يبدو من المنطقي تماماً القول إن المدرب الألماني يورغن كلوب وفريقه ليفربول أمامهما فرصة أكبر في بطولة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم عن الحال في الدوري الإنجليزي المحلي، حيث يبدو الفريق متقهقراً بالفعل بعيداً عن مانشستر سيتي المتصدر.
عندما أعلن الإيطالي أنطونيو كونتي مدرب تشيلسي بداية الأسبوع أن الأندية الإنجليزية أمامها فرصة كبيرة في بطولة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، ربما كان يحاول تشتيت الاهتمام بعيداً عن القرعة الصعبة، التي وضعت فريقه في مواجهة مهمة لا يحسد عليها أمام برشلونة.
ومع أن القرعة بدت جيدة للأندية الإنجليزية، فإن الوضع يبدو مختلفاً بعض الشيء بالنسبة لتوتنهام هوتسبر. ومع دخول ريال مدريد في مواجهة أمام باريس سان جيرمان، بات في حكم المؤكد التخلص من واحد على الأقل من الفرق المرشحة للفوز بالبطولة.
كان ظهور مدرب تشيلسي للحديث للعلن، في جوهره يعبر عن وجهة نظر منطقية ترى أن مانشستر سيتي صاحب الحظ الأوفر للفوز ببطولة الدوري الممتاز الإنجليزي، ومؤكداً أن رأيه هذا ليس صادراً عن كونه شخصاً سلبياً أو انهزامياً، وإنما هو واقعي فحسب.
وقال كونتي في أعقاب فوز تشيلسي المبهر والحاسم أمام هيدرسفيلد برباعية: «من الصعب المضي قدماً في التفكير بصورة إيجابية عندما يكون أحد منافسينا فاز بـ15 مباراة من إجمالي 16 وتعادل في المباراة المتبقية».
جدير بالذكر أنه كان هناك قلق من أن إعلان اليأس في أعقاب هزيمة تشيلسي الرابعة خلال الموسم أمام وستهام يونايتد ربما أدى إلى تراجع مستويات الثقة وهزيمة خامسة غير مرغوب فيها بالتأكيد في أعقابها، وإن كان لاعبو أنطونيو كونتي في أقصى درجات الاستعداد والتأهب والمثابرة. من جهته، قال المدرب: «نلعب بصورة جيدة ومستوانا جيد. وقد فزنا في سبع مباريات من آخر تسع مباريات خضناها، لكن رغم أننا سنستمر في المحاولة فإنني أعتقد أن ثمة فريقاً واحداً هذا الموسم سيكون من العسير للغاية إيقافه».
الأمر الواضح هنا أن كونتي يدرك الآن كيف كان شعور جميع منافسيه الموسم الماضي، عندما كان تشيلسي قد حقق الفوز في 13 مباراة على التوالي، الأمر الذي وضع النادي في القمة دونما منافس. ومع هذا، فإن مانشستر سيتي حطم لتوه هذا الرقم القياسي، ويوحي أسلوب لعبه ونتائجه والأهداف التي يحرزها أنه بحلول وقت استئناف مباريات بطولة دوري أبطال أوروبا في العام الجديد، ربما يكون أمر بطولة الدوري الممتاز قد حُسِم بالفعل، ليصبح بذلك أشبه بسباق لا يخوضه سوى متسابق واحد فقط، ليتبقى أمام الفرق المنافسة، المراكز الثلاثة التالية للتنافس عليها فيما بينهم.
الحقيقة أنه لا أحد يعترض على هذا السيناريو، خصوصاً أن «مانشستر سيتي» قدم أداء رائعاً حتى هذه اللحظة، لكن إذا مضت الأمور على هذا النحو بالفعل، فإن هذا سيجعل بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز تبدو أشبه بواحدة من تلك البطولات الأوروبية المحلية التي يبدو فيها الفائز معروفاً مسبقاً حتى قبل انطلاقها، وهي البطولات التي تُقدِّم خلالها الفرق الحصيفة على فعل الصواب بتركيزها على تعزيز موقفها في البطولات الأخرى على مستوى القارة الأوروبية، بدلاً من إهدار طاقتها دون داعٍ في بطولة الدوري المحلي.
