القراءة فعل مقاومة روائياً

«جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا» في طبعة عربية

القراءة فعل مقاومة روائياً
TT

القراءة فعل مقاومة روائياً

القراءة فعل مقاومة روائياً

يجد القارئ نفسه، بمجرد قراءته هذه الرواية، متورطاً في عضوية جمعية لا يعرف أحداً من أعضائها، جمعية دولية للقراءة، عابرة للغات والأجناس والقوميات، اسمها «جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا»، هذا ما أرادت فعله الكاتبة ماري آن شيفر، عبر روايتها التي حملت الاسم نفسه، وفي إطار لعبة رأت أنها يمكنها أن تنقذ ملايين البشر، عبر دمجهم في جمعية غير محدودة للقراءة.
الرواية صدرت ترجمتها العربية حديثاً، ضمن سلسلة «إبداعات عالمية»، عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (الكويت)، وقام بترجمتها حنان عبد المحسن مظفر، ومراجعة عبد الله عبد الرحمن الزغبي.
اللافت أن رواية آن شيفر (التي رحلت قبل إكمالها، وأتمتها بعد مرضها المميت ابنة شقيقها آني باروز) عن جمعية أدب متخيلة، ابتكرتها كرابطة لتروي من خلالها قصة جزيرة غيرنزي التابعة لإنجلترا، التي سقطت تحت الاحتلال الألماني يونيو 1941، واستمرت محتلة لـ5 سنوات، تحولت لدعوة عالمية مجيدة للقراءة وللفنون، كفعل نجاة ومقاومة، و«للتغلب على أي حواجز أو عوائق»، كما تقول.
فبمجرد صدور هذه الرواية، بعد وفاة الكاتبة عام 2008، طبعت في جميع اللغات، وقوبلت بعاطفة هائلة من المديح، بدءاً من القراء وبائعي الكتب حتى النقاد المتخصصين في الأدب. بل تحول الأمر إلى دعوة عالمية للانضمام لهذه الجمعية المتخيلة، كما تروي آني باروز، ابنة شقيق الكاتبة ومتمة الرواية، في الخاتمة الملحقة بالعمل، مؤكدة أنها تسلمت رسائل من قراء من شتى أنحاء العالم، يطلبون الانضمام لنادي القراءة، وأن يكونوا أعضاء في تلك الجمعية، وهو ما جعلها ترد بأن «عضوية جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا في ازدياد مستمر مع كل قارئ يستمتع بالكتاب»، معتبرة «الكم الهائل من الأسئلة والحكايات (التي تلت الرواية) تصلح لتكون النسخة الجديدة من جمعية غيرنزي للأدب، ينتشر أعضاؤها حول العالم، ويجمعهم حبهم للكتب والحديث عنها... فهناك قوى سحرية تجذبنا باتجاه جمعية الأدب، كلما مررنا بكتاب ما... فكلما أبدينا رغبتنا بالاستمتاع، نجد أنفسنا جزءاً من جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا».
اعتمدت شيفر تقنية بنية الرسائل في إدارة عوالم روايتها، وهو ما منحها دفئاً وحميمية مع القارئ، فالأحداث تتوالى في الصعود درامياً مع كل رسالة متبادلة بين أبطال الرواية، وفي الأغلب تكون أحد أطرافها الكاتبة اللندنية جوليت آشتون التي تتراسل مع قرائها، إلى أن تقودها الصدفة، عبر إحدى الرسائل، للتعرف على أحد أعضاء جمعية للأدب في جزيرة غيرنزي، أسست كفعل مقاومة لتبعات الاحتلال الألماني للجزيرة الواقعة في القنال بين فرنسا وإنجلترا، وتتبع التاج البريطاني.
ولأن بطلة الرواية جوليت آشتون، الكاتبة اللندنية التي سحقت طائرات الاحتلال النازي منزلها، تبحث عن فكرة لمقالة طلبتها منها صحيفة «التايمز»، عن القيمة العملية والأخلاقية والفلسفية للقراءة، تطلب من دوزي آدامز، أحد أعضاء الجمعية الذي بدأ بمراسلتها، وستقع في حبه وتنتهي القصة بزواجهما، أن تتراسل مع أعضاء الجمعية، عن أسباب تأسيسها وعن مسماها الغريب «جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا»، وكيف كانوا يعقدون اجتماعاتهم في ظل الاحتلال، لتخصص مقالتها عنها.
ومع توالي الرسائل من سكان جزيرة غيرنزي إلى آشتون جوليت، نتعرف أن تأسيس جمعية «غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا» أتى بالمصادفة. ففي إحدى المرات، وأثناء عودة بعض الأصدقاء من مأدبة عشاء على الخنزير الوحيد الذي تبقى في الجزيرة، بعد أن استولى الألمان على كل الحيوانات لإطعام جنودهم، استوقفت دورية عسكرية ألمانية الأصدقاء لخرقهم حظر التجول، فما كان من «إليزابيث» (أحد مؤسسي الجمعية) إلا أن اخترعت حكاية تأسيسهم نادياً لقراءة كتاب «إليزابيث وحديقتها الألمانية»، لينجو الأصدقاء بالحيلة من عقوبة السجن أو الترحيل لمعسكرات العمل، لمخالفتهم أمر المحتل النازي.
