الترويج لولاية خامسة لبوتفليقة يثير حفيظة «مجتمع السلم»

TT

الترويج لولاية خامسة لبوتفليقة يثير حفيظة «مجتمع السلم»

قالت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية الإسلامية إن النقاش السياسي في البلاد جرى إفساده بالحديث عن انتخابات الرئاسة والولاية الخامسة، المحتملة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وكان ذلك حسب الحزب الإسلامي المعارض الكبير «ضاغطا على نتائج الانتخابات المحلية»، التي جرت في 23 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في إشارة إلى ربط فوز حزب الرئيس بالأغلبية بمصير انتخابات الرئاسة المرتقبة في 2019. وصرح عبد المجيد مناصرة، رئيس «مجتمع السلم»، خلال لقاء بأطر حزبه أمس في العاصمة بأن الأحزاب الموالية للرئيس «تبالغ في الحديث عن انتخابات الرئاسة»، واستنكر «التشويش على الانتخابات المحلية الأخيرة، التي كانت نتائجها مزورة». ودعا مناصرة، وهو وزير سابق، إلى «تركيز الجهود وتوجيه الأنظار إلى المشاكل التي نعيشها حاليا لحلها، أما الانتخابات الرئاسية فما زالت بعيدة».
وفاز «مجتمع السلم» برئاسة 50 بلدية من 1541 بلدية. بينما اكتفى بمشاركة رمزية في المجالس الولائية الـ48، فيما عادت الحصة الأكبر من مقاعد الولايات والبلديات إلى «جبهة التحرير»، وحل في المرتبة الثانية حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
وسألت «الشرق الأوسط» مناصرة في وقت سابق إن كان واردا أن يمدد بوتفليقة حكمه في ظل حالته الصحية المتدهور، فقال: «الأصل هو استمراره في الحكم لأنه طلب لنفسه ولاية رابعة عام 2014، وهو على هذه الحالة الصحية. فهمي لطبيعة النظام الجزائري أن الرئيس الموجود يبقى رئيسا، إلا في حالة وقوع صدام شديد بين الرئيس والجيش، أو في حالة وفاة الرئيس».
وأطلق حزب الأغلبية في الجزائر «جبهة التحرير الوطني»، رسميا، حملة لترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وذلك قبل عامين ونصف عن موعد انتخابات الرئاسة. وانتخب بوتفليقة في 2014 لولاية رابعة، دون أن يشارك في حملة الانتخابات، وذلك بسبب الإصابة بجلطة دماغية، تسببت في فقدانه التحكم في أبرز حواسه، ومنها النطق.
وقال جمال ولد عباس، أمين عام «الجبهة»، عندما تسلم مهامه على رأس الحزب عام 2016 خلفا لعمار سعداني، إن بوتفليقة «هو رئيس الحزب، وطبيعي أن نطلب له ولاية خامسة»، موضحا أن «الرئيس جاء على يديه الاستقرار والنماء الاقتصادي، فمن البديهي أن نطلب له التمديد».
وحول ما إذا كان بوتفليقة يعتزم الترشح من جديد، قال ولد عباس يومها إن «الرئيس لم يطلب شيئا، ولكننا نناشده الاستمرار في قيادة البلاد».
وبخصوص حالة الرئيس الصحية، قال ولد عباس إن «كل الجزائريين يعلمون أن رئيسهم مريض منذ 2013، ومع ذلك صوتوا لفائدته بالأغلبية في 2014، وسينتخبونه لو ترشح من جديد. وقد قال الرئيس قبل عامين إنه لم يكن يرغب في الترشح لولاية رابعة، ولكن لما رأى أن غالبية الجزائريين يريدون منه أن يواصل مسيرته على رأس الدولة، ما كان عليه إلا أن يقبل».
وصرح أويحيى في السابع من الشهر الجاري في باريس، خلال لقاء مع مهاجرين جزائريين، بأنه «لا وجود لسلطة خفية ولا لديوان أسود في الجزائر، والاعتقاد بعكس هذا مجرد إشاعات»، في إشارة إلى جدل حول «سلطة خفية تحكم بدل الرئيس». وأضاف بهذا الخصوص: «رئيس جمهوريتنا عبد العزيز بوتفليقة بصحة جيدة، ويسير البلاد بشكل جيد. وفيما يخص أخبار البلاد، فإني أقول لكم إن رئيس جمهوريتنا في لياقة جيدة، وندعو الله أن يطيل في عمره ويمده بالصحة. صحيح أن بوتفليقة لم يعد يملك كل الحيوية التي كان عليها عند لقائكم به في سنة 2000 و2004 هنا بفرنسا، لكن على عكس كل الشائعات التي يروجها البعض، سواء من الجزائر أو من الخارج، فإن رئيسنا يسير البلاد بشكل جيد في شتى المجالات، ولا توجد سلطة موازية لسلطته».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.