الرئيس التونسي يلتقي اليوم الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج»

السجن 6 أشهر لمروجي إشاعة وفاة السبسي

TT

الرئيس التونسي يلتقي اليوم الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج»

دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الأحزاب السياسية والاجتماعية الموقعة على «وثيقة قرطاج»، التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية بقيادة يوسف الشاهد، إلى اجتماع اليوم الجمعة، ومن المرجح حسب بعض المراقبين أن يكون حاسما لتحديد وغربلة الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية التي تدعم عمل حكومة الوحدة الوطنية والمعارضة لها.
وضمت قائمة الموقعين على وثيقة قرطاج في البداية تسعة أحزاب سياسية، وثلاث منظمات نقابية، بيد أنها واجهت خلافات وانقسامات كثيرة بسبب عدم التوافق حول خيارات الحكومة، وهو ما أدى إلى انسحاب حزبي المسار الديمقراطي الاجتماعي والحزب الجمهوري، وتراجعهما عن دعم حكومة الشاهد، فيما اضطر ممثلو حزب آفاق تونس في الحكومة إلى تقديم استقالاتهم من الحزب للمحافظة على حقائبهم الوزارية.
وأعلن الباجي عن هذا الاجتماع بعد استقباله وداد بوشماوي، رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال التونسيين)، علما بأن آخر اجتماع للأطراف الموقعة على تلك الوثيقة كان في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أي قبيل الإعلان عن التعديل الوزاري الذي اتخذه رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وبخصوص هذه المبادرة الرئاسية قال بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاجتماع «يعد الأول من نوعه الذي يدعو له الرئيس بصفة رسمية، وهو يكتسي أهمية كبرى، وسيكون له تأثير مباشر على المشهد السياسي الحالي، إذ إن الرئيس السبسي كان وراء مبادرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي جاءت على أنقاض حكومة الحبيب الصيد، وفي حال فشل الحكومة في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك سيؤثر بصفة مباشرة على تلك المبادرة الرئاسية».
وأوضح بلقاسم أن عددا من الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج انخرط قبل أيام في إجراء تحالف سياسي انتخابي، استعدادا للانتخابات البلدية المنتظرة في السادس من مايو (أيار) المقبل، كما أن تجمع رجال الأعمال ونقابة العمال أصبحا على طرفي نقيض مع الحكومة بعد إقرارها مجموعة من الزيادات في أسعار المواد الأساسية والضرائب الخاصة بالمؤسسات الاقتصادية، وقد يكون هذا الاجتماع فرصة مناسبة لإعادة تحديد المواقف من عدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية، حسب بلقاسم.
على صعيد آخر، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة جندوبة (160 كلم شمال غربي العاصمة) في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس بسجن عبد العزيز الجديدي وعبد الرزاق الخزري لستة أشهر، مع النفاذ العاجل وتغريم كل منهما خمسة آلاف دينار (نحو ألفي دولار)، بتهمة نشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام، وذلك إثر نشر خبر عبر شبكة التواصل الاجتماعي حول وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على موقع «فرنسا 24».
وقال ياسين عزازة، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين، إن الحكم الذي قضت به المحكمة بعيد كل البعد عما تضمّنه الملف والوقائع المنسوبة إلى موكليه، وأكد أنه سيتقدم بطلب استئناف للحكم الصادر ضدهما، واعتبار التهم مجرّدة وغير ثابتة، ولا مستندة إلى نصوص قانونية واضحة، على حد تعبيره.
وكانت قوات الأمن قد اعتقلت تونسيين في 19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إثر ترويج إشاعة موت الرئيس التونسي على موقع قناة «فرنسا 24»، وهو ما استنكرته تلك القناة، وتوعدت بملاحقة الأطراف التي تقف وراء تلك الإشاعة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.