الأزمة القطرية... تحدٍّ إقليمي من نوع آخر

الأزمة القطرية... تحدٍّ إقليمي من نوع آخر
TT

الأزمة القطرية... تحدٍّ إقليمي من نوع آخر

الأزمة القطرية... تحدٍّ إقليمي من نوع آخر

شهد عام 2017، تطورات خطيرة في العلاقات الخليجية - الخليجية. فرغم ما يعرف باسم «الأزمة القطرية» التي انفجرت أحداثها بشكل مفاجئ في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن لهذه الأزمة خلفية طويلة تمتد إلى ما بعد أحداث عام 1995، في قطر و«انقلاب القصر» الذي تمخض عنه الإطاحة بأمير قطر الراحل الشيخ خليفة آل ثاني وتولي ولي عهده الشيخ حمد بن خليفة السلطة.
النظام الجديد في قطر الذي تولى السلطة في يونيو 1995، تبين أن له رؤى وطموحات مختلفة بشكل جذري عن النظام القطري السابق. وكان أهم ما يعنينا هو نظرة النظام القطري الجديد إلى البيت الخليجي، والعلاقات الخليجية - الخليجية. فلم يمر وقت طويل حتى اكتشف الشركاء الخليجيون أن النظام القطري لا يضع العلاقات مع دول الخليج ضمن أولوياته، وأن أولوياته تكمن في توجهات أخرى خارج منطقة الخليج. وتبني هذه التوجهات كان أول شرخ في العلاقات القطرية - الخليجية. وخلال السنوات اللاحقة تحولت سياسة قطر الخارجية والأمنية إلى مصدر قلق لأغلب، إن لم يكن لجميع الشركاء الخليجيين. فسياسة قطر بجميع أبعادها الدبلوماسية، والأمنية، والإعلامية أمست مصدراً للقلق، وبدأت تشكل تهديداً للقيم والأصول والقواعد التي كانت قائمة، والتي كانت تحكم علاقات الأخوة الخليجية منذ زمن طويل. فسلوكيات النظام القطري الجديد بعد عام 1995، قادت إلى هدم الثقة بين قطر وشركائها في الخليج. ولعبت دبلوماسية الدوحة، ووسائل الإعلام القطرية، خاصة قناة الجزيرة الفضائية، دوراً سلبياً في تعميق أزمة الثقة بين قطر وشركائها الخليجيين.
لقد شهدت الفترة بين عامي 1995 - 2013، أزمات خطيرة عصفت بمسيرة العلاقات القطرية ـ الخليجية. وكان تدهور العلاقات القطرية - السعودية أهم علامة بارزة خلال هذه السنوات، إلى جانب أزمات قطرية متكررة مع مملكة البحرين ودولة الكويت ودولة الإمارات، وكانت فترات قيام، أو استعادة، عامل الثقة بين قطر وشركائها الخليجيين لا تعد أكثر من فترات استراحة قصيرة تعود بعدها عوامل عدم الثقة للسيطرة على مسيرة العلاقات.
واستبشرت القيادات الخليجية خيراً حين تم نقل السلطة في يونيو 2013، إلى ولي العهد الأمير تميم بن حمد، على أمل أن تبدأ القيادة القطرية الشابة صفحة جديدة عنوانها المحافظة على الأمن الجماعي لدول الخليج، وتأسيس علاقات أخوية قائمة على الثقة المتبادلة، واعتبار الأمن والاستقرار الخليجي أولوية.
غير أنه لم يمر وقت طويل حتى حدثت أزمة مارس (آذار) 2014، حين أعلنت كل من السعودية والبحرين والإمارات سحب سفرائها من الدوحة احتجاجاً على السلوك القطري، وتم الاتفاق على عودة العلاقات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. وجاءت هذه الأزمة على خلفية توقيع أمير قطر «وثيقة اتفاق الرياض» في 23 نوفمبر 2013، و«آلية الوثيقة التنفيذية» في 24 نوفمبر 2013، والتي تم التعهد من خلالها بتحسين السلوك القطري بما يراعي شكاوى الشركاء الخليجيين، ويحفظ الأمن والاستقرار الجماعي لدول الخليج.

اتفاق الرياض التكميلي

لكن عدم التزام قطر بما تعهدت به قاد إلى تطور أزمة 2014. وهذه الأزمة تمت تسويتها بتوقيع قطر على وثيقة أخرى تؤكد تعهداتها السابقة، وجاءت تحت اسم «اتفاق الرياض التكميلي» الذي تم توقيعه يوم 16 نوفمبر 2014، وقاد إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية.
وجاء عام 2017، ليشهد تكرار سلسلة الأزمات الخليجية مع دولة قطر، وليسجل ارتفاعاً حاداً في وتيرة فقدان الثقة الخليجية بالسلوكيات القطرية، وتكرار سيناريو تهديد السلوكيات القطرية لأمن واستقرار شركائها الخليجيين، وعدم التزام الدوحة بما تعهدت به سابقا عبر وثائق مكتوبة وموثقة.
ما فهمناه خلال السنوات الماضية أن قطر تريد أن تبقى في البيت الخليجي، وهو أمر يسر الجميع، وخلال الأزمة الأخيرة صدرت تصريحات متكررة من كبار المسؤولين القطرين تؤكد على تقدير قطر وحرصها على ديمومة منظمة مجلس التعاون الخليجي. ولكن يبدو أن ما تسعى إليه قطر هو عضوية مجانية في المنظومة الخليجية، عضوية خالية من الالتزامات أو القواعد أو الضوابط والقيود التي يجب أن تتوافر في أي كيان جماعي متعدد الشركاء، وهي تعمل لترسيخ عضوية خالية من الاهتمام بمصالح الشركاء الآخرين، وممارسة حرية مطلقة في سلوكها السياسي، تقارب الفوضى، على حساب مصالح الشركاء الأمنية والسياسية.
لذا فإن مآخذ دول الخليج وشكاواها من السلوك القطري لها أسسها الواقعية، ولا يمكن اعتبارها «اتهامات سياسية». هذه الشكاوى المتكررة وصلت القيادة القطرية بشكل شخصي ومباشر، ووثقت عبر الطرق الدبلوماسية، وحتى عبر وسائل الإعلام، فالشركاء الخليجيون لم يحاولوا يوما إخفاء حقيقة أن السلوك القطري يشكل تهديدا للأمن الخليجي الجماعي. وقائمة التهديدات القطرية تتضمن بجانب الدور التحريضي لقناة الجزيرة، دعم قطر لجماعات متطرفة عدة من بينها جماعة الإخوان المسلمين والتي تعتبر تنظيماً إرهابياً في هذه الدول، وأيضا دعم الحوثيين، وتنظيمي القاعدة وداعش. يضاف إلى ذلك موقف قطر الودي تجاه التهديدات الإيرانية، وزعزعة أمن الدول الخليجية عبر إيواء مطلوبين، وكذلك تحريضها للمواطنين على حكوماتهم وتأجيج الصراعات الداخلية، خاصة في البحرين.

القوى الخارجية
ولا يمكن إنكار أو تجاهل الدور الذي لعبته القوى الخارجية في تعميق الخلاف القطري - الخليجي. هذه الدول ومنها دول غربية كبرى وجدت في السلوك القطري وسيلة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في منطقة الخليج وما وراءها. فالسلوك القطري أدى إلى شق وحدة البيت الخليجي، وهو عامل مفيد لهذه القوى. وقد تم تسخير القدرات القطرية الإعلامية والسياسية والدبلوماسية بشكل مباشر أو غير مباشر لخدمة أهداف ومصالح هذه الدول.
إن شكاوى الشركاء الخليجيين المتكررة من السلوكيات القطرية لأكثر من عقدين من الزمن لم تأت من فراغ، ولا يمكن إغفالها. وشكاوى دول الخليج من السلوك القطري لم تتغير بشكل جذري منذ ما بعد عام 1995، وحتى اليوم، ذلك أن قطر لم تحاول فهم أو إدراك القلق العميق الذي تشعر به القيادات الخليجية، ولم تحاول استيعاب إسقاطات السلوك القطري على أمن واستقرار شركائها الخليجين، وهي إن أدركت هذا فهي لم تحاول أخذ هذه الهموم على محمل الجد، ولم تتبن خطوات حقيقية وصادقة لمعالجة الشرخ الذي أصبح دائما، وحالة انعدام الثقة التي ضربت جذورها في عمق العلاقات القطرية - الخليجية.
مفهوم «الأمن الجماعي» يمثل صلب أي كيان أو تجمع إقليمي. ولا يمكن لأي تجمع أن يقوم ويستديم في ظل إغفال أعضائه الالتزام بمبادئ الأمن الجماعي. ومحاولات قطر تجاوز هذا المبدأ يكمن في قلب جميع الأزمات القطرية - الخليجية، السابقة والراهنة. لذا كلنا أمل أن يأتي يوم قريب ونشاهد دلائل الإيمان الصادق بهذا المبدأ، وترجمته إلى التزام حقيقي ودائم بصدق النوايا والأعمال، خاصة أننا شعب خليجي واحد، وأبناء قطر هم إخوان لنا وما يؤثر على أي شعب من شعوب أبناء دول مجلس التعاون الخليجي يؤثر على أشقائه في دول الخليج الأخرى، وأمننا مشترك ومصالحنا مشتركة، وهذا ما يجب أن تعيه قطر قبل اتساع الشرخ وفوات الأوان.



تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)
جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)
TT

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)
جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الأحد، على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا، والوقوف مع الشعب السوري، وتقديم الدعم له.

​ورحّب الأمين العام للمجلس، بالبيان الصادر عن لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، والمشكّلة بقرار من جامعة الدول العربية، والمكونة من السعودية والأردن والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية، وبمشاركة وزراء خارجية الإمارات والبحرين - الرئيس الحالي للقمة العربية - وقطر يوم السبت في مدينة العقبة الأردنية.

كما ثمّن ما تضمنه البيان الصادر، والذي سيسهم في بناء وازدهار سوريا، وإنهاء مأساة ومعاناة الشعب السوري.

جاسم البديوي خلال لقائه مازن غنيم سفير فلسطين لدى السعودية في الرياض (مجلس التعاون)

من جهة أخرى، أكّد الأمين العام للمجلس، مواصلة دول الخليج جهودها القيّمة والفعّالة لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وذلك خلال استقباله مازن غنيم سفير فلسطين المعين لدى السعودية في العاصمة الرياض.

وجرى خلال الاستقبال، استعراض كثير من الملفات، أبرزها آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والانتهاكات المتواصلة والخطيرة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق. وأكد البديوي ما جاء في البيان الختامي الصادر عن المجلس الأعلى في دورته الـ45 التي عقدت في ديسمبر (كانون الأول) الحالي على مركزية القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وعلى دعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعوة جميع الدول إلى استكمال إجراءات اعترافها بدولة فلسطين، واتخاذ إجراء جماعي عاجل لتحقيق حل دائم يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً ضرورة مضاعفة جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

جاسم البديوي خلال لقائه علي عنايتي سفير إيران لدى السعودية في الرياض (مجلس التعاون)

ولاحقاً، استعرض جاسم البديوي في لقاء ثنائي مع علي رضا عنايتي سفير إيران لدى السعودية، العلاقات بين مجلس التعاون وإيران، وتبادلا وجهات النظر حول آخر القضايا والمستجدات في المنطقة.

وشهد استقبال البديوي للسفير عنايتي في مقر الأمانة العامة بالرياض، التأكيد على مواصلة العمل لتطوير سبل التعاون، وأهمية تعزيز استمرار الحوار بما يسهم في توطيد العلاقات الخليجية الإيرانية، وتحقيق الازدهار والاستقرار في المنطقة،

كذلك استقبل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في وقت سابق باتريك ميزوناف سفير فرنسا لدى السعودية، وجرى خلال الاستقبال بحث ومناقشة آخر التطورات والمستجدات في المنطقة، بالإضافة إلى مناقشة عدد من الموضوعات وفي مقدمتها العلاقات الخليجية الفرنسية.

الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج خلال لقائه سفير فرنسا لدى السعودية في الرياض (مجلس التعاون)

فيما ناقش الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في لقاء ثنائي مع شريف وليد سفير الجزائر لدى السعودية، عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والعلاقات بين مجلس التعاون والجزائر، وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة، بالإضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

جاسم البديوي خلال لقائه سفير الجزائر لدى السعودية في الرياض الأحد (مجلس التعاون)

كما بحث البديوي في لقاء ثنائي مع ياسوناري مورينو سفير اليابان لدى السعودية أوجه التعاون المشترك بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية واليابان، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يحقق المصالح المشتركة، معرباً عن تطلعه لوصول الجانبين إلى اتفاقية التجارة الحرة خلال الفترة المقبلة.

وأشاد الأمين العام بمتانة العلاقات الخليجية اليابانية، وسعي الجانبين إلى تعزيز التعاون بينهما في المجالات كافة، خصوصاً الاقتصادية والتجارية والتقنية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة لهما.​

جاسم البديوي خلال لقائه سفير اليابان لدى السعودية في الرياض الأحد (مجلس التعاون)