ومن هنا، مع سماح الألمان بنشاطات الجمعية «ليثبتوا للبريطانيين أن الاحتلال الألماني احتلال نموذجي»، يتخذ سكان الجزيرة فكرة تأسيس «جمعية غيرنزي للأدب وفطيرة قشر البطاطا»، كوسيلة للقاء وتحدي وخداع الاحتلال الألماني، إلا أنه سرعان ما يجد أعضاء الجمعية في القراءة، وفي الكتب والحديث المتبادل عنها، متعتهم، وما يدعم قوتهم وقدرتهم على العيش في ظل الاحتلال، ويحول لياليهم لـ«ليالي جميلة ومبهجة تنسيهم ذلك الظلام الذي كان سائداً في الخارج».
ويضع أعضاء الجمعية قوانينهم الخاصة، ويتفقون على تبادل قراءة الكتب، ويجتمعون في اجتماع دوري للحديث عنها، مع تناول فطيرة قشر البطاطا التي اخترعوها مع عدم توافر الزبدة والسكر والطحين جراء الحصار المفروض على الجزيرة.
يلي ذلك أن يرسل كل عضو من أعضاء الجمعية رسالة لآشتون جوليت عن الكتب التي قرأها، وكيف أثرت فيه، وكان لها دورها في رفع معنوياتهم، وتغيير أنماط حياتهم كمزارعين لم يقرأوا من قبل سوى كتاب الإنجيل. مثلاً، يختار إيبين رامزي، عضو الجمعية، كتاب «مختارات من شكسبير» لقراءته ومناقشته مع أعضاء الجمعية، ويكتشف أن الكتَّاب العظام يفكرون بأشخاص بسطاء مثله وهم يكتبون، كما يقول في رسالته لجوليت: «إن السيد (تشارلز) ديكنز والسيد (وليم) رودزورت كانا يفكران بأشخاص مثله عندما كانا يكتبان، لكني أعتقد أن شكسبير كان أكثرهم تفكيراً بنا».
ومن بين ما قرأه، يختار رامزي عبارة شكسبير «لقد مضى يومنا الوضاء، وأشرفنا على حلكة الليل»، لتكون جملته المفضلة التي تمنى أنه كان يعرفها في اليوم الذي شهد نزول القوات الألمانية إلى أرض الجزيرة، ليشعر ببعض العزاء، و«يتمكن من الخروج ومقاومة الظروف، بدل أن تخونه الشجاعة ويصاب بخيبة الأمل»، كما حدث.
وانحاز عضو الجمعية كلوفيس فوسي للشعر، بدايةً للإيقاع بقلب الأرملة هوبرت، فحسب نصيحة صديقه، فـ«النساء يعشقن الشعر، وبمجرد الهمس بكلمات رقيقة يذبن مثل بقعة من الدهن على عشب»، لذا يتعرف على أعمال الشاعر وليم رودزورت، وبالفعل يستطيع الإيقاع بقلب هوبرت حين يردد على مسمعها: «انظري، يا نانسي، كيف تظلل رقة السماء البحر، واستمتعي».
ولا يتوقف الأمر بكلوفيس فوسي في علاقته بالشعر عند الإيقاع بقلب حبيبته، ولكن القروي الذي لم يكن يرغب في حضور اجتماعات الجمعية، يكوِّن آراء نقدية، ويأخذ على الشاعر الإنجليزي ييتس استبعاده أي قصائد عن الحرب العالمية الأولى، ضمن كتاب «أكسفورد» للشعر الحديث، ظناً (من ييتس) أن المعاناة السلبية ليست موضوعاً للشعر، ليعترض فوسي على ذلك، مستشهداً بمقطع لملازم يدعى أوين يقول: «أي أجراس تقرع لكن يموتون كالماشية؟ هم لا يستحقون سوى الغضب الوحشي للبنادق»، وذلك كمثال على خطأ ظَنِ ييتس في أشعار الحرب العالمية الأولى، واعتقاده بسقوطها في المعاناة السلبية.
وفي رسالته إلى جوليت عن تأثير الكتب على حياته، اختار عضو الجمعية جون بوكر كتاباً واحداً ليقرأه، وهو رسائل الفيلسوف الروماني سينيكا إلى أصدقائه المتخيلين، التي يخبرهم فيها بطريقة التصرف في حيواتهم. ويجد بوكر بين مقولات سينيكا ما يفسر له التناقض في أفعال البشر خلال الحروب.
وتسير الرسائل ويمضي الحديث عن الكتب والقراءة كفعل للنجاة من وطأة الاحتلال الألماني والفظاعات التي ارتكبها، حتى تسقط بطلة الرواية آشتون جوليت في محبة الجزيرة وسكانها وأعضاء جمعية الأدب، لتترك خلفها لندن، وحبيبها الناشر الأميركي، وتذهب للحياة في الجزيرة، لتؤلف كتاباً عن «إليزابيث»، إحدى مؤسسات الجمعية. وتتولى رعاية طفلتها «جين»، ابنة إليزابيث التي أنجبتها من علاقة مع أحد الضباط الألمان على الجزيرة، كانت سبباً في إعدامها على يد الألمان.
على الجزيرة، تتبدل حياة جوليت، وتسقط في حب أحد أعضاء الجمعية، وتتزوج منه، وتستقر بها، رافضة أن تنتهي الراوية بمجرد تكليل قصة الحب بالزواج، وإنما تكون، حسب ما تقول: «البداية فقط، وسيكون كل يوم جديد جزءاً من الحبكة».



