المعارضة التركية تفجر الجدل بشأن تدريب ميليشيات موالية للحكومة

ادعاءات عن الإعداد لاستخدامهم خلال الانتخابات لصالح الحزب الحاكم

TT

المعارضة التركية تفجر الجدل بشأن تدريب ميليشيات موالية للحكومة

تصاعدت حدة الجدل في تركيا بشأن مزاعم لأحد أحزاب المعارضة عن معسكرات لتدريب المدنيين على استخدام الأسلحة وتشكيل ميليشيا موالية للحكومة عبر شركة للأمن أسسها بعض ضباط الجيش الذين فصلوا من الخدمة سابقا، بسبب ما كان يعرف في مجلس الأمن القومي التركي بالارتباط بـ«الفعاليات الرجعية» أي الجماعات الدينية المختلفة.
وانتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، الحاكم ماهر أونال، بشدة، ما جاء في تصريحات لرئيسة «الحزب الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، من أن الحزب تلقى معلومات تفيد بأن المدنيين يتلقون تدريبات على الأسلحة في معسكرات تابعة لشركة الاستشارات الدفاعية الدولية (سادات)، ووصفها بأنها تصريحات تحريضية وغير مسؤولة.
وقال أونال، في مقابلة مع قناة «سي إن إن تورك» الإخبارية التركية أمس (الأربعاء)، إن تصريحات أشينار التي أدلت بها أول من أمس بشأن تدريب المدنيين على حمل السلاح هي «محض هراء»، وأن اللغة المستخدمة من جانبها «غير مسؤولة».
وقالت أكشنار، التي كانت وزيرة للداخلية في تركيا خلال التسعينيات والتي انشقت عن حزب الحركة القومية العام الماضي، وأسست «الحزب الجيد» الذي تطمح من خلاله لوقف مسيرة حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب إردوغان في الحكم بعد 16 عاما، إنهم تلقوا معلومات تفيد بأن المدنيين في ولاية توكات بمنطقة البحر الأسود (شمال) وولاية كونيا (وسط) يتلقون تدريبات على الأسلحة في المعسكرات الخاصة بشركة «سادات».
وأضافت أكشينار أنه على الرغم من حصولهم على تأكيدات قوية لهذه المعلومات فإن بعض الأشخاص الذين شوهدوا يتحركون بمدافع بعيدة المدى مؤخرا قيل إنهم مرتبطون بمعسكرات التدريب هذه، وأن واحدا منهم (الميليشيات المسلحة) هو من مؤسسي «سادات».
وطالبت أكشنار الحكومة بالتحقيق في هذه المعلومات وتوضيح الأمر للشعب التركي.
وفي منتصف عام 2016، كان النائب بحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، فكري ساغلار، قال إن شركة «سادات» تأسست في بدايات الألفية الثانية على مجموعة من الضباط الذين فصلوا من الجيش بسبب ارتباطهم بـ«الفعاليات الرجعية».
وأشار ساغلار إلى أن هذه الشركة قريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتقدم «تدريبا غير منتظم على الحرب في مجالات مختلفة بما في ذلك الاستخبارات والحرب النفسية والتخريب والهجوم والكمائن والاغتيالات».
وكان اتهام العسكريين بالانتماء إلى الفعاليات الرجعية سببا لفصلهم من الخدمة بمعرفة مجلس الشورى العسكري الذي يجتمع سنويا للنظر في الترقيات في صفوف القوات المسلحة، وتم تخفيف هذا البند تدريجيا، ثم التغاضي عنه بعد أن اعترض الرئيس رجب طيب إردوغان عندما كان رئيسا للوزراء على فصل بعض العسكريين من الخدمة تحت هذا البند الذي كان يشير تحديا إلى حالة التدين لدى من يتم فصلهم من العسكريين، وكذلك لدى أسرهم وأقاربهم أو علاقتهم بجماعات دينية معينة. ونفى العميد المتقاعد عدنان تانري فيردي رئيس شركة «سادات» ادعاءات المعارضة بأن الشركة تقدم تدريبا على الأسلحة للمدنيين.
