد استهداف الطائرات مسجدين في بلدة كفرزيتا بريف حماة ومسجداً ومدرسة في بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي». وقالت الوكالة إن الغارات الجوية ركزت الجمعة على قريتي أم الخلاخيل وأم زرزور والمناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة يوم الخميس.
وقال مصدر في «الجيش السوري الحرّ» في إدلب لـ«الشرق الأوسط» إن «كثافة النار الجوية التي استخدمها النظام وحلفاؤه، كانت العامل الأساسي في إعادة سيطرته على البلدات التي حررها الثوار». وكشف أن النظام «ورغم تقدمه الميداني، لا يزال عاجزاً عن تثبيت مواقعه في المناطق التي يسيطر عليها، لأن ليس لديه العديد البشري الذي يجعله قادراً على تحصين مواقعه وتثبيتها في هذه المناطق»، مؤكداً أن «تفوق النظام بسلاح الجو، خصوصاً الطيران الروسي، والكثافة النارية التي تستخدم، وسياسة الأرض المحروقة التي يتبعها، هي التي تعطيه المبادرة للهجوم والتقدّم».
من جهته، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام «عاودت استكمال عمليتها العسكرية في ريف إدلب، بعد توقف لأكثر من 24 ساعة، نتيجة الهجمات التي تلقتها في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ونتيجة الهجوم المعاكس الذي أودى بحياة العشرات من عناصرها والمسلحين الموالين لها». وقال المرصد إن «المعارك استؤنفت على محاور في شرق وجنوب شرقي مطار أبو الضهور العسكري، حيث تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم والسيطرة على 3 قرى، بغية الالتفاف على المطار من الناحية الشرقية، بعد أن دخلت القسم الجنوبي من المطار ورصد المنطقة الغربية منه واستهدافها نارياً».
لكنّ الناطق باسم «جيش النصر» محمد رشيد كشف أن «فصائل الجيش الحرّ، التي انضوت في غرفة عمليات (ردّ الطغيان)، ما زالت تعيق تقدم النظام باتجاه مطار أبو الضهور مجدداً». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الغرفة التي تضمّ فصائل «جيش النصر»، و«جيش النخبة»، و«جيش إدلب الحرّ» و«فيلق الرحمن»، التي تتبع كلّها لـ«الجيش السوري الحرّ» لم تتوقف عن «مقارعة قوات النظام في ريف إدلب الجنوبي، وهي استطاعت حتى الآن إبعادها عن محيط المطار لنحو ستة كيلومترات». وقال: هناك عدد من الفصائل انضمت إلى القتال في هذه المنطقة، وهي «أحرار الشام» و«جيش العزة» و«حركة نور الدين الزنكي» و«جيش الأحرار»، التي توجد في مناطق قريبة من نطاق سيطرة فصائل غرفة «ردّ الطغيان»، ويمنعون قوات النظام من الالتفاف على المطار من الجهة الغربية ومحاصرته.
وكانت قوات النظام والميليشيات الموالية لها، شنّت أمس هجوماً معاكساً في ريف إدلب الجنوبي، وخاضت معارك عنيفة مع فصائل المعارضة المسلّحة، مكنها من فرض سيطرتها على القرى التي خسرتها. وقال «المرصد السوري» إن قوات النظام «استعادت السيطرة على كامل المناطق التي خسرتها الخميس، جراء الهجوم المشترك لحركة نور الدين الزنكي، جيش الأحرار، فيلق الشام، جيش العزة، جيش إدلب الحر، جيش النخبة، الجيش الثاني، جيش النصر، الحزب الإسلامي التركستاني وحركة أحرار الشام الإسلامية بريف إدلب الجنوبي الشرقي».
وأوضح محمد رشيد الناطق باسم «جيش النصر» أن «فصائل غرفة (ردّ الطغيان) استطاعت أمس (الأول) تحرير 17 قرية على المحور الأساسي في ريف إدلب الجنوبي، وتمّ تدمير القواعد العسكرية للنظام فيها، واغتنام أسلحة ثقيلة، وكان هدف هذا التقدم طرد قوات النظام من هذه المناطق، ومنع تقدمها باتجاه مطار أبو الضهور». لكنه أشار إلى أن الفصائل «عادت وانسحبت اليوم (أمس) بسبب كثافة القصف الجوي والمدفعي»، مؤكداً أن الفصائل «تمكنت من أسر 16 عنصراً للنظام وميليشياته وقتل العشرات خلال معارك الساعات الأخيرة».
وفي موازاة المعارك المتواصلة في ريف إدلب، تسعى قوات النظام إلى توسيع محور هجومها، وأعلن «المرصد»، في هذا الإطار، أن هذه القوات «المتقدمة من ريف حلب الجنوبي، تمكنت من الوصول إلى مسافة نحو 6 كلم عن قواتها الموجودة في ريف إدلب الشرقي، حيث تدور اشتباكات بينها وبين هيئة تحرير الشام وفصائل المساندة أخرى، على محاور في ريف حلب الجنوبي، وأدت هذه الاشتباكات، إلى انسحاب (تحرير الشام) من عدد من القرى».
من جهة أخرى أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قواتها في سوريا قضت على مجموعة المسلحين الذي قصفوا قاعدة حميميم، ودمرت مستودعاً للطائرات المسيرة في محافظة إدلب.
وذكرت الوزارة، في بيان أصدرته أمس، أن «قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا نفذت عملية خاصة للعثور على مجموعة المسلحين الذين قصفوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حرم قاعدة حميميم الجوية بقذائف هاون»، موضحة أن «العملية شاركت فيها جميع القوات ووسائل الاستطلاع المتعدد المستويات للاستخبارات العسكرية الروسية في سوريا».
وقالت وزارة الدفاع إنه و«في المرحلة النهائية من العملية قامت مجموعة من القوات الخاصة الروسية بتحديد موقع تمركز التشكيلة التخريبية للمسلحين قرب الحدود الغربية لمحافظة إدلب»، لافتة إلى أن القوات الروسية «أقامت مراقبة مستدامة للموقع بواسطة طائرات مسيرة، ليتم لاحقاً اختيار الأسلحة الدقيقة لتدميره».
وأضافت الوزارة: «بعد وصول الإرهابيين إلى الموقع حيث كانوا يستعدون لركوب حافلة صغيرة، تم تصفية كل التشكيلة التخريبية بقذائف صاروخية عالية الدقة من طراز (كراسنوبل)».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أكدت في وقت سابق أن قاعدتها الجوية في حميميم بمحافظة اللاذقية غرب سوريا تعرضت، أواخر الشهر الماضي، لقصف مفاجئ بقذائف هاون نفذته «مجموعة تخريبية متنقلة» من المسلحين، ما أدى إلى مقتل عسكريين اثنين.
كما شن مسلحون، يوم 6 يناير (كانون الثاني) الحالي، هجوماً مزدوجاً على كل من قاعدة حميميم والقاعدة البحرية الروسية في طرطوس، استخدموا فيه، ولأول مرة، حسب وزارة الدفاع الروسية، طائرات من دون طيار. وقالت الوزارة إن القوات الروسية تمكنت من التصدي للهجوم بنجاح، وأسقطت 7 من طائرات «الدرون» وضبطت 6 طائرات أخرى.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.