«جوي أووردز» تحتفي بالفائزين بجوائزها في الرياض

حفل استثنائي لتتويج الفائزين بجوائز «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)
حفل استثنائي لتتويج الفائزين بجوائز «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)
TT

«جوي أووردز» تحتفي بالفائزين بجوائزها في الرياض

حفل استثنائي لتتويج الفائزين بجوائز «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)
حفل استثنائي لتتويج الفائزين بجوائز «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)

بحضورٍ لافت من الشخصيات البارزة والمرموقة في عالم الفن والموسيقى والرياضة وصناعة الترفيه، أقيم مساء السبت، حفل تتويج الفائزين بالنسخة الخامسة لجوائز «جوي أووردز» (Joy Awards) لعام 2025 في العاصمة السعودية الرياض.

وبعد مشاركة واسعة وإقبال غير مسبوق من الجمهور في مرحلة التصويت، توافد نجوم عرب وعالميون إلى مقر الحفل الذي احتضنته منطقة «anb Arena»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، حيث انضموا بعد المرور على السجادة الخزامية إلى ‏ليلة استثنائية، في أكبر وأهم حفل للجوائز الفنية العربية بالمعايير العالمية.

ومنذ الساعات الأولى من الحدث، وصل نخبة من فناني ونجوم العالم، تقدّمهم الممثل والمنتج العالمي أنتوني هوبكنز، وصانع الأفلام الأميركي مايك فلاناغان، والممثل التركي باريش أردوتش، وأسطورة كرة القدم الفرنسي تييري هنري، وغيرهم.

توافد نجوم الفن إلى مقر حفل «جوي أووردز» في الرياض (هيئة الترفيه)

وواكب وصول النجوم عزف حي وعروض فنية في الرواق، بينما امتلأت باحة الاستقبال بالجماهير التي حيّتهم، وأبدى الضيوف سرورهم بالمشاركة في الحدث الاستثنائي الذي يحتفي بالفن والفنانين.

وأكد فنانون عرب وعالميون، لحظة وصولهم، أن الرياض أصبحت وجهة مهمة للفن، ويجتمع فيها عدد كبير من النجوم، لتكريم الرواد والمميزين في أداءاتهم وإنتاجهم، وتشجيع المواهب الواعدة التي ينتظرها مستقبل واعد في السعودية.

وانطلق الحفل الاستثنائي بعرضٍ مميز لعمالقة الفن مع المغنية والممثلة الأميركية كريستينا أغيليرا، وقدَّم تامر حسني ونيللي كريم عرضاً غنائياً مسرحياً، تبعه آخرَان، الأول للموسيقار العالمي هانز زيمر، وجمع الثاني وائل كفوري مع الكندي مايكل بوبليه.

المغنية كريستينا أغيليرا خلال عرضها في حفل «جوي أووردز» (هيئة الترفيه)

وشهد تكريم الراحل الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن الذي ترك بصمته الكبيرة في عالم الفن بـ«جائزة صُنَّاع الترفيه الماسيَّة»، تسلّمها نجله الأمير خالد، قبل أن يُقدِّم المغني الأوبرالي الإيطالي الشهير أندريا بوتشيلي مقطوعة موسيقية كلاسيكية لتكريم الراحل، وأوبريت غنائياً انضمّ إليه فيه فنان العرب محمد عبده.

وتُوِّج رائد السينما السعودية المُخرِج عبد الله المحيسن، والموسيقار بوتشيلي، والممثل مورغان فريمان، والموسيقي هانز زيمر، والفنان ياسر العظمة، والمُخرِج محمد عبد العزيز بـ«جائزة الإنجاز مدى الحياة»، والممثل الأميركي ماثيو ماكونهي بـ«جائزة شخصية العام»، والمخرج العالمي جاي ريتشي، والممثل الهندي هريثيك روشان بـ«الجائزة الفخرية».

الفنان ياسر العظمة يلقي كلمة بعد تكريمه بـ«جائزة الإنجاز مدى الحياة» (هيئة الترفيه)

وفاز في فئة «المسلسلات»، سامر إسماعيل بجائزة «الممثل المفضَّل» عن دوره في «العميل»، وهدى حسين بـ«الممثلة المفضّلة» عن «زوجة واحدة لا تكفي»، والعنود عبد الحكيم بـ«الوجه الجديد المفضّل» عن «بيت العنكبوت»، و«شباب البومب 12» بـ«المسلسل الخليجي المفضَّل»، و«نعمة الأفوكاتو» بـ«المسلسل المصري المفضَّل»، و«مدرسة الروابي للبنات 2» بـ«المسلسل المشرقي المفضَّل».

أما في فئة «الإخراج»، ففازت رشا شربتجي بجائزة «مخرج المسلسلات المفضَّل» عن عملها «ولاد بديعة»، وطارق العريان بـ«مخرج الأفلام المفضَّل» عن «ولاد رزق 3: القاضية».

وضمن فئة «السينما»، فاز هشام ماجد بجائزة «الممثل المفضَّل» عن دوره في «إكس مراتي»، وهنا الزاهد بـ«الممثلة المفضَّلة» عن «فاصل من اللحظات اللذيذة»، و«ولاد رزق 3: القاضية» بـ«الفيلم المفضَّل».

وفاز في فئة «الرياضة»، اللاعب سالم الدوسري كابتن فريق الهلال السعودي بجائزة «الرياضي المفضَّل»، ولاعبة الفنون القتالية السعودية هتان السيف بـ«الرياضيِّة المفضَّلة».

أما فئة «المؤثرين»، ففاز أحمد القحطاني «شونق بونق» بجائزة «المؤثر المفضَّل»، ونارين عمارة «نارين بيوتي» بـ«المؤثرة المفضَّلة».

الرياض وجهة مهمة للفن والرياضة تجمع كبار نجوم العالم (هيئة الترفيه)

وكتب المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه، في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «بدعم مولاي الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو سيدي ولي العهد عراب الرؤية وقائدنا الملهم (الأمير محمد بن سلمان) اليوم نشهد النجاح الكبير لحفل توزيع جوائز جوي أووردز 2025».

وتعدّ «جوي أووردز»، التي تمنحها هيئة الترفيه السعودية، واحدةً من أرقى الجوائز العربية، وتُمثِّل اعترافاً جماهيرياً بالتميُّز في الإنجازات الفنية والرياضية ومجالات التأثير. ويُقدِّم حفلها أحد المشاهير الذي يمثل قيمة جماهيرية لدى متابعيه من جميع أنحاء العالم.

وشهدت جوائز صُنّاع الترفيه في نسختها الخامسة، منافسة قوية في مختلف فئاتها التي تشمل «السينما، والمسلسلات، والموسيقى، والرياضة، والمؤثرين، والإخراج»، مع التركيز على أهم الأعمال والشخصيات المتألقة خلال العام.

وتُمنح لمستحقيها بناء على رأي الجمهور، الأمر الذي صنع منها أهمية كبيرة لدى مختلف الفئات المجتمعية التي يمكنها التصويت لفنانها أو لاعبها المفضل دون أي معايير أخرى من جهات تحكيمية.