مؤتمر سوتشي يهمين على {آستانة}... وموسكو تنتقد المعارضة

الدول {الضامنة} لم تتوصل إلى اتفاق حول المعتقلين السوريين

مقر اجتماعات وفود روسيا وتركيا وإيران والأطراف السورية في آستانة أمس (أ.ف.ب)
مقر اجتماعات وفود روسيا وتركيا وإيران والأطراف السورية في آستانة أمس (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر سوتشي يهمين على {آستانة}... وموسكو تنتقد المعارضة

مقر اجتماعات وفود روسيا وتركيا وإيران والأطراف السورية في آستانة أمس (أ.ف.ب)
مقر اجتماعات وفود روسيا وتركيا وإيران والأطراف السورية في آستانة أمس (أ.ف.ب)

هيمنت المسائل المتصلة بالتسوية السياسية على أعمال اليوم الأول من الجولة الثامنة للمشاورات في آستانة أمس، ولم يتوصل المشاركون إلى اتفاق بعد بشأن ملف المعتقلين والمخطوفين، وهو ملف رئيسي من ملفات مسار آستانة.
وقال ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الخاص إلى الأزمة السورية رئيس الوفد الروسي إلى مشاورات آستانة، إن وفود روسيا وتركيا وإيران بحثت مؤتمر الحوار السوري الذي تقترح روسيا الدعوة له في سوتشي. وأشار، في تصريحات عقب اليوم الأول من المشاورات، إلى أن «النظر إلى عقد مؤتمر الحوار السوري، بتكليف من رؤساء روسيا وتركيا وإيران، كان واحدا من أهم المواضيع» التي جرى بحثها، وأكد أن الوفود كرست معظم وقتها لهذا الأمر، وأن مؤتمر الحوار سيكون على رأس المواضيع خلال المحادثات اليوم الجمعة، الثاني من «آستانة 8».
وأوضح أن الوفود تناولت شتى جوانب المؤتمر، بما في ذلك قائمة المشاركين، وموعد الدعوة له. وقال إن وفود الدول الضامنة اتفقت على أن تنجز قائمة المشاركين خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابع، وأن يتم خلال الفترة ذاتها الاتفاق على المشاركين المحتملين من جانب تركي ومن «الجانب العربي»، وعبر عن أمله بمشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة، مؤكدا الاهتمام بأن يجري المؤتمر برعاية دولية. ورجح أن تجري الدول الضامنة لقاء إضافياً، تحضيرياً، قبل انعقاد مؤتمر الحوار السوري.
وقال لافرينتيف، إن الدول الضامنة بحثت أيضا في «آستانة 8» «الوضع القائم حاليا في سوريا بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي»، وأوضح أن المسائل التي جرى بحثها بصورة خاصة في هذا السياق «مهام القوات الحكومية لاحقا في القضاء على المجموعات الإرهابية الأخرى، التي ما زالت تنشط على الأراضي السورية، وما الذي يجب أن نقوم به (نحن الدول الضامنة)، وأي تدابير نتخذ لتعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة». كما أكد لافرينتيف الفشل في التوصل حتى الآن لاتفاق حول ملف رئيسي يجري بحثه منذ بدايات العمل على مسار آستانة، وهو ملف المعتقلين والمخطوفين، وزعم أن «عمليات تبادل للمخطوفين والمعتقلين ما زالت مستمرة في بعض الأماكن، وجرى هذا في مختلف مناطق خفض التصعيد، في إدلب، وفي الغوطة الشرقية، وفي حماة، وحتى في منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا»، وأضاف: «نريد أن نعطي لهذه العملية طابعا واسعا عبر آستانة، وأن نشكل مجموعة عمل تعنى بكل المسائل المتعلقة بالمعتقلين، والبحث عن المفقودين». وعزا الفشل في تحقيق تقدم في هذا الشأن إلى «مشكلات تقنية محددة»، وقال إن «الوثيقة الخاصة بتشكيل اللجنة قيد العمل».
وشن لافرينتيف هجوما على المعارضة السورية، وحملها المسؤولية عن فشل «جنيف 8». وقال إن وفد المعارضة «الموحد إلى حد ما طرح شرطا مسبقا حول رحيل الأسد». واتهم الوفد بأنه «طرح الشرط بأسلوب مهين»، وقال إنه لم يكن بالإمكان توقع نتيجة غير تلك التي انتهت إليها الجولة الماضية من المفاوضات في جنيف. وأكد أن الوفد الروسي بحث مع وفدي الضامنين التركي والإيراني هذه المسألة خلال المشاورات في آستانة. وشدد على ضرورة العمل لإبعاد تلك الشروط جانبا و«نسيانها».
