تركيا تواصل الهجوم على اميركا وتسعى إلى تخفيف التوتر مع ألمانيا

TT

تركيا تواصل الهجوم على اميركا وتسعى إلى تخفيف التوتر مع ألمانيا

واصلت أنقرة هجومها على واشنطن والنظام القضائي الأميركي الذي اعتبرت أنه شريك في مؤامرات ضدها، بسبب الحكم الصادر بإدانة مسؤول مصرفي تركي سابق بالتحايل من أجل انتهاك العقوبات الأميركية على إيران، في الوقت الذي سعت فيه لتخفيف التوتر مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي. وطالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الولايات المتحدة، بـ«إعادة النظر في مفهومها للعدالة وعدم إعطاء دروس العدالة للعالم» على خلفية إدانة القضاء الأميركي لنائب رئيس بنك «خلق» الحكومي التركي محمد هاكان أتيلا بخرق العقوبات الأميركية على إيران، في الفترة ما بين 2010 و2015.
واعتبر إردوغان، في مؤتمر صحافي في إسطنبول قبل توجهه إلى باريس، في زيارة لفرنسا، أمس، أن محاكمة أتيلا هي جزء من العديد من المؤامرات الكثيرة التي تتعرض لها تركيا في الفترة الأخيرة.
وأدانت هيئة محلفين أميركية، النائب السابق لرئيس بنك «خلق» التركي، محمد هاكان أتيلا، في 5 تهم من أصل 6 وجهت إليه، خلال محاكمته بالولايات المتحدة، حيث أدين بتهم «خرق عقوبات واشنطن على إيران»، و«الاحتيال المصرفي»، و«المشاركة في خداع الولايات المتحدة»، و«المشاركة في جريمة غسل أموال»، و«المشاركة في خداع البنوك الأميركية»، في حين تمت تبرئته من تهمة «القيام بغسل أموال».
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ إنّ قرار هيئة المحلفين الأميركية مخالف للقانون الدولي، ولا قيمة قانونية له بالنسبة لتركيا.
في المقابل، واصلت أنقرة سعيها لتخفيف التوتر مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ودعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بداية جديدة في علاقات بلاده المضطربة مع ألمانيا، مشيراً إلى احتمال تعزيز التعاون الاقتصادي، ولا سيما في مجالي النقل والطاقة، إذا تحسنت العلاقات.
وحث الوزير التركي في مقال لمجموعة «فونكه» الإعلامية الألمانية أمس الجمعة، عشية اجتماع مع نظيره الألماني زيغمار غابرييل، إلى إنهاء «دوامة الأزمة الحالية في علاقات تركيا وألمانيا»، وقال إن «كلا الجانبين له مصلحة في أن تكون هناك بداية جديدة في العلاقات الثنائية لأننا نعيش في وقت مليء بالتحديات».
وأضاف أن على ألمانيا انتهاج أسلوب أكثر «تعاطفاً» في تعاملاتها مع تركيا، وأن برلين لم تفهم بشكل كامل على ما يبدو «الصدمة» التي سببها الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في منتصف يوليو (تموز) 2016، قائلاً إن هذا هو وقت تحسين العلاقات بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل الشهر الماضي، إن قرار تركيا الإفراج عن سادس ألماني من السجن أعطى أملاً بإمكان تحسين العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بعد تراجعها إلى أدنى مستوى لها في أعقاب محاولة الانقلاب. وانتقد ساسة ألمانيا بشكل صريح الحملة الأمنية التي شنتها تركيا منذ محاولة الانقلاب. وسُجن خلالها عشرات الآلاف من الأتراك، من بينهم نحو 12 ألمانياً، وانتقدت أنقرة، برلين، لعدم تسليمها طالبي لجوء تتهمهم بالتورط في محاولة الانقلاب.
في السياق ذاته اتهم الصحافي الألماني دنيز يوجال، المعتقل في تركيا منذ أكثر من عشرة أشهر لادعاءات بشأن دعم الإرهاب دون توجيه اتهام، السلطات في تركيا، باحتجازه كـ«رهينة». يشار إلى أن يوجال واحد من أكثر من 165 شخصاً من العاملين بالحقل الإعلامي داخل السجون في تركيا.
وتشهد العلاقات بين برلين وأنقرة توتراً، لكن جاويش أوغلو قال قبل زيارته المقررة لألمانيا، اليوم السبت، للقاء وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، إن تركيا مهتمة بتطبيع العلاقات.
ومن جانبها تصر برلين على أن ذلك لن يحدث طالما بقي يوجال في السجن دون تهمة.
وواصلت أنقرة تصريحاتها الرامية لتخفيف التوتر مع الاتحاد الأوروبي، وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن إنّ بلاده ما زالت تسعى لتحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإنها ترغب في فتح صفحة جديدة مع الاتحاد.
ولفت في مقابلة تلفزيونية أمس إلى أن مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، تعرضت للعديد من الأزمات خلال السنوات الست الماضية، وأنّ تركيا تريد الآن فتح صفحة جديدة وفصول جديدة لمناقشتها، وتحقيق العضوية الكاملة في أسرع وقت.
وكان الاتحاد الأوروبي أكد أن علاقاته مع تركيا تستند إلى شراكة وثيقة، وأن الطرفين يلتزمان بما يقع على عاتقهما بخصوص اتفاقية الهجرة المبرمة بينهما في مارس (آذار) 2016.
وقالت مينا أندريفا المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، في مؤتمر صحافي أول من أمس، إن الاتحاد الأوروبي يبدي أهمية للتعاون الاستراتيجي مع تركيا في العديد من المجالات بدءاً من الأمن وانتهاء بمسألة الهجرة.
في سياق آخر، أقالت وزارة الداخلية التركية، رئيس مجلس بلدية بشيكتاش في إسطنبول، مراد خازندار، وهي أكبر بلدية تابعة لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، في إطار التحقيقات حول محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
وأقيل خازندار من منصبه، بينما يستمر التحقيق حول عدة اتهامات وجهت ضده مثل إهدار أموال عامة، وسوء استغلال السلطة، والانضمام إلى جماعة الداعية فتح الله غولن، التي تتهمها الحكومة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
وفاز خازندار في الانتخابات المحلية في 2014 بعد حصده 76 في المائة من الأصوات، في أفضل نتيجة لحزب الشعب الجمهوري الديمقراطي في إسطنبول بأسرها.
وفجرت إقالة خازندار، التي تشكل منعطفاً خطيراً في الحملة التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة في ظل حالة الطوارئ، غضباً واسعاً واحتجاجات من جانب أنصار «الشعب الجمهوري». وأقالت وزارة الداخلية منذ محاولة الانقلاب نحو 30 رئيس مجلس بلدية للمعارضة معظمهم ينتمون إلى حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.