السودان: منافسة قوية بين الحكومة والمعارضة على نقابة المحامين

TT

السودان: منافسة قوية بين الحكومة والمعارضة على نقابة المحامين

تجري استعدادات مبكرة محمومة لانتخابات نقابة المحامين السودانيين، المزمع عقدها نهاية الشهر الجاري، بين قائمة مرشحي الحكومة وقائمة المعارضة على منصب النقيب ومجلس النقابة، بعد انسحاب حزبين مؤثرين في الحكومة والمعارضة.
واتفقت قوى المعارضة على ترشيح المحامي علي قيلوب عن حزب الأمة لمنصب النقيب، فيما انسحب حزب المؤتمر السوداني عن التحالف، وفقا لبيان لم يذكر فيه الأسباب، ويرجح أن يكون سبب انسحابه هو عدم قبوله بالحصة التي منحت له في مجلس النقابة.
بالمقابل، شهد الصف الحكومي انقساما حادا بإعلان حزب المؤتمر الشعبي أكبر أحزاب الحكومة، انسحابه عن المنافسة، فيما أعلن تحالف قوى الحوار، وعلى رأسه حزب المؤتمر الحاكم، عن ترشيح المحامي عثمان عمر الشريف نقيبا للمحامين. وقال أمين الأمانة العدلية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم محمد بشارة، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إنهم سيخوضون الانتخابات من دون حزب المؤتمر الشعبي، أحد أكبر أحزاب حكومة الوفاق الوطني.
وأوضح بشارة أن تحالفه وافق على تسمية ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، مرشحا عنه لمنصب النقيب، وتوافق أعضائه على قائمة مجلس النقابة البالغة 20 مرشحاً. بدوره، قال أمين أمانة العدالة وحرمات الإنسان وحقوقه، بحزب المؤتمر الشعبي محمد العالم، في مؤتمر صحافي عقد لإعلان المقاطعة، إن المحامين المنضوين لحزبه قاطعوا الانتخابات، لأنهم لم يتوصلوا لتوافق مع الحزب الحاكم على البرنامج.
وتنعقد الجمعية العمومية لنقابة المحامين الجمعة 29 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لانتخاب النقيب ومجلس النقابة، على أن تعقد في اليوم التالي (السبت) حال عدم اكتمال نصاب الجمعية.
وتعد نقابة المحامين السودانيين واحدة من أهم النقابات في البلاد، ولعبت طوال تاريخها دورا مهما في الدفاع عن الحريات والحقوق، بل تعدى نشاطها دوره المهني إلى السياسي، إذ أسهمت بفعالية في ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964 ومارس (آذار) - أبريل (نيسان) 1985 في إسقاط نظامي حكم الفريق إبراهيم عبود، والمشير جعفر النميري على التوالي.
والتنافس على قيادة النقابة - لهذه الدورة على وجه الخصوص – يعتبر سيناريو مصغرا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في 2020، وينتظر أن يترك الفائز بأغلبية مقاعدها بصمة واضحة في المرحلة المقبلة. وكان متوقعا أن تخوض المعارضة مجتمعة المنافسة، ضد الحزب الحاكم وحلفائه الانتخابات، لكن كلا الطرفين فقد حليفا مهماً، بخروج «المؤتمر السوداني» عن تحالف المعارضة، و«المؤتمر الشعبي» عن تحالف الحكومة.
ويتكون التحالف الديمقراطي للمحامين من أحزاب «الناصري، والبعث العربي، والشيوعي، والمؤتمر السوداني، والأمة القومي، والاتحادي الديمقراطي الأصل (جناح معارض للحكومة) والوطني الديمقراطي». وقال المحامي ساطع الحاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الانتخابات المزمعة تواجهها عدة مشكلات، تبدأ بعدم نشر كشوفات الناخبين، وضبابية الإجراءات وهوية اللجنة المشرفة.
وأضاف الحاج أن الانتخابات ستجري في غضون أسبوع. وعن تحالفه قال إنه لا يعرف عدد الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع، وشكك في أرقام غير رسمية تتحدث عن 21 ألف محام يحق لهم التصويت، وقال: «هذا العدد مبالغ فيه، فعدد المحامين على مدار 46 عاما في حدود أربعة آلاف، فكيف يتضاعف عددهم بهذه النسب الكبيرة خلال 24 عاماً؟».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.