غارة غامضة قرب دمشق... وقوات النظام تفتح جبهتين

TT

غارة غامضة قرب دمشق... وقوات النظام تفتح جبهتين

أُفيد ليل أول من أمس بتعرض موقع لقوات النظام السوري في القطيفة قرب دمشق، لغارات يُعتقد أنها إسرائيلية، في وقت تقدمت قوات النظام غرب العاصمة وسط معارك شرقها.
وأفاد نشطاء معارضون بتعرض موقع عسكري في القطيفة لقصف وسط أنباء عن سقوط قتلى من قوات النظام، بعد أيام على تعرض مركز البحوث العلمية في جمرايا وموقع الكسوة التابع لإيران لقصف إسرائيلي.
وتضاربت المعلومات حول الغارات. حيث أعلنت مواقع إخبارية سورية معارضة عن «استهداف سلاح الجو الإسرائيلي موقعاً عسكرياً للنظام من دون أن يؤدي ذلك إلى خسائر بشرية»، بينما نفى المرصد السوري لحقوق الإنسان هذه المعلومات، وكذلك فصائل المعارضة السورية المرابطة في القنيطرة.
ونقل موقعا «الدرر الشامية» و«شبكة شام» الإخباريان المعارضان، عن موقع «النشرة» اللبناني، أن «القوات الجوية الإسرائيلية نفذت هجوماً صاروخياً على موقع لقوات النظام في منطقة القنيطرة في مرتفعات الجولان». وأكدت أن «الهجوم الذي شنَّته الطائرات الإسرائيلية لم يُسفر عن وقوع خسائر بشرية»، مشيرة إلى أن «الهجوم الإسرائيلي هو الثاني في الداخل السوري هذا الشهر، حيث قصفت طائرات إسرائيلية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قاعدة عسكرية تشيدها إيران بالقرب من العاصمة السورية دمشق».
ونفّذ سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الغارات في الداخل السوري، منذ عام 2011، كانت آخرها الغارة التي طالت محيط مدينة الكسوة التي تبعد 13 كيلومتراً جنوب دمشق، وتردد أنها استهدفت منشأة عسكرية إيرانية، وقد أدرج الجيش الإسرائيلي هذه الغارات في خانة «استهدفت قوافل تنقل أسلحة إلى (حزب الله) اللبنانيّ».
من جهته، أوضح الرائد قاسم نجم، قائد «جبهة ثوار سوريا» في القنيطرة لـ«الشرق الأوسط»، أن القنيطرة «لم تتعرض لأي غارة إسرائيلية اليوم (أمس)، ولم تحصل أي انفجارات في المنطقة». وهو ما أكده مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، الذي نفى حصول أي غارة إسرائيلية على الداخل السوري، أمس، علماً بأن المرصد ذكر أن «أصوات انفجارات قوية هزّت جنوب دمشق فجر اليوم (أمس) لكن لم يتم التأكد ما إذا كانت ناجمة عن غارات للطيران الإسرائيلي».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بـ«اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي حركة أحرار الشام الإسلامية من جهة أخرى، على محاور في داخل إدارة المركبات القريبة من مدينة حرستا وفي محيطها، وسط استهداف مدفعي من قبل قوات النظام لمحاور القتال، واستهداف مقاتلي أحرار الشام لمواقع قوات النظام، بينما قصفت قوات النظام منطقة في مدينة حمورية بقذيفة، في حين قصفت بقذيفتين مناطق في أطراف بلدة الزريقية بمنطقة المرج، بالتزامن مع قصف بقذيفة على منطقة في أطراف بلدة مديرا، كما جرى قصف مناطق في مدينة حرستا بست قذائف مدفعية، وسط قصف على منطقة الأشعري بأربع قذائف، ما أسفر عن أضرار في ممتلكات مواطنين، في حين سقطت قذائف على مناطق في مخيم الوافدين بمحيط الغوطة الشرقية، ما أدى إلى أضرار مادية، ومقتل عنصر من قوات النظام وإصابة آخرين بجروح».
ووثق «المرصد» في الأسبوع الماضي مقتل «129 مدنياً بينهم 24 طفلاً و15 مواطنة، جراء الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية على مدن وبلدات دوما وحرستا ومديرا ومسرابا وحمورية وعربين وعين ترما ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية، بينهم 87 مواطناً منهم 27 طفلاً و11 مواطنة، جراء القصف بقذائف المدفعية والهاون والدبابات، والقصف بصواريخ يُعتقد أنها من نوع أرض - أرض، على مدن وبلدات كفر بطنا وزملكا وعين ترما ودوما وعربين وحرستا وجسرين وسقبا وبيت سوى والنشابية وبيت نايم، ومناطق أخرى من الغوطة».
وتشنّ قوات النظام السوري هجوماً على جبهتين، قرب العاصمة دمشق وفي محافظة إدلب في الشمال الغربي، حسبما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة الماضية.
وبعدما كانت قوات النظام لا تسيطر على أكثر من 20% مطلع العام الجاري، صارت تسيطر حالياً على 56% من مجمل مساحة سوريا، حسب «المرصد». وقال إن القوات عادت لتركز على جبهتين: الجبهة الأولى التي يحاول التقدم فيها تقع جنوب غربي دمشق، حيث يسعى لإنهاء وجود قوات المعارضة هناك. وتتركز هذه العملية في قرية بيت جن الخارجة عن سيطرة دمشق منذ 4 سنوات. وقال «المرصد»: «هذا المحور استراتيجي لأنه قريب من هضبة الجولان والحدود مع لبنان».
أما الجبهة الأخرى فهي محافظة إدلب، حيث يحقق الجيش تقدّماً تحت غطاء عسكري روسي على حساب هيئة تحرير الشام التي تسيطر على أجزاء واسعة من المحافظة، علماً بأن إدلب تشكّل واحدة من مناطق خفض التوتر الأربع في سوريا.
ومنذ الشهر الماضي، سيطرت القوات الموالية للنظام على 40 بلدة وقرية في محافظات إدلب وحماة وحلب.
وحسب «المرصد» تضع قوات النظام نصب عينيها السيطرة على بلدتين مواليتين له في إدلب هما كفريا والفوعة، ومطار أبو الضهور العسكري، إضافة إلى تأمين الطريق الواصل بين حلب ودمشق.
وقبل عام تماماً، أعلن النظام سيطرته الكاملة على مدينة حلب، ثانية كبرى المدن السورية، بعد 4 سنوات من المعارك مع الفصائل المعارضة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».