جعجع: الانتخابات ستكون مفصلية

حض على النأي بالنفس والانسحاب من أزمات المنطقة

TT

جعجع: الانتخابات ستكون مفصلية

رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن النأي الفعلي بالنفس يكون من خلال الالتزام بقرارات الدولة اللبنانية، والانسحاب من أزمات المنطقة، معتبراً أن الانتخابات النيابية مفصلية لمستقبل لبنان، وهي معركة بين خطين سياسيين، ومواجهة بين نهجين للحكم.
وفي كلمة له خلال الإعلان عن مرشح «القوات» عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه، المهندس أنيس نصار، قال جعجع «لم نقبل ولن نقبل بأن يكون في لبنان دولة مهمتها متابعة الأمور الإدارية والاقتصادية والسياسة المحلية، ودولة أخرى تهتم بالشؤون الاستراتيجية والمصيرية المتصلة بالحرب والسلم ودور لبنان الخارجي. لم ولن نقبل إلا بوجود دولة واحدة سيدة على أرضها وممسكة بالقرار الاستراتيجي. لم ولن نقبل إلا بأن تكون كل القرارات من مسؤولية الحكومة اللبنانية وحدها، فلا يحق لأي طرف أن يتفرد بأي قرار يعني كل الشعب اللبناني. لم ولن نقبل بأي وجود عسكري خارج إطار الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية الشرعية، فلا سلاح خارج الدولة ومؤسساتها».
وأضاف: «الانتخابات مفصلية لمستقبل لبنان، فلا يحاولن أحد التقليل من شأنها عبر تدوير زوايا من هنا، أو تسويف من هناك. هي معركة ما بين خطين سياسيين، الأول يريد الحرية والسيادة والأمن والاستقرار للبنان، أما الثاني فيرفض أن يعلو صوت فوق صوت المعركة؛ ومواجهة ما بين نهجين للحكم، الأول قائم على القانون والشفافية والنزاهة والمناقبية، أما الثاني فقائم على تقاطع المصالح والنفعية والزبائنية والصفقات، ونقول للشعب اللبناني إن الأمور واضحة أمامكم وضوح الشمس، فاقترعوا بالاستناد إلى تجربتكم الخاصة».
وأكد «اليوم لا يمكن لأحد أن يقول: إن هذه الانتخابات معلبة ونتائجها معروفة سلفاً، فالنسبية أفسدت أحلام الإلغاء والصوت التفضيلي أنهى مشاريع التهميش». وشدد على أن «هذه المرة لكل صوت قيمة بحد ذاته والإنجاز الأهم الذي حققناه بعملنا لإقرار قانون الانتخاب الجديد، هو أننا وضعنا بين أيديكم خمس وزنات، فإما أن تسارعوا للعمل لكي تصبح أخماساً مخمسة، أو تدفنوا قلوبكم ومستقبل أولادكم في التراب».



الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
TT

الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

في ظل غياب رؤية واضحة بشأن الحدود المسموح بها للتعامل مع الحوثيين مع سريان قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية»، أكد سياسيون يمنيون ورجال أعمال أن الضبابية تلف مشهد مرحلة ما بعد التصنيف على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وسط تحذير الحكومة من أي تعامل مع الجماعة سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً.

وذكر سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن مسار العملية السياسية مع الحوثيين في أعقاب هذا القرار غير معروف، خصوصاً أن هناك أنباء عن ضم عدد من قادة الجماعة إلى قوائم الإرهاب؛ لأن ذلك يفترض أن يحول دون عقد أي لقاءات معهم، وتوقعوا أن تذهب الجماعة نحو التصعيد إذا ما اشتد الخناق عليها اقتصادياً وسياسياً خلال المرحلة المقبلة.

المخاوف ذاتها كانت حاضرة لدى القطاع التجاري في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فقد أكدت مصادر عاملة في تلك المناطق لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع التجاري تلقى تطمينات من الجانب الحكومي بأن التصنيف لن يؤثر على استيراد المواد الغذائية ولا على فتح الاعتمادات المستندية؛ لأن هذه العملية تجري أساساً منذ سنوات عبر «البنك المركزي اليمني» في عدن بعد نقل مقره الرئيسي إلى هناك.

وعلى الرغم من هذه التوضيحات، فإن المصادر أكدت أن القطاع التجاري لا يزال بحاجة إلى توضيحات أكثر لمعرفة الحدود والمجالات التي يمكن العمل بها في مناطق سيطرة الحوثيين، وبما يجنب التجار أي تبعات لهذا التعامل، وبحيث لا تطولهم العقوبات الأميركية. وبينت أن الاتصالات التي تجريها الغرفة التجارية مع الجانب الحكومي متواصلة، وأنه سيجري الحصول على تفاصيل كاملة بشأن هذه القضايا.

الأمين العام للأمم المتحدة يتوسط وزير الخارجية اليمني الأسبق والمتحدث باسم الحوثيين (إعلام محلي)

وبشأن عمل المنظمات الأممية في مناطق سيطرة الحوثيين، ذكرت مصادر حكومية أن الجانب الأميركي أبلغ الأمم المتحدة أن هناك استثناءات ستوضع لعمل المنظمات الإغاثية، ولكن بشرط عدم استفادة الحوثيين أو المتعاونين معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تلك المساعدات، كما كان يحدث من قبل.

