مسؤولة كردية رداً على تهديدات أنقرة: سندافع عن عفرين وفيدرالية الشمال

TT

مسؤولة كردية رداً على تهديدات أنقرة: سندافع عن عفرين وفيدرالية الشمال

تصاعدت حدة تصريحات المسؤولين الأتراك بتوجيه ضربة عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في مدينة عفرين (60 كيلومتراً شمال غربي حلب)، وأرسل الجيش التركي المزيد من التعزيزات العسكرية إلى ولاية هاتاي الحدودية المحاذية لمدينة عفرين. وتشعر أنقرة بالقلق من توسع نفوذ الأكراد في الشمال السوري منذ أن بدأت الحرب في هذا البلد بداية العام 2012. وتسيطر «الوحدات» الكردية التي تشكل العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، على معظم الشريط الحدودي الشمالي السوري مع تركيا تقريباً، وتمثل حليفاً وثيقاً للولايات المتحدة الأميركية في حملتها العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا.
وعن الموقف من التحركات العسكرية للجيش التركي بمحاذاة عفرين، قالت عائشة حسو الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تعرضنا لهجوم عسكري، كل أهل عفرين على أتم الاستعداد والجهوزية بشيبهم وشبابهم، رجالاً ونساءً لنكون وحدات حماية ذاتية للدفاع عن قلعة الصمود عفرين».
وأشارت رئيسة الحزب إلى أن عفرين ومنذ بداية الأزمة السورية، محاصرة من جهاتها السورية الثلاث، أما من الجهة الرابعة المجاورة لتركيا؛ تتعرض للقصف والتهديدات بشكل مستمر، وغزت السبب «لأنها تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي التركي بحسب ادعاءات مسؤوليها، على الرغم من بناء الجدار العازل»، وتابعت: «لكن السبب الحقيقي برأيي أن شعب عفرين بكافة مكوناتها اختاروا إدارة أنفسهم عبر إقرار مشروع النظام الفيدرالي، وهذا لا تريده تركيا ولا تعنيها مصالح الشعب السوري».
وصرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مراراً، بأن بلاده عازمة على «تطهير» كل من المدن السورية: عفرين، ومنبج، وتل أبيض، ورأس العين، والقامشلي، من «الإرهابيين»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وعن التحركات العسكرية للجيش التركي بمحاذاة الحدود السورية مع عفرين، قال الكاتب والمحلل التركي محمد زاهد غول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه التحركات كي لا تجد تركيا جارها الجنوبي دولة كردية معادية لها»، مشيراً: «لكي لا تقوم دولة كردية على حساب الشعب العربي السوري، ولذلك ندعم الجيش السوري الحر وكل الفصائل السورية، المدافعة عن حقوقها القومية والوطنية شمال سوريا». وتابع: «تركيا أعلنت أنها لن تسمح بإقامة كيان كردي شمال سوريا بالقوة، وأميركا ليس لها حق إعطاء شمال سوريا للأحزاب الإرهابية الكردية»، في إشارة إلى «حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي يدير المناطق الكردية شمال شرقي سوريا، حيث تتهمه أنقرة بصلته الوثيقة بـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور لديها.
ومنح انسحاب قوات النظام السوري بداية عام 2013 الأكراد فرصة لتشكيل حكومات محلية في ثلاث مناطق يشكلون فيها غالبية سكانية، وعفرين إحدى التجمعات الكردية الثلاث، بالإضافة إلى الجزيرة وكوباني (عين العرب)، وهي منطقة حدودية محاذية لولاية هاتاي التركية، لكنها على عكس منطقتي كوباني والجزيرة، تقع عفرين في نقطة بعيدة نسبياً عن المناطق الكردية الأخرى شمال سوريا، وتحاذيها مدن ومناطق عربية سورية.
وشددت عائشة حسو على أن الرئيس التركي يتوعد بتحرير عفرين من «وحدات حماية الشعب» الكردية، وقالت: «هذه الوحدات أثبتت جدارتها في محاربة الإرهاب، وأصبحت رمزاً عالمياً بعد دحرها تنظيم داعش، وإلحاق الهزيمة وطرده من مدينة الرقة أبرز معاقله سابقاً في سوريا».
واعتبرت حسو نجاح الجولة الثانية للانتخابات المحلية التي جرت بداية الشهر الحالي، لإرساء مشروع النظام الفيدرالي المعلن منذ شهر مارس (آذار) 2016 من حزب الاتحاد الديمقراطي، بالتحالف مع جهات عربية ومسيحية شمال شرقي سوريا، «رداً صريحاً ومباشراً على التهديدات التركية»، ولفتت إلى أن «جميع مكونات عفرين ومدن وبلدات الشمال السوري اختاروا نموذج الفيدرالية بعد إطالة أمد الحرب في سوريا، حيث تحولت إلى حرب طائفية ومذهبية بعيدة عن مفهوم الثورة، وخروجها عن مسارها الرئيسي في تغير النظام»، وشددت على أن موقفهم واضح وصريح، وقالت: «عفرين ستكون مقبرة للمحتل التركي، كما كانت كوباني والرقة مقبرة لتنظيم داعش الإرهابي»، بحسب رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي السوري عائشة حسو.
وإذا أضيفت مناطق شرق نهر الفرات إلى عفرين شمال غربي حلب الخاضعة لسيطرة «الوحدات»، تكون «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تسيطر على مناطق تقدر بنحو ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، وتنتشر «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم عشرات آلاف المقاتلين في مناطق احتكاك مع «درع الفرات» شمال شرقي حلب المدعومة من تركيا، وتسيطر على مناطق واسعة ضمن «فيدرالية الشمال السوري» التي تضم ثلاثة أقاليم، هي إقليم الجزيرة وإقليم الفرات وإقليم عفرين.
واتهم غول، أميركا، بأنها أكملت أخطاءها بعد ظهور تنظيم داعش المفاجئ بداية يناير (كانون الثاني) 2014 في العراق وسوريا، وسيطرته على أراضٍ واسعة، وقال: «واشنطن اتخذت من تنظيم داعش ذريعة لتقسيم سوريا، سواء بتقسيم فيدرالي أو كونفدرالي أو دول مستقلة، وهذا ما كشفته حقيقة السياسة الأميركية في سوريا والعراق، وهي سياسة تؤول إلى التقسيم في نهاية المطاف». وتابع: «القضية في الأصل هي قضية حقوق الشعب في الدفاع عن مدنه وقراه وأريافه، وألا تسرق قضيتهم لصالح مشاريع التقسيم التي تسعى إليها الدول الكبرى في تقسيم سوريا على أساس مصالحها»، واختتم حديثه ليقول: «لذلك الشعب السوري في منبج وتل أبيض والرقة وغيرها هو من يقرر ذلك وليست تركيا، فإذا قرر الشعب السوري ذلك فسيجد تركيا إلى جانبه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».