قاعة الحفلات الملكية في أجمل نقطة على ضفة التيمز الجنوبية

قاعة الحفلات الملكية في أجمل نقطة على ضفة التيمز الجنوبية
TT

قاعة الحفلات الملكية في أجمل نقطة على ضفة التيمز الجنوبية

قاعة الحفلات الملكية في أجمل نقطة على ضفة التيمز الجنوبية

إحدى أرقى قاعات الحفلات الموسيقية في لندن وأول مبنى بعد الحرب العالمية الثانية يُصنَّف في الدرجة الأولى ضمن المباني المُدرجة في المملكة المتحدة.
اكتمل بناؤها في عام 1951 كجزء من احتفالات مهرجان بريطانيا، تقع «رويال فيستيفال هول» (قاعة الحفلات الملكية) في موقع جذاب للغاية على ضفاف النهر، في الضفة الجنوبية لنهر التايمز، تطل شمالاً على محطة تشارنغكروس للسكك الحديدية وقصر ويستمنستر.
استغرق بناء قاعة الحفلات الملكية عامين، وتتسع لـ2900 متفرج من الطبقة الراقية، وبها عدة مساحات أضيق تُستخدم للعروض الموسيقية والعروض الفنية والتصوير الفوتوغرافي.
خلال الحرب العالمية الثانية، عانت لندن بشدة من القصف من قِبل القوات الجوية الألمانية النازية. وكانت أجزاء كبيرة من المدينة إما متضررة بشدة أو مدمَّرة. وبعد انتهاء الحرب، واجهت الحكومة البريطانية الحاجة إلى سداد الديون الكبيرة المتكبدة من خوض الحرب. وقد تعرقلت إعادة بناء المدينة بسبب عدم توفر الأموال وكان ثمة نقص في مواد البناء. واضطر السكان أيضاً إلى قبول فكرة توزيع المواد الغذائية بنظام الحصص بسبب قلة ما هو متوفر. وبحلول أواخر أربعينات القرن الماضي، قررت الحكومة رفع الروح المعنوية للمواطنين، وبذلك قررت تنظيم حدث أصبح معروفاً باسم مهرجان بريطانيا الذي عُقد في عام 1951.
كان مهرجان بريطانيا مصمما لتسليط الضوء على أفضل ما في الهندسة المعمارية الحديثة والتصميم والإبداعات في بريطانيا. كان من المقرر تنظيم تلك الأحداث في عدة مواقع في بريطانيا. في شرق لندن، صُمِّم مجمع سكني جديد كبير قد شُيِّد لإظهار كيف يمكن توفير مساكن ما بعد الحرب بمستوى عالٍ ويتسم بفعالية التكلفة. وفي وسط لندن، اُختير موقع مهجور تبلغ مساحته 29 فداناً بين محطة قطار واترلو ونهر التايمز لتشييد قاعة الحفلات الملكية وغيرها من المباني لاستضافة العروض المتعلقة بالحياة البريطانية والابتكار. وللأسف عندما أُغلِق المعرض، تقرر إزالة معظم المباني من الموقع، ولم تتبقَ سوى قاعة الحفلات الملكية.
داخل قاعة الحفلات الملكية، يوجد حالياً معرض يتناول تفاصيل مهرجان بريطانيا، مع نموذج رائع يبين مخطط المباني في الموقع وصوراً من وقت المهرجان. على أحد الجدران، يوجد نسيج ممتع صنعته مجموعة نسائية بـ100 لوحة منفصلة، تُظهر كل منها حدثاً مهماً في نطاق 100 سنة من عام 1851 إلى عام 1951.
كان المبنى من تصميم قسم الهندسة المعمارية في مجلس مقاطعة لندن، ومكسواً من الخارج بالحجر البورتلاندي الأبيض، وبه سقف نحاسي أخضر، منا يعطيه مظهراً جذاباً. عندما بُني، بدا مشرقاً، ونظيفاً، وحديثاً، وجذاباً. لقد كان بمثابة منارة تشير إلى مستقبل جديد جريء، تماماً مثلما تبدو مباني الأبراج الشاهقة عند بنائها، مثل مبنى برج خليفة في دبي، أو برجشارد في لندن عندما افتتح مؤخراً. والآن تبرز قاعة الحفلات الملكية كأنها مبنى جذاب نتاج عصره. يبدو أنه بُني بشكل جيد، وحتى بعد 65 عاماً، لا يزال يتسم بالحداثة. وقد صُنِّفت قاعة الحفلات الملكية كمبنى مُدرج من الدرجة الأولى في أبريل (نيسان) عام 1988، مما يجعله أول مبنى في بريطانيا ما بعد الحرب يُصَنَّف في الدرجة الأولى ضمن قائمة المباني المُدرجة.
تمتلك قاعة الحفلات الملكية خمسة طوابق. توجد قاعة الحفلات الموسيقية في مركزها. وتوجد مساحات أخرى حول قاعة الحفلات الموسيقية الرئيسية تُستخدم لمعارض الفن والتصوير الفوتوغرافي والأحداث الموسيقية المُقامة على نطاق أصغر. يوجد مكانان للمقاهي يطلان على النهر ومطعم، مما يوفر مساحات جذابة لرواد الحفلات الموسيقية والآخرين المارين بالجوار للتوقف والاستراحة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».