وكان الحوثيون يختارون الشركاء المحليين للمنظمات الأممية والدولية، وهم غالباً مؤسسات غير حكومية تتبع الجماعة أو يمتلكها قادة ونشطاء فيها، وكذلك الأمر بشأن الخدمات اللوجيستية للمنظمات، التي كان يحتكرها تجار ورجال أعمال من الحوثيين.

محاذير كبيرة

وفق مصادر يمنية عاملة في الجانب الإغاثي، ورغم الاستثناءات التي منحتها الولايات المتحدة للعمل الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن هناك محاذير كبيرة للعمل في تلك المناطق؛ لأن الحوثيين يتحكمون في كل شيء، حيث منعوا كل المنظمات غير الحكومية التي لا تتبعهم من العمل، وبالتالي فكل المنظمات الشريكة تدين بالولاء لهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وكذلك الأمر، وفق المصادر، بخصوص الخدمات اللوجيستية، فقد أصبح التجار في تلك المناطق تحت رحمة الحوثيين، وبالتالي؛ فإنهم يُرغَمون على دفع جبايات أو فوائد مالية للجماعة.

أكثر من 12 مليون يمني في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة للمساعدات (الأمم المتحدة)

ورجحت المصادر زيادة الأعباء إذا ما اتخذت الولايات المتحدة قراراً بإخراج البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين من نظام «التحويلات المالية العالمية (سويفت كود)»، وقالت إن المنظمات الإغاثية كانت قد اقترحت نقل الأموال المخصصة للعمل الإغاثي ونفقات تشغيل المكاتب ودفع المرتبات وتلك المخصصة للمحتاجين بديلاً عن المساعدات الغذائية، بشكل مباشر من الخارج إلى مناطق الحوثيين لتجاوز هذه العقبة، لكن لا يُعرف حالياً ما إذا كان هذا الخيار لا يزال قائماً أم إن هناك خيارات بديلة.

وكان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمنية، قد وصف هذه الخطوة ‏بـ«القرار التاريخي الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بمواجهة الإرهاب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي، ويمثل خطوة حاسمة لقطع مصادر تمويلها وعزلها دولياً، بعدما ثبت تورطها في استهداف المدنيين، وتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمصالح الإقليمية والدولية».

وبين الوزير اليمني أنه «وفقاً لقرار التصنيف، فإن كل من يتعامل مع الحوثيين معرض للملاحقة القانونية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، والعقوبات المالية، وتجميد الأصول المرتبطة بأي تعامل معهم، والعزل السياسي والمجتمعي».

وحذر الإرياني جميع الجهات والأفراد من مغبة التعامل مع ميليشيا الحوثي بعد تصنيفهم «إرهابيين»، وأكد أن أي تواصل سياسي أو اقتصادي أو إعلامي أو اجتماعي معهم سيعدّ «تواطؤاً مع الإرهاب» وسيواجَه بعواقب قانونية صارمة.

ودعا الوزير رجال الأعمال إلى وقف أي تعامل مالي أو تجاري مع الحوثيين فوراً، كما دعا السياسيين والإعلاميين إلى «عدم محاولة منح الشرعية لجماعة إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي»، وحذر القبائل والشخصيات الاجتماعية من «الوقوع في فخ الحوثي، فهو يستغل الجميع ثم يتخلص منهم».

كارثة إنسانية

وحذر ناشط حقوقي يمني بارز من «كارثة إنسانية وشيكة في اليمن، جراء ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع أزمة اقتصادية خانقة تضرب البلد» الغارق في أتون حرب مستمرة منذ 10 سنوات.

ودعا عرفات حمران، رئيس «منظمة رصد للحقوق والحريات»، الحكومة إلى تشكيل غرفة طوارئ عاجلة؛ «لأن التقارير الإنسانية والإغاثية والأممية ذات الصلة تُشير إلى أن البلاد توشك على دخول مرحلة (الكارثة)، وهي المرحلة التي تفقد فيها السلطات والمنظمات القدرة على الحد من انتشار المجاعة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «توسيع تدخلاته الإنسانية والمساهمة في وقف التدهور المريع للوضع الإنساني في البلاد».

قيود الحوثيين حالت دون وصول المنظمات الإنسانية إلى المستحقين (إكس)

ومع تأكيد الأمم المتحدة وجود 17.1 مليون يمني بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال هذا العام، وإصابة ملايين الأطفال بسوء التغذية والتقزم، نبه حمران إلى أن «غالبية الأسر اليمنية لا تستطيع شراء المتطلبات الأساسية من الغذاء؛ جراء الأزمة الاقتصادية ومحدودية فرص الدخل وانهيار العملة».

ودعا الحقوقي اليمني الحكومة إلى «تشكيل غرفة طوارئ على مدار الساعة، لجمع المعلومات والبيانات والتنسيق مع كل المنظمات الدولية والشركاء الدوليين والمحليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في عموم البلاد؛ لأن كل مواطن، سواء في مناطق الشرعية والحوثيين، هو مسؤولية الحكومة الشرعية».