تشعر الدوائر الألمانية بالارتياح لسياسات البنك المركزي الأوروبي، لأنها لا تتبع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بشكل أعمى، وتضع المصلحة الأوروبية على رأس أولوياتها، خصوصاً في ظل أن ألمانيا هي أكبر اقتصاد في القارة الأوروبية، مما يعني أنها من أكبر المتأثرين بقرارات وسياسات المركزي الأوروبي.
ولم تتفاجأ حكومة برلين بقرارات المصرف المركزي الأوروبي القاضية بعدم رفع نسب الفوائد على الإيداعات، وإبقائها عند مستوى صفر في المائة، فهذا ما كانت ترغب به في الوقت الذي رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي فائدته، في ظل مساعي الأخير للتخارج من تدابير خفض الفائدة التي اتبعها منذ الأزمة المالية العالمية حتى يحفز الاقتصاد على النمو.
ويقول ماريو رافايل، الخبير في وزارة المالية الألمانية، إن سياسة الفائدة التي يطبقها المركزي الأوروبي تعد سلوكاً «استراتيجياً» للغاية، ويعكس استقلالية تامة للبنك عن القرار الأميركي.
ويشير الخبير إلى أن سياسة التيسير الكمي مستمرة أوروبياً. وفي حال احتاج المركزي الأوروبي إلى تكثيف عمليات شراء أذون الخزائن الأوروبية، فإن وتيرة الشراء تشتد بدلاً من أن تضعف، كما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي سياق متصل، تقول ناتالي غراتفول، الخبيرة في الشؤون الإنمائية الاقتصادية في فرانكفورت، إن عمليات شراء أذون الخزائن الأوروبية، ومن بينها تلك الألمانية المعروفة باسم «بوند»، من قبل المصرف المركزي الأوروبي ستتراجع لما إجماليه 30 مليار يورو شهرياً، اعتباراً من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، وسيستمر المركزي الأوروبي في هذه السياسة الشرائية لغاية شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2018، وربما لأشهر عدة إضافية في حال اقتضى الأمر.
وبرأي غراتفول، فإن انتعاش النمو الاقتصادي في منطقة اليورو سيشعل من دون شك موجة غلاء المواد الاستهلاكية مجدداً.
وعلى كل الأحوال، تتوقع هذه الخبيرة أن ينخفض نمو الناتج القومي لمنطقة اليورو من 2.4 في المائة عام 2017 إلى 2.3 في المائة عام 2018، ثم إلى 1.9 في المائة في عام 2019، علماً بأن التوقعات الألمانية السابقة التي صدرت في شهر سبتمبر الفائت أشارت إلى نمو يرسو عند مستوى 2.2 في المائة في عام 2017، و1.8 في المائة في عام 2018، و1.7 في المائة في عام 2019.
وفيما يتعلق بالتضخم، تتوقع غراتفول أن يتراجع من 1.5 في المائة في عام 2017 إلى 1.4 في المائة عام 2018، ثم يعود ليقفز إلى 1.5 في المائة في عام 2019.
وعلى مستوى أسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق الأوروبية، يقول إيفو مينسن، المحلل الاقتصادي في برلين، إنها مرشحة للارتفاع إلى 1.7 في المائة لغاية عام 2020، ويشير إلى أنه من أهم أهداف سياسات المركزي الأوروبي السيطرة على هذا الارتفاع كي لا يتجاوز مستوى 2 في المائة. فاستقرار أسعار المواد الاستهلاكية، رغم ارتفاعها لكن بصورة مقبولة، من شأنه ضمان الراحة لجميع مواطني دول منطقة اليورو ومصارفها.
ويتوقع مينسن تقلص معدلات البطالة في الأسواق الأوروبية خلال الفترة المقبلة، مما سيعزز من شعور المواطنين بالتحسن، خصوصاً أن بعض الأسواق الأوروبية لا تزال تعاني من معدلات مرتفعة نسبياً من البطالة، مثل اليونان وإيطاليا وفرنسا.
ألمانيا راضية عن سياسات المركزي الأوروبي
ألمانيا راضية عن سياسات المركزي الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة