موظفو القطاع الخاص يخوضون «معركة» المساواة بالعام

TT

موظفو القطاع الخاص يخوضون «معركة» المساواة بالعام

عادت مطالب القطاع الخاص في لبنان بتصحيح الأجور إلى الواجهة مع بداية العام الجديد وبدء العمل بضريبة القيمة المضافة التي حددت بـ11 في المائة لتمويل زيادة رواتب القطاع العام، في وقت اتهم فيه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الحكومة بإفقار الناس، قائلاً: «مجلس الوزراء أصبح (مجلس إدارة) لا صلاحية له في القرارات السيادية والعلاقات الخارجية، وفاشل حتى بمعالجة أبسط الأمور المعيشية والحياتية للمواطنين»، مضيفاً: «شاطر فقط بإقرار ضرائب وصفقات ليفقّر الناس».
وفي حين دعا الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان إلى التحرك دفاعاً عن لقمة العيش، والاعتصام في 25 من الشهر الحالي، يعبّر رئيس الاتحاد العمال العام بشارة الأسمر عن أمله في إمكانية تصحيح الأجور، مؤكداً أن المفاوضات مع الجهات المعنية متواصلة، وأنه سيتم إقرار هذه الزيادة في النصف الأول من العام الحالي.
ويشكل العاملون في القطاع الخاص أكثر من 75 في المائة، وتقدر نسبة موظفي القطاع العام بـ25 في المائة من القوى العاملة في لبنان، وقد أقر قانون الضرائب لتمويل زيادة رواتبهم بقيمة 1200 مليار ليرة لبنانية.
ويشير الأسمر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المفاوضات مع الهيئات الاقتصادية ووزارة العمل مستمرة تمهيداً لعقد اجتماع لجنة المؤشر التي لم تعقد اجتماعات منذ عام 2011، وهي التي كان يفترض أن تصدر تقريراً سنوياً حول هذا الموضوع، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
وأكد: «لا تراجع عن تصحيح أجور القطاع الخاص. وإذا وصلت المفاوضات إلى حائط مسدود، سنلجأ إلى التصعيد»، مضيفاً: «لكن لغاية الآن، لا نزال متفائلين بإمكانية التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبات التركيز اليوم على نسبة هذه الزيادة، خصوصاً أن التقرير الذي أعدّه اتحاد العمال العام أظهر تضخماً في مؤشر غلاء المعيشة بنسبة تتراوح بين 40 و50 في المائة، في حين لا تتعدى النسبة في تقرير إدارة الإحصاء المركزي 14 في المائة».
وأوضح: «انطلاقاً من الواقع المعيشي في لبنان، نعتبر أن الحد الأدنى المقبول لحياة عمل لائق لأي مواطن لبناني يجب ألا تكون أقل من ألف دولار أميركي، علماً بأن الحد الأدنى الرسمي لا يزال نحو 430 دولاراً أميركياً، في وقت ارتفع فيه الحد الأدنى في القطاع العام مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 630 دولاراً، وهو ما يعتبر إجحافاً يطال أكثر من مليون موظف في القطاع الخاص».
وشدّد الأسمر على أن الاتحاد العمالي أرفق خطته حول هذا الموضوع بتدابير عدّة، منها حماية اليد العاملة اللبنانية، بحيث لا تلجأ المؤسسات إلى استبدال العاملين اللبنانيين بالأجانب مقابل رواتب منخفضة، وذلك عبر إجراءات تصل إلى حد إقفال المؤسسة التي تقوم بهذه المخالفة، إضافة إلى سلّة تقديمات، منها التعويضات العائلية والمنح المدرسية وبدل النقل وغيرها.
وأشار الأسمر إلى أن الاتحاد سيخوض معركة العمال، مع حرصه على تفعيل الدورة الاقتصادية، والأخذ بعين الاعتبار وضع المؤسسات الخاصة التي تمر بمرحلة اقتصادية صعبة، في ضوء المقاطعة الخليجية للبنان، وضعف الإنتاج، وعدم حماية الصناعة الوطنية، وهي كلّها عوامل تؤثر سلباً على الاقتصاد.
وعبّر عن أمله في أن يشهد الوضع الاقتصادي تحسناً، في ظل بعض المؤشرات الإيجابية، والسعي لوضع خطة اقتصادية واضحة من شأنها أن تنعكس على 90 في المائة من الشعب اللبناني. وكانت الخطة محور اجتماع المجلس الاقتصادي الاجتماعي يوم أمس مع رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أكد أن «دور المجلس الاقتصادي الاجتماعي أساسي في مواكبة التحضير للخطة الاقتصادية الجديدة التي تحيي كل قطاعات الإنتاج في لبنان»، داعياً «جميع الأطراف السياسية إلى التعاون من أجل إنجاح هذه الخطة التي تستنهض الاقتصاد اللبناني المنتج بعد طول ركود».
كان اتحاد العمال العام قد أعلن أول من أمس بعد اجتماع المجلس التنفيذي أن تصحيح الأجور في القطاع الخاص، فضلاً عن استكمال تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، موضوع لا يقبل التأجيل ولا التسويف، وأكد أن «المسألة هي استعادة القدرة الشرائية للأجور التي فقدتها على مدى أكثر من عقدين كاملين، أي منذ عام 1996، سواء بسبب إهمال التصحيح الدوري للأجر أو بسبب فلتان الغلاء وارتفاع الأسعار أو الضرائب والرسوم من كل أنواعها، وأخيراً بسبب كلفة سلسلة الرتب والرواتب من هذه الضرائب والرسوم».
وبحسب الاتحاد: «تشير مجمل تقديرات الخبراء إلى أن حصة الأجور من الناتج المحلي انخفضت من نحو 45 في المائة إلى ما يقارب 25 في المائة فقط، وهذا يعني أن الأجور رغم بعض التصحيحات الموسمية وغير المدروسة ولا العلمية خسرت نحو 80 في المائة من قدرتها الشرائية. وقد جرى ذلك في ظل أسوأ وأغلى خدمات اجتماعية من التعليم إلى الكهرباء إلى المياه والنقل، وسواها من شؤون الحياة اليومية، وكل ذلك يجري في مجتمع تبلغ البطالة فيه نحو 25 في المائة، وترتفع بين الشباب وخريجي المعاهد والجامعات والكليات إلى أكثر من 40 في المائة».
من جهته، أصدر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين يوم أمس بياناً بعد اجتماع له، وقال: «إن الأزمة المعيشية التي يعاني منها العمال والمستخدمون وسائر الفئات الشعبية تنذر بكارثة وطنية وشيكة، إن لم تعمد السلطتان التنفيذية والتشريعية إلى اتخاذ التدابير المؤدية لوقف التدهور الحاصل الذي أوصل البلاد إلى حافة الانهيار».
وأضاف: «إلى جانب البطالة التي تزداد يوماً بعد يوم، يرى أغلبية اللبنانيين أجورهم تتآكل بفعل الغلاء المتمادي، في وقت بدأت فيه الضرائب - بعد زيادة الضريبة على القيمة المضافة التي وضعت بحجة تغطية سلسلة الرتب والرواتب - تأكل القسم الأكبر من الأجر الزهيد، بالإضافة إلى سرقة التقديمات الاجتماعية».
ودعا الاتحاد «الطبقة العاملة والمستخدمين وكل المتضررين من السياسات الاقتصادية والاجتماعية إلى التحرك دفاعاً عن لقمة عيشهم»، والمشاركة في اعتصام بعد ظهر يوم 25 من الشهر الحالي في وسط بيروت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.