إردوغان غاضب من نشر أميركا «الوحدات» الكردية على حدود تركيا

جدد التأكيد على نية أنقرة «تطهير» عفرين

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
TT

إردوغان غاضب من نشر أميركا «الوحدات» الكردية على حدود تركيا

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)

جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تأكيداته على أن بلاده ستقوم بـ«تطهير» عفرين ومنبج شمال سوريا من «وحدات حماية الشعب» الكردية، الذراع العسكرية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي كما فعلت من قبل مع «داعش»، شمال حلب.
وقال إردوغان، في كلمة أمام تجمُّع لأنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في شمال تركيا، أمس، إن بلاده «ستكرر ما فعلته ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا مع وحدات حماية الشعب الكردي».
وأضاف أن تركيا «ستفرض الأمن، حتماً، في المناطق المحاذية لحدودها»، قائلاً: «حينما نطهر مدينتي عفرين ومنبج بمحافظة حلب (الإرهابيين)، فإن أصحابهما الحقيقيين سيعودون إلى ديارهم، ومن ثم سنفرض الأمن في جميع المناطق المحاذية لحدودنا، بدءاً من تل أبيض بمحافظة الرقة ورأس العين بمحافظة الحسكة، لأن تلك المناطق تشكل لنا تهديداً».
وظهرت تقارير في وسائل الإعلام التركية تشير إلى عملية عسكرية مرتقبة في عفرين ستمتد إلى مناطق أخرى، ينتظر أن تنطلق في منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل.
في الوقت ذاته، وجدد الرئيس التركي انتقاداته لواشنطن بسبب استمرار تسليحها «الوحدات» الكردية، قائلاً: «منذ حصولي شخصياً على وعد بعدم تقديم السلاح (في إشارة إلى اتصاله الهاتفي أخيراً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قالت أنقرة إنه تعهد خلاله بمنع تسليح وحدات حماية الشعب الكردية)، وصل إلى الميليشيات الكردية أكثر من 4 آلاف شاحنة محملة بالسلاح والمدرعات».
وأشار إردوغان إلى أن الجانب الأميركي لم يكتفِ بنشر تلك الأسلحة على طول الحدود التركية مع سوريا، بل تم أيضاً تخصيص ميزانية للسنة المقبلة للغرض ذاته، لافتاً إلى أن ذلك تسبب بازدياد «شراسة» هذه الميليشيات يوماً بعد يوم. وأضاف: «ماذا نفعل عندما لا تريد هذه الدولة (الولايات المتحدة) العمل معنا؟ هي أدرى بمصلحتها، لكن ينبغي على الجميع في المنطقة القبول بحقيقة أننا سنسحق هذه الميليشيات بطريقة أو بأخرى، وفي وقت ليس ببعيد».
وتابع: «نريد العمل مع أميركا كما نعمل مع روسيا وإيران في سوريا، لكن المشكلة تكمن في مدى رغبة أميركا في العمل معنا. في حال تعاونت أميركا معنا سنكون سعداء، وسننظر إلى ما يمكننا القيام به معاً، ومن خطا تجاهنا خطوة فإننا لن نتردد في ردها بالمثل، وفي النهاية لا توجد بينا مشكلة لا يمكننا حلها».
في سياق متصل، تلقى إردوغان أمس برقية تهنئة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، أشار فيها إلى أن العلاقات التركية - الروسية «لم تكتفِ بالعودة الكاملة إلى طبيعتها، بل تطورت بسرعة أكبر في كثير من المجالات».
وأضاف بوتين أن الخطوات المشتركة بين تركيا وروسيا خلال الآونة الأخيرة، أسهمت في منع انتشار الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط، وشدد على أن تلك الخطوات أسست أيضاً للشروط اللازمة من أجل إطلاق العملية السياسية في سوريا. وأضاف بوتين أن «روسيا مستعدة لمواصلة تعاونها البناء مع تركيا في القضايا الإقليمية والدولية».
إلى ذلك، انتقدت وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي التركية بطء آلية تقديم المساعدات المالية التي تعهّد بها الاتحاد الأوروبي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، لدعم اللاجئين السوريين على الأراضي التركية.
وقالت الوزارة، في بيان لها، أمس، إن تركيا أنفقت من مواردها الوطنية، نحو 30 مليار دولار لتلبية احتياجات 3 ملايين لاجئ سوري مقيم على أراضيها خلال الأعوام السبعة الأخيرة.
ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهّد في 29 نوفمبر 2015 بتقديم دعم مالي إلى تركيا بقيمة 3 مليارات يورو لإغاثة السوريين، لكن جزءاً كبيراً من الدعم لم يصل إليها حتى الوقت الراهن.
وأشارت إلى أن الجانب الأوروبي تعهّد أيضاً في 18 مارس (آذار) 2016، عند توقيع اتفاق اللاجئين بين الجانبين، بتسريع استخدام الدعم المالي المذكور، وتفعيل 3 مليارات يورو إضافية حتى نهاية 2018.
وذكر البيان أن هذا الدعم المالي ليس مقدَمّاً لتركيا، وإنما هو مخصص لأجل السوريين المصنّفين ضمن قانون الحماية المؤقتة والمقيمين في أراضيها بسبب الحرب المستمرة في بلادهم.
وطالَب البيان الاتحاد الأوروبي بضرورة الإسراع في وفاء الاتحاد الأوروبي بوعوده وتعهّداته من أجل تلبية احتياجات اللاجئين السوريين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.