قوات النظام السوري تدخل مطار أبو الضهور الاستراتيجي

تركيا تخطط لاجتماع حول سوريا عقب «سوتشي»

TT

قوات النظام السوري تدخل مطار أبو الضهور الاستراتيجي

تمكَّنَت القوات السورية، أمس (الأربعاء)، من دخول حرم مطار أبو الضهور العسكري في محافظة إدلب، حيث تخوض حالياً معارك عنيفة ضد مقاتلين من هيئة تحرير الشام يتمركزون داخله، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «دخلت قوات النظام إلى مطار أبو الضهور الذي بات بالكامل تحت سيطرتها النارية»، بعد أكثر من عامين من سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) عليه.
وتدور معارك عنيفة بين الطرفين في هذه الأثناء داخل حرم المطار، وفق المرصد الذي أفاد بـ«اعتماد قوات النظام في تقدمها على غارات وقصف صاروخي كثيف».
ويتمركز داخل المطار الواقع على الحدود الإدارية بين محافظتي إدلب (شمال غرب) وحلب (شمال) مقاتلون من هيئة تحرير الشام ومقاتلون تركستان، وفق المرصد الذي لم يتمكن من تحديد عددهم. ومع استكمال سيطرتها عليه، سيصبح المطار أول قاعدة عسكرية تستعيده قوات النظام في إدلب، المحافظة الوحيدة الخارجة عن سلطة دمشق.
من جهة أخرى, أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة ستستضيف اجتماعا حول سوريا عقب مؤتمر الحوار الوطني السوري المنتظر عقده في مدينة سوتشي الروسية يومي 29 و30 يناير (كانون الثاني) الحالي، في الوقت الذي طالب فيه كلا من روسيا وإيران بوقف انتهاكات النظام السوري في مناطق خفض التصعيد التي تم إنشاؤها بالاتفاق بين الدول الثلاث خلال مباحثات آستانة، عقب التوصل في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2016 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بضمانها.
وقال جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية، أمس الأربعاء، إن الاجتماع سيضم الأطراف والدول «المتفقة في التوجهات مع تركيا»، من دون تحديدها.
وفي السياق، جدد وزير الخارجية التركي في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول الرسمية، أمس، رفض بلاده لقبول مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري أو ذراعه العسكري (وحدات حماية الشعب الكردية) في مؤتمر الحوار الوطني السوري، قائلا: «أعلنا أننا لن نكون في مكان يوجد فيه ما سماه بـ(تنظيم إرهابي)».
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن روسيا أبلغتنا أنه لن تتم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي.
إلى ذلك، أكد جاويش أوغلو ضرورة أن تتحمل روسيا وإيران مسؤولياتهما تجاه هجمات النظام السوري على محافظة إدلب المشمولة باتفاق مناطق «خفض التصعيد».
وأشار جاويش أوغلو إلى أن تركيا تسعى منذ عام كامل إلى تحقيق وقف إطلاق النار في سوريا، والإقدام على خطوات من شأنها رفع مستوى الثقة المتبادلة.
وقال جاويش أوغلو إن «الأوضاع على الساحة السورية معقدة، لذا من المتوقع أن تحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة من اعتداءات على مناطق خفض التصعيد، تجاوز حد الخروقات المتوقعة».
وأضاف أن هناك الكثير من المناطق المحاصرة في سوريا، وقد تم فتح معابر من تلك المناطق نحو محافظة إدلب من أجل انتقال المدنيين، لكن بعض المجموعات الإرهابية دخلت إدلب من خلال تلك المعابر. وأكد جاويش أوغلو أن الجيش التركي يواصل إنشاء نقاط مراقبة وقف إطلاق النار داخل حدود محافظة إدلب، مشيرا إلى أن 95 في المائة من الخروقات تأتي من قِبل قوات النظام السوري والداعمين لها.
وتشكل إدلب مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي إحدى مناطق «خفض التصعيد» التي تم التوصل إليها في مباحثات آستانة.
وإلى جانب استدعاء السفيرين الروسي والإيراني إلى الخارجية التركية، التقى مستشار الخارجية التركية السفير أوميت يالتشين، أول من أمس، رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة رياض سيف، لبحث موضوع خروقات النظام في مناطق خفض التصعيد.
وأقرت وسائل إعلام تركية مؤخرا بأن تركيا أحكمت حصارها لعفرين السورية والمناطق المحيطة بها وأن طائرات تركية دون طيار تقوم بطلعات مراقبة في الجو استعدادا لعملية عسكرية موسعة ستشمل عفرين ومناطق أخرى ستشارك فيها قوات تركية يبلغ قوامها نحو 15 إلى 20 ألفا من الجنود إلى جانب آلاف من فصائل الجيش السوري الحر الموالية لتركيا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس إن عملية «درع الفرات» ستستمر في كل من عفرين ومنبج.
ولفتت تقارير إعلامية إلى أن هذه الأنباء أثارت غضب طهران التي ألمح مسؤولوها إلى أنه حال قيام تركيا بمثل هذه العملية بدعوى تطهير عفرين من الميليشيات الكردية فإنها ستدفع بقواتها إلى هناك، مؤكدة أن النظام السوري قادر على السيطرة على الأكراد ومنع ما تراه تركيا تهديدا لأمنها القومي.
وقالت مصادر في وزارة الخارجية التركية، أمس، إن الوزارة استدعت القائم بالأعمال الأميركي في أنقرة بشأن التطورات الأخيرة في سوريا.
ولم تذكر المصادر تفاصيل بشأن بواعث قلق أنقرة. ونشب خلاف بين تركيا والولايات المتحدة بشأن سياسة واشنطن في دعم وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمردا في جنوب شرقي تركيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».