من جهتها، شنت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، هجوما على وفد المعارضة السورية، وقالت: «على الرغم من إعادة تشكيل وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف، فإن خصوم الأسد لم يتخلصوا من مرضهم القديم»، في إشارة منها إلى «المطلب برحيل الأسد»، ومن ثم تابعت ووجهت انتقادات للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، لأنه حمل وفد النظام المسؤولية عن فشل جنيف، وقالت: «يؤسفنا أن المبعوث الدولي لم يقيم بالشكل المناسب التصريحات الاستفزازية للمعارضين خلال جولة المفاوضات الأخيرة». واتهمت وفد المعارضة بأنه «تعمد الاستفزاز» لعرقلة التقدم نحو السلام، بما في ذلك تعقيد الدعوة لمؤتمر الحوار في سوتشي. وبناء عليه أكدت زاخاروفا أن «موسكو تشعر بخيبة أمل إزاء تصريحات دي ميستورا، وتحديدا الاتهامات التي صدرت عنه لوفد الحكومة السورية بأنه المسؤول عن فشل الجولة الثامنة من المفاوضات في جنيف». واعتبرت زاخاروفا التي تعبر عن موقف الخارجية الروسية أن كلام دي ميستورا «محاولة للإلقاء بالمسؤولية على الطرف الذي من الواضح أنه لم يكن مسؤولا عن الفشل».
وجاءت تصريحات زاخاروفا في الوقت الذي كان المبعوث الدولي يجري فيه محادثات في موسكو مع وزيري الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، وأظهر خلالها تمسكا بعملية جنيف، وأشار إلى أن الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف «لم تكن جيدة». وأضاف أنه «علينا العمل لتصبح عملية جنيف مثمرة»، وشدد على أنه «لا بديل (للتسوية) عن هذه العملية، التي تحظى باعتراف المجتمع الدولي وتجري برعاية الأمم المتحدة». وعبر عن أمله في أن تكون الجولة المقبلة ناجحة بمساعدة جميع الدول، بما في ذلك روسيا. وأبدى ارتياحا للتقدم في مناطق خفض التصعيد في سوريا، وقال إن «المفاوضات في آستانة ساعدت في خفض التوتر، وقد رأينا هذا بأعيننا»، لافتا إلى تقلص المساحات التي تخضع لسيطرة «داعش»، وعبر عن قناعته بأنه «آن الأوان لعملية سياسية صادقة». وسيصل دي ميستورا اليوم الجمعة إلى آستانة للمشاركة في المشاورات هناك.
وعبر لافروف عقب محادثاته مع شويغو ودي ميستورا، عن أمله في أن تكون الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف مثمرة، ووصف نتائج الجولة الأخيرة بأنها «غير مرضية أبداً»، موضحا أنه بحث مع دي ميستورا الخطوات المطلوبة لتكون الجولة المقبلة أكثر إيجابية والمساهمة في إطلاق حوار مباشر بين الوفدين السوريين. وقال إن «حديثا صريحا للغاية ومهما جدا أجريناه أنا والوزير شويغو، وبحثنا خلاله مع المبعوث الدولي المسائل المتصلة بالجهود الحالية لدفع التسوية السورية بموجب القرار 2254»، ووضع لافروف كل المسارات الأخرى تحت مظلة جنيف، حين أكد أن «اللقاءات مع دي ميستورا مفيدة جدا جدا، بغية ضبط العمل حول المسارات التي انطلقت في الآونة الأخيرة والتي نريد مزامنتها، وضمان مساهمتها في إنجاح عملية جنيف بموجب القرار 2254». واتهم لافروف «بعض القوى» باستغلال «جملة من الوقائع» لتعقيد عملية جنيف.
وأكد وزير الخارجية الروسية، أنه والوزير شويغو، أطلعا دي ميستورا على كيفية التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، وعبر عن أمله في أن يتحول المؤتمر إلى «مؤتمر وطني شامل»، وقال إنه لتحقيق هذا الأمر تحديدا قامت روسيا، بدعم من تركيا وإيران، بطرح فكرة عقد مؤتمر الحوار السوري. من جانبه أشار وزير الدفاع سيرغي شويغو إلى ما وصفه فشل في الحوار بين مجموعات المعارضة الممثلة في الوفد التفاوضي، وقال خلال المحادثات مع دي ميستورا: «لدينا اليوم عدد من مجموعات المعارضة. واجتمعتم مؤخرا مع واحدة منها في جنيف، وشاركنا بالعمل هناك، حيث لم يتم تحقيق نتائج في إطلاق حوار عادي وبناء بين مجموعة المعارضة من الرياض، والمجموعة التي أتت من دمشق والقاهرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».