وبحسب أكشنار، فإن هذه المجموعات يتم إعدادها لاستخدامها في إثارة حالة من الفوضى إذا جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستشهدها تركيا في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 مخالفة لتوقعات حزب العدالة والتنمية الحاكم. وقال أكشنار، في مقابلة مع صحيفة «سوزجو» اليسارية، أول من أمس، «إنهم يحاولون تخويف الناخبين بالقول إن عناصر (سادات) أو بعض الجماعات المسلحة الأخرى سيكونون في الخدمة خلال الانتخابات»، مطالبة مسؤولي حزب العدالة والتنمية بالتحقيق في هذه الادعاءات.
واستنكر ماهر أونال، المتحدث باسم العدالة والتنمية، مزاعم أكشنار، قائلا إن «السلطات المعنية ستعلن أن هذا أمر مستحيل»، معتبرا أن ادعاءات أكشنار تهدف إلى إثارة مزيد من الاستقطاب في المجتمع التركي المنقسم بالفعل، واصفا سلوكها بـ«غير المسؤول».
وأضاف: «ما يدعونه هو أننا (حزب العدالة والتنمية) سمحنا لبعض الناس بالتصرف بطريقة من شأنها أن تشكل خطرا أمنيا. ولن نتغاضى أبدا عن ذلك. لن ندع أي شخص يضر بالدستور والنظام الحالي والاستقرار والثقة والأمن في هذا البلد».
كما نفى المتحدث باسم الحزب الحاكم شائعات مفادها بأن بعض المدنيين استولوا على أسلحة من الجنود الانقلابيين ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، قائلا: «في تلك الليلة عندما استولى الشعب على الأسلحة من الجنود الذين رفعوا هذه الأسلحة في وجوههم، لم يستخدموها تجاه هؤلاء الجنود. وبعد ذلك سلموا الأسلحة إلى الدولة. لم يكن هناك نهب. ولم يتم الاستيلاء على أي من الدبابات أو الأسلحة أو المعدات العسكرية، ولا يوجد أي شيء مفقود في المخازن العسكرية، بل على العكس من ذلك، فإن كل شيء أعادته الشرطة والجيش إلى مكانه».
في المقابل، أيد نائب رئيس «الحزب الجيد»، أوميت أوزداغ، ادعاءات رئيسة الحزب ميرال أكشنار، وقال في تصريحات أمس: «لا نعرف معلومات أكثر مما شاركناه مع الجمهور. لكن ما نعرفه هو أن هذه الأمور مثيرة للقلق للغاية».
وبدوره قال المتحدث باسم الحزب، أيتون تشيراي، إن المعلومات التي تلقوها تشير إلى «وجود مثل هذه الدورات التدريبية، وأن تدريبات الميليشيات تتم في سبع مدن مختلفة في تركيا، وتلقينا معلومات بأن بعض رؤساء البلديات يدعمون أيضا هذه التدريبات».
على صعيد آخر، أصدرت السلطات التركية أمس، أوامر اعتقال بحق 68 من المساهمين في «بنك آسيا» في عملية تستهدف حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وتركزت الحملة على مساهمي بنك آسيا، الذي صادرته الحكومة عام 2015 في إسطنبول، ويجري تنفيذها في 9 ولايات، وجاءت في إطار حملة موسعة تنفذها السلطات في إطار حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب تم خلالها حتى الآن سجن أكثر من 60 ألفا وفصل أو وقف أكثر من 160 ألفا عن العمل في مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وتثير انتقادات واسعة من جانب حلفاء تركيا في الغرب ومنظمات حقوق الإنسان الدولية بعد أن اتسع نطاقها ليشمل معارضين سياسيين.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.