التيار الصدري يخوض الانتخابات المقبلة بقائمة مستقلة عنوانها «استقامة»

استمرار الغموض حول توجهات بقية الكتل السياسية

TT

التيار الصدري يخوض الانتخابات المقبلة بقائمة مستقلة عنوانها «استقامة»

ما زال الغموض حاضراً بشأن طبيعة القوائم وشكل التحالفات بين الأحزاب والكتل السياسية العراقية التي تنوى خوض غمار انتخابات المجالس المحلية والبرلمان منتصف مايو (أيار) المقبل. لكن ما بات في حكم المؤكد انقسام ائتلاف «دولة القانون» إلى قائمتين انتخابيتين: واحدة برئاسة زعيم الائتلاف الحالي نوري المالكي، والأخرى يتزعمهما رفيقه في حزب «الدعوة» رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويبدو التيار الصدري حتى الآن أكثر الجهات السياسية وضوحاً بالنسبة لطبيعة مشاركته المقبلة في الانتخابات ومرشحيه المفضلين.
وكشف مصدر مقرب من كواليس «التيار الصدري» لـ«الشرق الأوسط» أن زعيمه مقتدى الصدر ماضٍ باتجاه تشكيل سياسي جديد لخوض الانتخابات المقبلة، اختيرت له تسمية «الاستقامة». ويؤكد المصدر أن التشكيل الجديد «يمثل ما يشبه القطيعة مع وجوه التيار الصدري السياسية السابقة، وقد اشترط الصدر عدم مشاركة جميع أعضاء كتلة الأحرار النيابية». وكان مقتدى الصدر قد منع مشاركة رجال الدين «المعممين» والتجار ضمن قائمة «الأحرار» في انتخابات عام 2014.
ويضيف المصدر أن «التيار يجري اتصالات مكثفة في شخصيات مدنية وأكاديمية وإعلامية وشيوخ عشائر معروفة بسمعتها الجيدة بهدف ضمها للتشكيل الجديد، وسيخوض الانتخابات بقائمة واحدة، ثم يفكر بالتحالف مع كتل أخرى بعد الانتخابات». ويتطابق كلام المصدر مع ما أعلنه الصدر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عبر رسالة وجهها إلى جميع الذين شغلوا مناصب تنفيذية وتشريعية في الكتلة، وأبلغهم فيها بعدم سماحه بمشاركتهم في الانتخابات المقبلة.
وبشأن خيارات التيار الصدري في موضوع التحالف مع الكتل السياسية الأخرى بعد الانتخابات، ذكر المصدر أن «التيار أقرب إلى التحالف مع قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتيار المدني، وقائمة إياد علاوي». ويشير المصدر إلى أن أعضاء القائمة الانتخابية الجديدة «يتوزعون على فئات وشرائح اجتماعية مختلفة، لا يشترط انتمائهم إلى التيار الصدري، إنما يفضل أن ينحدروا من خلفيات مهنية جيدة ومن شرائح التكنوقراط». ويلفت إلى سعى قائمة «الاستقامة» إلى «خوض الانتخابات حتى في المحافظات ذات الأغلبية السنية، عبر التحالف مع شخصيات معروفة بتوجهها الوطني، وعدم ميلها إلى تكرس النهج الطائفي».
وإذا كان مقتدى الصدر وتياره قد حسما طبيعة الشخصيات المطلوبة للترشيح، وإلى حد ما طبيعة تحالفاتهم اللاحقة، فإن الغموض ما زال يخيم على خيارات أغلب الأحزاب والكتل السياسية، ولم يصدر عن أية كتلة أو جهة سياسية حتى الآن موقف من أعضائها التنفيذيين والتشريعين السابقين، على غرار ما صدر عن التيار الصدري، كما لم يحدد أي حزب سياسي آخر وجهة الانتخابية المقبلة، لكن الجميع يتحدث عن قوائم تستند إلى الاتجاه الوطني المناهض للطائفية التي حكمت البلاد في السنوات الخمسة عشرة الماضية.
ويلاحظ مراقبون لأحوال الأحزاب والشخصيات السياسية تراجع حدة التصريحات العدائية ضد بعضهم بعضاً في الفترة الأخيرة، ويعزوه إلى الضبابية التي تغلف مواقف جميع الأحزاب والجهات السياسية، حيث لم تتلمس أغلب تلك الجهات مسارها الذي يضمن لها تحقيق نتائج مرضية في الانتخابات المقبلة، وذلك ناجم عن أسباب طرحتها أوضاع العراق في السنوات الأخيرة. ففيما يتعلق بأحزاب الإسلام الشيعي، تدرك تلك الأحزاب، في ظل هيمنتها على أغلب مفاصل الدولة، حجم النقمة الجماهيرية الموجهة ضدها بسبب سوء الإدارة والفساد، وإخفاقها في إدارة الدولة، لذلك يلاحظ أن كثيراً منها سعت إلى تغيير «شكلها وطبيعة توجهاتها وخطابها»، كما حدث مع زعيم المجلس الأعلى السابق عمار الحكيم، حين خرج من المجلس وأسس «تيار الحكمة»، على أمل التأثير في جمهور الناخبين عبر ما يمكن تسميته «إعادة الهيكلة»، بهدف الحصول مجدداً على أصواتهم، وبالتالي بقائه في ساحة التنافس السياسي الشيعي.
أما على صعيد القوى السنية، فما زال عدم الوضوح يكتنف خياراتها الانتخابية المقبلة أيضاً، وذلك ناجم هو الآخر من الخوف على مستقبلها السياسي، بعد تراجع سمعتها أمام جمهورها عقب صعود «داعش» عام 2014، وما زالت تلك القوى لا تتحدث كثيراً عن خياراتها الانتخابية المستقبلية، ويميل البعض إلى الاعتقاد أنها تتعمد عدم الإفصاح عن مواقفها في هذه الفترة، بانتظار أن يسهم الوقت في التقليل من حدة الآلام التي تعرض لها الجمهور السني نتيجة صعود «داعش»، أو أنها في انتظار ما تسفر عنه الأشهر المقبلة عن تحولات مفاجئة تعيدها إلى صدارة المشهد السني. ولا يقل المشهد الكردي التباساً عن المشهد العربي، بشقيه الشيعي والسني، لجهة حظوظ الأحزاب الكردية التقليدية في الانتخابات المقبلة، خصوصاً بعد الخسارة السياسية التي تعرض لها إقليم كردستان عقب إجرائه استفتاء الاستقلال في سبتمبر (أيلول) الماضي.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.