عادت الاتصالات واللقاءات مجدداً على خطّ التيار «الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، لتضخّ الحياة في شريان العلاقة بين القوتين المسيحيتين الأكبر في لبنان، بعد التصدّع الذي أصاب علاقة الطرفين، غداة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، والموقف الذي اتخذته «القوات» بتأييدها الاستقالة والإصرار عليها، بما يهدد بنسف التسوية السياسية القائمة.
ويتولى وزير الإعلام ملحم رياشي من جانب «القوات اللبنانية»، والنائب إبراهيم كنعان من جانب «التيار الحر»، مهمة ترميم العلاقة، باعتبارهما عرّابَي «تفاهم معراب» الذي أسس لمصالحة طوت صفحة الصراعات التي استمرت بين الفريقين منذ عام 1989 وحتى 2016، وكانت أولى ثماره تأييد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، والتوقيع على ورقة تفاهم من عشرة بنود، تضمنت اتفاقاً مكتوباً على قضايا وطنية ومسيحية، لم تأخذ طريقها إلى التطبيق بعد.
وتتلاقى إرادة الطرفين على تسوية الخلافات الناشئة، والعودة إلى أسس ورقة معراب، حيث ذكّر القيادي في التيار «الوطني الحر» الوزير السابق ماريو عون، بأن «العلاقة بين الأطراف لا تقاس ببعض الاختلافات البسيطة، إنما تقاس بتوافقهما على القضايا الأساسية»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة بين (التيار الحر) و(القوات اللبنانية) خاضعة للتفاهمات الجوهرية التي لا عودة عنها».
وقال عون: «هناك ملفات نختلف عليها في السياسة، لكن هذا الاختلاف يبقى ضمن أسس العمل الديمقراطي، وإن لم نختلف على بعض الأمور نذوب ببعضنا بعضاً»، لافتاً إلى أن «بعض الزكزكات التي تحصل بين (التيار) و(القوات) لا تمسّ الجوهر، فنحن متفقون على القضايا التي تهمّ المصلحة الوطنية والمصلحة المسيحية، وهناك اتصالات بين عرّابي التفاهم الوزير ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان، لإزالة بعض العوائق كي لا نصل إلى تطورات غير مرغوب فيها».
وتتقاطع هذه الأجواء الإيجابية لـ«التيار الحر»، مع رغبة مماثلة للطرف الآخر، ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جوزيف المعلوف، أن «هناك اختلافات في بعض المواقف، واتفقنا منذ بداية التفاهم في معراب على تقبّل بعضنا بعضاً في الأمور الخلافية». وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن القوات «لن تغيّر موقفها الثابت من بعض الملفات التي تقاربها بموضوعية، لكن هناك من يصطاد بالماء العكر، ويسعى لإذكاء نار الخلاف، لكنهم لن ينجحوا في إعادتنا إلى ما قبل (تفاهم معراب)». وأكد المعلوف، أن «المواقف التي اتخذتها القوات اللبنانية، مصرّون عليها ونتمسّك بها، ونأمل الوضوح من الطرف الآخر»، مشيراً إلى أن «التواصل عاد إلى طبيعته، وقضيتنا الأساسية ترتكز على مصالحة وطنية مسيحية لا عودة عنها؛ لأنها المحور الرئيسي في علاقتنا مع (التيار الحر) وكل الأطراف الأخرى».
وتكاد الملفات التي تشكّل مادة تجاذب بين الطرفين المسيحيين، لا تعدّ ولا تحصى، أبرزها ملفات الكهرباء والنفط، وحتى التعيينات، التي يبقى جوهرها الخلاف على تعيين مجلس إدارة جديد لـ«تلفزيون لبنان» الرسمي، وهو ما عبّر عنه بوضوح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي غرّد أمس قائلاً: «عسى مع ميلاد السيد المسيح أن يولد (تلفزيون لبنان) من جديد». وقال: «إنها لمهزلة لا توصف، بأن لا يتمّ إدراج بند تعيين رئيس مجلس إدارة جديد لـ(تلفزيون لبنان) منذ ستة أشهر حتّى الآن».
ومع عودة الحيوية إلى علاقة الطرفين، ليس ثمة ما يشير إلى أن التسوية الجديدة بينهما، ستقودهما إلى تحالف في الانتخابات النيابية المقبلة، وهو ما لمح إليه الوزير السابق ماريو عون، الذي قال: إن «التفاهمات القائمة بين (التيار الحر) و(القوات اللبنانية)، لا تعني ترجمتها بتحالفات انتخابية ثنائية، ونحن لسنا لاهثين وراء تحالفات رباعية وخماسية كالتي يحكى عنها»، لافتاً إلى أن «القانون الجديد قادر على اختبار قدرة القوى السياسية على خوض الانتخابات بقدراتها الذاتية، وهو كفيل بتحديد الأحجام السياسية».
وكان عضو «تكتل التغير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان، أعلن في حديث تلفزيوني، أن «المصالحة بين (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) ليست تحالفاً لمدة معينة من الزمن، بل هي أبدية وجذرية دائمة»، مشيراً إلى أنه «لا يجب خلط السياسة بالاستراتيجية المسيحية». وشدد كنعان على أن «المصالحة المسيحية لم تسقط».
تواصل بين «الوطني الحر» و{القوات» لحماية «تفاهم معراب»
تواصل بين «الوطني الحر» و{القوات» لحماية «تفاهم معراب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة