القاهرة تستأنف جهودها لإنقاذ المصالحة وسط خلافات «فتح» و«حماس»

قد تدعو الطرفين إلى لقاء جديد لبحث المشكلات المتجددة بينهما

TT

القاهرة تستأنف جهودها لإنقاذ المصالحة وسط خلافات «فتح» و«حماس»

كشفت مصادر فلسطينية عن جهود مصرية كبيرة تبذل لمحاولة إنقاذ المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بعد تجدد الخلافات بينهما، بشأن تمكين الحكومة من مهامها في قطاع غزة، وملف موظفي حكومة «حماس» سابقا، وصرف رواتبهم حسب اتفاق شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في العاصمة المصرية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن اتصالات تجري بين قيادات حركة حماس ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية من جهة، وأخرى تجريها قيادة الجهاز مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك مع عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات بشأن القضايا العالقة.
وأوضحت المصادر، أن قيادة جهاز المخابرات المصرية، أكدت للطرفين أنها ستواصل بذل الجهود من أجل الوصول إلى حلول تنهي الخلافات الحالية؛ مشيرة إلى أن مصر تنوي دعوة مسؤولين من «فتح» و«حماس» إلى القاهرة مجدداً، لبحث تلك الخلافات والوصول إلى حلول جذرية.
وتطالب «حماس» حركة فتح وحكومة التوافق الوطني، بالالتزام بما جرى التوافق عليه، بشأن صرف رواتب الموظفين، وعقد اللجنة الإدارية الخاصة بحل أزمة موظفي حكومة «حماس» سابقاً، ودمجهم في كشوفات السلطة الفلسطينية. فيما تطالب حركة فتح والحكومة بتمكينها من مهامها، وتتهم جهات حكومية تابعة لـ«حماس» في غزة، بعرقلة مهام الوزراء ورفض تطبيق قرارات صادرة عنهم، إلى جانب المطالبة باستئناف تحويل الجباية من قبل مالية غزة إلى رام الله، كما جرى في الأسبوع الأول من اتفاق المصالحة، قبل أن تتوقف المالية في القطاع عن ذلك، بسبب عدم صرف رواتب موظفي غزة.
وكان مفترضاً وصول وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، إلى قطاع غزة برفقة وفد من وزارته، لعقد لقاءات تتعلق بملف الجباية، والبحث في طرق لصرف رواتب موظفي «حماس». وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة اتصالات مع دول عربية وأجنبية تجرى في محاولة لتأمين دفعات مالية لموظفي «حماس»، كما جرى عام 2014 عقب اتفاق المصالحة آنذاك.
وترجح مصادر أن يكون تأجيل زيارة بشارة إلى قطاع غزة، بسبب زيارة مرتقبة سيقوم بها عزام الأحمد إلى القاهرة، خلال الساعات المقبلة أو اليومين المقبلين على أبعد تقدير، وذلك لبحث الملفات العالقة بشأن المصالحة.
وتأتي الجهود المصرية هذه بعد أيام من تصريحات أطلقها يحيى السنوار، قائد حركة حماس في قطاع غزة، قال فيها إن اتفاق المصالحة ينهار بسبب وجود مشروعات أخرى تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وسلاح المقاومة؛ داعياً الكل الفلسطيني إلى حماية مشروع المصالحة ورفض أي مشروعات أخرى.
فيما قال خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن ما تم التوصل إليه من خطوات، في ملف المصالحة، يحتاج إلى إعادة تقييم من كل الأطراف، بسبب عدم التزام السلطة والحكومة بأي شيء في كل الاتفاقات الموقعة.
وشدد الحية في تصريحات صحافية، على ضرورة وضع الجميع أمام مفهوم «العدالة الانتقالية»، والتوافق على توصيف مرحلة الانقسام، التي إذا لم تعترف السلطة بها فهذا يعني الدخول في نفق مظلم لا نهاية له.
وأضاف: «(حماس) ليست نادمة على ما قدمته من مرونة تجاه المصالحة، وإنها عاقدة العزم على الاستمرار بالمصالحة ولن تتراجع عنها»، داعياً حكومة التوافق الوطني للقيام بواجباتها كاملة بعد تسلمها الوزارات والمعابر.
وأكد على ضرورة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وبناء منظمة التحرير من جديد، وتشكيل استراتيجية لحماية المشروع الفلسطيني للوصول للأهداف الوطنية الثابتة؛ معتبراً المصالحة بوابة لحل جميع الخلافات الوطنية الفلسطينية.
وأعرب عن أسفه لعدم وجود خطوات مماثلة من السلطة ولو بالحد الأدنى، تقابل ما أبدته «حماس» من مرونة. وحذر من التراخي أو التردد في قضية الموظفين؛ لأن من شأن ذلك إعاقة عمل الحكومة؛ مشيرا إلى أن حركته لن تعترف بمخرجات اللجنة الإدارية والقانونية، ما لم تجتمع بحضور ممثليها.
وتطرق القيادي في «حماس» للدور المصري، فقال إن «المصريين وضعوا قطار المصالحة على السكة، وما زالوا راعين للاتفاق، وما زال دورهم مُرحباً به، إلا أنهم لا يملكون عصاً سحرية يلزمون بها عباس والحكومة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.