لم يخفف البيان التوضيحي الذي أصدره مكتب وزير الخارجية جبران باسيل حول «الاجتزاء من حديثه»، من حدة الهجمة السياسية التي قادها ناشطون مؤيدون لحليفه «حزب الله» و«حركة أمل» عليه، إذ أثارت تصريحاته حول «عدم رفضه لوجود دولة إسرائيل» استياء عارماً، ومن شأنها أن تؤثر على علاقة «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه، بحليفه «حزب الله».
وقال باسيل في تصريح لقناة «الميادين» مساء أول من أمس إنه بالنسبة إليه «ليس الصراع مع إسرائيل قضية آيديولوجية»، وإنه لا يرفض وجود إسرائيل وحقها بالأمان، من غير أن ينفي الاختلاف مع إسرائيل.
ولم يصدر «حزب الله» أي موقف من تصريحات باسيل المثيرة للجدل، كما رفضت مصادره التعليق على ما جاء في تصريح باسيل، رغم أن حملة إلكترونية قادها نشطاء ضد وزير الخارجية في «تويتر»، تصاعدت منذ بث لقائه في «الميادين»، واستمرت حتى اليوم التالي.
وقالت مصادر لبنانية مواكبة للحملة الإعلامية ضد وزير الخارجية، إن باسيل على ما يبدو «أخطأ، لأن البلد الآن في موقع آخر يعارض الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما يعارض نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس». وأشارت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يدعو للاستغراب أن باسيل كان أطلق خطبة عصماء في جامعة الدول العربية ضد المسعى الأميركي، ما يرجّح أن ما قاله في المقابلة التلفزيونية كان زلّة، ولم يغير موقفه عما قاله في خطاب الجامعة العربية، وحاول إيضاحه في البيان الذي أصدره»، معربة عن توقعاتها بأن «يتجاوز حزب الله هذا الخطأ ولا يؤثر على علاقتهما».
وأصدر المكتب الإعلامي للوزير جبران باسيل بياناً قال فيه إن المقطع المتداول مجتزأ، معتبراً أن «الهدف من هذا الاجتزاء هو تحريف موقف الوزير باسيل وتشويهه، وهو الموقف المعروف من إسرائيل ككيان معتد يمارس إرهاب الدولة». ورأى أن هناك «من يتلطى وراء هذه الحملة ومن يلتحق بها لتكون مبرمجة ومنظمة لضرب الموقف الذي عبر عنه الوزير باسيل في جامعة الدول العربية والمس بقضية القدس».
وقال المكتب الإعلامي لباسيل «إن الموقف اللبناني من قضية الصراع العربي - الإسرائيلي ومن قضية فلسطين ثابت، وهو مندرج تحت مرجعية الشرعية الدولية وضمن مرجعية الحقوق العربية والفلسطينية المشروعة واستعادتها كاملة وضمن المبادرة العربية للسلام المجمع عليها في بيروت في مارس (آذار) 2002، والذي لا يزال لبنان موافقا عليها».
وأشار إلى أن «ما قاله الوزير باسيل على مر السنين، وفي هذه المقابلة بالذات على قناة الميادين في شكل خاص، من رفض وجود كيان إسرائيلي أحادي ومغتصب لحقوق فلسطين ولبنان والحقوق العربية وبأن إسرائيل عدو للبنان، لن يغيره أي اجتزاء»، مضيفاً أن «موقف لبنان وسياسته الخارجية وموقف الوزير باسيل من سعي لبنان إلى السلام العادل والشامل وفق منطوق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالصراع بدءا من القرار 181 وصولا إلى القرار 1701 لن تغيره هذه الحملة المشبوهة».
وغالباً ما تثير تصريحات باسيل بشأن إسرائيل استياء في صفوف جمهور «حزب الله» الذي يرفض في أدبياته السياسية الاعتراف بإسرائيل. وأثار مقترح باسيل قبل أسبوعين بافتتاح سفارة للبنان في فلسطين، ويكون مركزها القدس، أزمة سياسية سرعان ما طوقتها الحكومة عبر الإعلان عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيسها سعد الحريري لدراسة المقترح ومتابعته.
ورغم محاولة باسيل تطويق الجدل، بإصدار البيان، فإن الحملة في مواقع تواصلت ضده، فيما أظهر التصريح أن هناك أزمة سياسية سيتسبب بها. وقال الباحث السياسي الدكتور نسيب حطيط أنه «إذا كان تصريح باسيل بصفة شخصية أو بصفته رئيساً للتيار الوطني الحر، فهو يكون قد أبدى رأيا سياسيا لا يلزم أحداً، رغم أننا لا نوافقه الرأي من موقع آيديولوجي وقومي ووطني لأن إسرائيل كيان كمغتصب للأرض الفلسطينية ومتمرد على القرارات الدولية» أما إذا كان موقفه بصفته وزيراً للخارجية «فإنه لا ينطق باسم الدولة التي لم تعترف حتى اللحظة بوجود إسرائيل ضمن توصيفها لنفسها». وأشار حطيط إلى أن موقف حلفاء باسيل «مرتبط بهم وهم من يختار إبداء الموقف بطريقة علنية أم تركه لتفاهم ونقاش داخلي».
وقال حطيط لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان باسيل يقصد الاعتراف بإسرائيل كدولة لها حقوق، فنحن لن نعترف حتى لو اعترفت أي جهة سياسية أو إقليمية، ونتمنى أن تكون زلة أو خانه المصطلح، لأن الاعتراف بإسرائيل والقدس مقسمة، سيكون تمهيداً في المستقبل للقبول بالتوطين في لبنان». وإذ رأى أن باسيل بردّه «تحصن بسقف الدولة اللبنانية حول التزام الدولة بمبادرة السلام العربية»، قال: «إن التزام الدولة لا يلزم الشعوب التي لها خياراتها، على الأقل بالنسبة للمؤمنين بالمقاومة ولا يؤمنون بأي تسوية من إسرائيل».
جمهور «الثنائي الشيعي» يهاجم باسيل بعد تصريحه عن «وجود إسرائيل»
وزير الخارجية يوضح: لبنان لا يزال موافقاً على المبادرة العربية
جمهور «الثنائي الشيعي» يهاجم باسيل بعد تصريحه عن «وجود إسرائيل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة