الأمم المتحدة قلقة إزاء عودة التوتر في الصحراء

الرباط تحذر من تأثير انتهاك وقف النار على العملية السياسية

TT

الأمم المتحدة قلقة إزاء عودة التوتر في الصحراء

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن قلقه البالغ إزاء التوترات الأخيرة المتزايدة بالقرب من الكركارات في المنطقة العازلة بالصحراء، حسبما أفاد المتحدث باسمه. وقال فرحان حق المتحدث باسم غوتيريس في بيان أصدره أول من أمس، إن «الأمين العام قلق بشكل عميق إزاء التوترات الأخيرة المتزايدة في المنطقة المجاورة للكركارات». وشدد على أن «انسحاب عناصر جبهة البوليساريو من الكركارات في أبريل (نيسان) الماضي، إلى جانب انسحاب العناصر المغربية من المنطقة في وقت سابق، كان أمراً حاسماً لتهيئة بيئة تفضي إلى استئناف الحوار برعاية مبعوثه الشخصي هورست كولر». ودعا الأمين العام إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات»، مشدداً على «ضرورة عدم عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية العادية، وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الوضع الراهن».
وأثارت عودة جبهة البوليساريو إلى نشر عناصر مسلحة تابعة لها في المنطقة العازلة بالصحراء، خلال الأسبوع الأول من السنة الحالية، استياء السلطات المغربية، التي عبرت للأمم المتحدة عن قلقها إزاء هذه الخطوة التي عدتها تهديداً لوقف إطلاق النار.
من جهته، قال عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في تصريح صحافي، إنه «أخذ علماً ببيان الأمين العام للأمم المتحدة، حول الاستفزازات الأخيرة لجبهة البوليساريو في منطقة الكركارات بالصحراء المغربية»، مشدداً على أن الأمين العام يشاطر المملكة المغربية بشكل كامل قلقها العميق إزاء انتهاكات الاتفاقات العسكرية والتهديدات بخرق وقف إطلاق النار من طرف جبهة البوليساريو. وقال هلال إن المغرب اتخذ مساعي على جميع المستويات منذ ظهور أول عناصر جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركارات في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، مضيفاً أن هذه العناصر، وبعد اعتراض سبيل المشاركين في «رالي تحدي الصحراء»، اضطرت إلى مغادرة المكان بأمر من بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء (مينورسو).
وأشار هلال إلى أن المغرب عاد إلى كبار المسؤولين في الأمانة العامة للأمم المتحدة، ونبه أعضاء مجلس الأمن الـ15 إلى خطورة انتشار عناصر مسلحة جديدة من «بوليساريو» بالكركارات، صباح يوم الجمعة الماضي، وتهديدات هذه الأخيرة بمنع مرور رالي «أفريقيا إيكو رايس» المرتقب اليوم الاثنين.
ودعا المغرب كافة محاوريه لتحمل مسؤولياتهم فوراً، وبشكل حازم، ومطالبة «بوليساريو» بمغادرة منطقة الكركارات بشكل فوري ودون قيد أو شرط. وأضاف الدبلوماسي المغربي أن بلاده تدين بشدة هذه الأعمال الاستفزازية المتكررة التي تقوم بها «بوليساريو»، والتي تنتهك الاتفاقات العسكرية، وتهدد وقف إطلاق النار القائم منذ سنة 1991، وتمس بشكل خطير بالأمن والاستقرار في المنطقة، معتبراً أن هذه التحركات غير المسؤولة من طرف «بوليساريو» تشكل تحدياً للمجتمع الدولي وإهانة للأمين العام ولمجلس الأمن.
وسجل الدبلوماسي المغربي أن البيان الذي أدلى به الأمين العام للأمم المتحدة واضح وقوي في الأمر الموجه إلى «بوليساريو» كي لا تعيق، بأي شكل من الأشكال، حرية التنقل المدني والتجاري، وهو ما يشكل رفضاً قاطعاً وقوياً لاستفزازات جبهة البوليساريو، ولعرقلتها حرية التنقل في المنطقة العازلة في الكركارات.
وفضلاً عن ذلك، يضيف هلال، وجه الأمين العام رسالة مباشرة وحازمة إلى «بوليساريو» من خلال تأكيده على ضرورة «عدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الوضع الراهن في المنطقة العازلة». ولذلك، يقول السفير المغربي إن وجود «بوليساريو» بالكركارات غير قانوني، لأنه ينتهك الاتفاقات السارية، ويسعى لتغيير وضع المنطقة. وبالتالي فثمة ضرورة ملحة لانسحاب «بوليساريو» فوراً ودون قيد أو شرط، من أجل العودة إلى الوضع الذي كان قائماً.
وحذر هلال من أن المناورات الحالية التي تقوم بها «بوليساريو» تهدف إلى تكرار نفس سيناريو أزمة مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، مشيراً إلى أن «بوليساريو» أبانت بهذا عن قصور في الذاكرة، إذ نسيت أنه تم إجبارها على سحب عناصرها المسلحة من قبل مجلس الأمن الذي منحها مهلة 15 يوماً للامتثال لأمر الانسحاب.
ورداً على سؤال حول تذكير الأمين العام بالصلة بين انسحاب «بوليساريو»، وضرورة تهيئة جو يفضي إلى استئناف الحوار السياسي، أجاب هلال بأن تحذير غوتيريس «مهم جداً لأن هذا الأخير يدرك أنه لا مجال لمسلسل سياسي عندما تختار الأطراف الأخرى الاستفزاز والتصعيد». وأوضح هلال أن المغرب، شأنه في ذلك شأن الأمين العام وأعضاء مجلس الأمن، يرى أن استفزازات جبهة البوليساريو تتناقض مع الجهود الحالية لكولر لإحياء العملية السياسية.
وحذر سفير المغرب من أن أي مسلسل سياسي غير ممكن طالما أمعنت الأطراف الأخرى في انتهاكاتها المتكررة للاتفاقات العسكرية، ولوقف إطلاق النار، وكذلك في تكتيكاتها المعتادة لإذكاء التوتر والتأزيم عشية الاستحقاقات الأممية. وخلص هلال إلى أن «المملكة المغربية أوفت بالتزاماتها منذ أزمة العام الماضي، ولم تقم بأي عمل يؤثر على الوضع بالمنطقة العازلة في الكركارات، كما أنها تتحلى بضبط النفس انسجاماً مع الرغبة المعبر عنها من طرف الأمين العام، غير أن لصبرها حدوداً».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.