توقيف الرأس المدبر لأخطر شبكات المخدرات في بيروت وجبل لبنان

توقيف الرأس المدبر لأخطر شبكات المخدرات في بيروت وجبل لبنان
TT

توقيف الرأس المدبر لأخطر شبكات المخدرات في بيروت وجبل لبنان

توقيف الرأس المدبر لأخطر شبكات المخدرات في بيروت وجبل لبنان

في عملية وُصِفَت بـ«النوعية» أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان يوم أمس عن توقيف «الرأس المدبر لأخطر شبكات ترويج المخدرات في بيروت وجبل لبنان».
ويأتي هذا التوقيف ضمن حملة كانت قد بدأتها القوى الأمنية منذ منتصف العام الماضي في بيروت بشكل عام والضاحية الجنوبية بشكل خاص، لملاحقة المطلوبين، وعلى رأسهم مروجي المخدرات، بعد تفاقم هذه الظاهرة وارتفاع عدد المتعاطين بشكل كبير في مختلف المناطق اللبنانية.
وقالت المديرية في بيانها، أمس، إنّه «بعد تفشي ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات في بيروت وجبل لبنان، والضرر الكبير الذي تلحقه بالمجتمع، وبنتيجة المتابعة الاستعلامية والميدانية التي تقوم بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي لمكافحة هذه الظاهرة، باشرت القطعات المختصة فيها عمليات الرصد والمراقبة بغية توقيف الرأس المدبر لأخطر شبكات ترويج المخدرات في المحافظتين المذكورتين، وهو اللبناني ع. أ. (مواليد 1978) مطلوب للقضاء بموجب 72 ملاحقةً قانونيةً بجرائم تجارة وترويج المخدرات».
وأشار البيان إلى أنّه وفي الرابع من الشهر الحالي «وبعد رصد المطلوب المذكور في منزله ببلدة حربتا - البقاع (شرق لبنان)، قامت قوة من الشعبة بمداهمة المنزل وإحكام الطوق حوله، ولدى دخول مجموعة المداهمة حاول المطلوب الفرار بالقفز من ارتفاع 3 أمتار فتعرض لكسر في رجله وتم توقيفه».
وأعلنت المديرية أنّه «بالتحقيق معه، اعترف بترؤسه شبكة لترويج المخدرات في بيروت وجبل لبنان باسم مستعار هو يوسف، وأنه يقوم بترويج المخدرات نهاراً لعدد كبير من المتعاطين»، لافتة إلى أنه تم توقيف شقيقه للاشتباه به بجرم مخدرات، وقد أودع الموقوفان القضاء المختص والعمل جارٍ لتوقيف سائر أفراد العصابة.
وكانت قد سبقت هذه العملية، أخرى مشابهة، قبل أيام قليلة نتج عنها توقيف ماهر محمد طليس في بلدة بريتال في البقاع، وهو أحد أخطر المطلوبين بموجب مئات مذكرات إلقاء القبض والتوقيف ومئات الأحكام القضائية وعدد من كتب الإنتربول بجرم تجارة أسلحة ومخدرات، وتأليف عصابة سرقة سيارات، وخطف، وعمليات نصب واحتيال، وترويج عملات مزورة واعتداء على الجيش.
ومنذ بدء الخطة الأمنية في لبنان سُجّل توقيف عدد كبير من المطلوبين، منهم مروجون وتجار مخدرات، عدد كبير منهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد منح حزب الله الغطاء السياسي لها. مع العلم أن تفشي هذه الظاهرة في الضاحية كما في معظم المناطق، دفع أمين عام حزب الله حسن نصر الله للحديث عنها بشكل مباشر، قبل أكثر من عام، عندما قال: «تواجه الناس أخطاراً لا تقل أهمية عن الخطر الأمني منها المخدرات». وأضاف: «يمكن أن نستيقظ على كارثة عظيمة جداً، وعدد المدمنين على المخدرات رقم مرعب».
واعتبر أن «هناك مَن يريد تدمير مجتمعنا، وتدمير كل الخطوط الخلفية والبيئة والشباب والشابات»، مطالباً الدولة بـ«أن تكمل مسؤوليتها وهذا يحتاج لخطة كاملة متكاملة، ولكن عدم وجود زراعات بديلة لا يشكل مبرراً على الإطلاق».
وتكشف دراسة قامت «الدولية للمعلومات»، بناء على أرقام مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي، ارتفاع معدل تفشي المخدرات والحبوب المهدئة في لبنان بين عامي 2012 و2016، إذ بلغ عدد الموقوفين بجرائم المخدرات 4709 موقوفين عام 2016، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 2865 موقوفاً عام 2012. أما نسبة المتعاطين الموقوفين، فبلغت 77 في المائة العام الماضي.
وتشير الأرقام إلى أن الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة تشكل نحو نصف المتعاطين، معظمهم من طلاب الجامعات، علما بأن مراكز العلاج المتوفرة في لبنان لا تستقبل أكثر من 10 في المائة من الراغبين بالعلاج فيما يقدر عدد الموقوفين سنوياً بنحو 3 آلاف، بحسب إحصائيات مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي.
وتحتل مادة حشيشة الكيف والحشيشة المرتبة الأولى في التعاطي بين سكان الضاحية، حسبما يؤكده مسؤول قسم مكافحة المخدرات في الهيئة الصحية الإسلامية، علي جابر، في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، وهو ما قد يمثل نموذجاً لأنواع المخدرات المنتشرة في المجتمع اللبناني.
وأوضح جابر: «تبلغ نسبة تعاطي حشيش الكيف 39 في المائة بين متعاطي المخدرات الضاحية الجنوبية»، عازياً السبب إلى رخص ثمنها وسهولة تداولها بين المتعاطين. كما يشير إلى أن مادة الكوكايين تليها بنسبة 13 في المائة، فيما يبلغ تعاطي المواد المخدرة الأخرى 18 في المائة، كما يشير إلى أن هناك مادتين مخدرتين تنتشران بنسبة أكبر من الكوكايين، وبشكل خطير، هما: السيلفيا والفراولة.
وتعتبر مادة لكوكايين هي الأغلى ثمناً بين أنواع المخدرات في لبنان بحيث يتراوح سعر الكيلوغرام منها بين 35 و60 ألف دولار أميركي، ويُباع الغرام الواحد في السوق بين 40 و80 دولاراً، وتعتبر مادة الهيروين هي الأرخص بحيث لا يتجاوز سعر الكيلو منها في حده الأقصى 15 ألف دولار، والغرام ما بين عشرة و20 دولاراً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.