مطالبة الأحزاب المغربية بإرجاع أكثر من 6 ملايين دولار

بعد أن تعذر عليها تبرير صرفها خلال الحملات الانتخابية

TT

مطالبة الأحزاب المغربية بإرجاع أكثر من 6 ملايين دولار

طالب المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، وهو أعلى هيئة قضائية مكلفة بالمال العام، الأحزاب السياسية بإرجاع مبلغ 68 مليون درهم (6.8 مليون دولار) إلى خزينة الدولة، لم تقدم الأحزاب السياسية تبريراً لأوجه صرفها خلال حملاتها الانتخابية.
وأوصى المجلس السلطات الحكومية المختصة بالحرص على إرجاع الأحزاب للمبالغ غير المستحقة أو غير المستعملة من الدعم الممنوح لها، والمتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة، واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الاقتضاء في حق الأحزاب التي لم تقم بعد بهذا الإجراء القانوني.
وكشف تقرير المجلس الذي صدر مساء أول من أمس، الخاص بفحص مستندات (كشوفات) الأحزاب السياسية المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمتها من الدولة لتمويل حملاتها الانتخابية في الانتخابات الجماعية (المحلية) والجهوية (المناطق)، التي جرت في 4 سبتمبر (أيلول) 2015، أن 29 حزباً من أصل 34 استفاد من مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية، مشيراً إلى أنه باستثناء الحزب المغربي الليبرالي الذي لم يقدم حساب حملته الانتخابية للمجلس، فإن كل الأحزاب السياسية المتبقية قامت بإيداع حساباتها لدى المجلس.
وأضاف المصدر ذاته أن عملية الافتحاص أسفرت عن تسجيل مجموعة من الملاحظات همت مبلغاً إجمالياً قدره 68.01 مليون درهم (6.8 مليون دولار)، راسل المجلس بشأنه المسؤولين عن الأحزاب من أجل إرجاع هذا المبلغ إلى الخزينة العامة للمملكة، أو تسوية وضعية هيئاتهم الحزبية خلال أجل 30 يوماً من تاريخ التبليغ.
وسجل المجلس أن بعض الأحزاب السياسية قامت بإرجاع مبالغ وتبرير صرف نفقات بمبلغ إجمالي قدره 45.93 مليون درهم (4.6 مليون دولار). وفي المقابل، لم تقدم هيئات حزبية أخرى ما يثبت إرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة وغير المستعملة، ومبالغ الدعم التي لم يتم تبرير صرفها، أو التي تم صرفها في نفقات لا تندرج ضمن مصاريف الحملة الانتخابية، بمبلغ إجمالي قدره 22.08 مليون درهم (2.2 مليون دولار).
وفيما يتعلق بالموارد المالية للأحزاب السياسية المغربية، كشف التقرير أن قانون المالية (الموازنة) لسنة 2016 خصص مبلغاً إجمالياً قدره 80 مليون درهم (8 ملايين دولار)، مساهمة من الدولة في تغطية مصاريف تسيير الأحزاب السياسية، وتنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية.
ولاحظ المجلس أن الأحزاب المغربية تعتمد بشكل رئيسي على الدعم الممنوح لها من طرف الدولة، الذي مثل 86.03 في المائة من مجموع الموارد.
وسجل التقرير أن 8 أحزاب حصلت على ما نسبته 89.85 في المائة من مجموع الموارد المسجلة سنة 2016، مشيراً إلى حصول تفاوت في حصة التمويل العمومي من مجموع الموارد من حزب لآخر، حيث لوحظ أن مالية 14 حزباً اعتمدت كلياً على الدعم العمومي. ويتعلق الأمر، حسب التقرير، بأحزاب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، والتجديد والإنصاف، والعهد الديمقراطي، وجبهة القوى الديمقراطية، والوحدة والديمقراطية، واليسار الأخضر المغربي، والعمل، والأمل، والحزب الديمقراطي الوطني، والقوات المواطنة، والشورى والاستقلال، والنهضة، والإصلاح والتنمية، والنهضة والفضيلة.
ويشمل التقرير الذي أصدره المجلس تدقيق حسابات الأحزاب السياسية المغربية، وفحص صحة نفقاتها للدعم الممنوح لها للمساهمة في تدبير أنشطتها، وفحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمتها الأحزاب السياسية بخصوص مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية بمناسبة الانتخابات المحلية التي جرت في 2015، فيما يشمل الجزء الثالث جرد مصاريف المترشحين خلال حملاتهم الانتخابية، حيث أعلن المجلس بهذا الصدد أن إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس، سيقوم بإعذار 414 منتخباً، قصد الإدلاء بوثائق الإثبات المطلوبة التي تبرر صرف أموال الدعم الممنوحة لهم خلال الانتخابات داخل أجل 90 يوماً من تاريخ التبليغ، بعدما تبين للمجلس أن عدداً من المترشحين لم يدلوا بأي وثائق إثبات، أو وثائق غير كافية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.