بمعنى آخر فإنه قد يقدم مانشستر سيتي خدمة جليلة للكرة الإنجليزية بقضائه على حرارة المنافسة على بطولة الدوري الممتاز على امتداد موسم. إذا كنتَ مثلاً تمثل نادي توتنهام هوتسبر، فماذا إذن المسار الأنسب أمامك؟ هل ستحاول السعي وراء تقليص حجم الفجوة بينك وبين مانشستر سيتي البالغة اليوم 18 نقطة، واللحاق به واستعادة بعض التفاؤل الذي كان يسيطر عليك بداية الموسم الذي جعل حلم الفوز ببطولة الدوري الممتاز ممكناً، أم سيبدو المسار الأكثر عملية تركيز آمالك على اجتياز عقبتي آرسنال وبيرنلي للاستمرار في طريقك نحو اقتناص بطولة دوري أبطال أوروبا وتركيز جل جهودك على تقديم أداء جيد أمام يوفنتوس في فبراير (شباط)؟
ويواجه تشيلسي مباراة على الدرجة ذاتها من الصعوبة ومحاولة التأقلم مع أربع هزائم في الدوري الممتاز، في خِضَمّ جهوده لمحاولة الحفاظ على اللقب. ويبدو كونتي حزيناً بخروج الأحداث عن حدود سيطرته سريعاً للغاية، ربما لأنه كثيراً ما جرى ترديد الموسم الماضي أن الميزة الكبرى التي تميز بها تشيلسي هي عدم مشاركته في بطولة أوروبية. ومع هذا، تبقى فرصة كبيرة أمام تشيلسي لتصحيح المسار حال نجاحه في التفوق على برشلونة، والمضي قدماً بثقة في دور الثمانية بأوروبا.
ومن الواضح أن مانشستر سيتي الفريق الأوفر حظاً للفوز ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي أيضاً. وعليه، يبدو من المحتمل أننا سنقضي الجزء المتبقي من الموسم في الحديث عن احتمالات فوز مانشستر سيتي بثلاث بطولات في موسم واحد.
من جانبهم، يحظى كل من ليفربول ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي بمواجهات سهلة نسبياً في دوري أبطال أوروبا، ويبدو من المحتمل بدرجة كبيرة نجاحهم في الوصول لدور الثمانية. وبدءًا من تلك المرحلة من البطولة، يبدو كل شيء ممكناً الحدوث خلال مباراتي الذهاب والإياب، خصوصاً إمكانية دخول أندية إنجليزية في مواجهة بعضها. ومع مشاركة عدد كبيرة من الأندية الإنجليزية في الأدوار الأخيرة من البطولة الأوروبية، سيكون من اللافت والإيجابي أن أياً منها غير مشغول بالمنافسة على بطولة الدوري المحلي، وذلك بفضل تقدم مانشستر سيتي بهذه المسافة الكبيرة عن منافسيه، وتأخرهم هم عنه بهذا الفارق الواسع.
ورغم أن هذا السيناريو ربما لا يزال يبدو بعيداً وسابقاً لأوانه، فإن هذا الموقف معروف في دول أخرى. من جانبه، كثيراً ما اتهم سير أليكس فيرغسون الأندية الإيطالية على وجه الخصوص بالتخلي عن الطموح في الفوز ببطولة الدوري المحلي الخاصة بها من أجل التركيز على بطولة دوري أبطال أوروبا. وربما يرى يورغن كلوب و«ليفربول» الطريق في أوروبا أيسر هذا الموسم عنه على الصعيد المحلي، حيث تبدو البطولة بالفعل على بُعد أميال.
إلا أن النقطة السلبية من وجهة نظر ليفربول ومانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبر وتشيلسي تكمن في أن مانشستر سيتي سيشكل عقبة في أوروبا أيضاً. لقد أثبت الفريق بقيادة المدرب جوسيب غوارديولا حتى الآن أنه لا يهزم في الدوري المحلي، وربما يتكرر الأمر في أوروبا. ومع هذا تبقى هذه كرة القدم وهي رياضة يتعذر التكهن بنتائجها وتقلباتها ولا أحد يدري ما ستتمخض عنه الأيام المقبلة، خصوصاً وأننا لم نبلغ موسم أعياد الميلاد بعد.
ومع وقوع مانشستر سيتي في مواجهة بازل، وباريس سان جيرمان أمام ريال مدريد، تبدو فرص مانشستر سيتي أفضل في المضي قدماً بالبطولة الأوروبية من الفرق المرشحة لحصد اللقب الأوروبي. ومن الواضح أنه الأوفر حظاً كذلك للفوز ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، ما يعني أن الفريق مرشح لاقتناص الثلاثية هذا الموسم.
ومع هذا يبقى كل هذا الحديث مجرد تحليل نظري، أما الواقع فيشير إلى أنه من المتعذر اقتناص الثلاثية إذ لم يتجاوز مانشستر سيتي الدور الثالث في كأس الاتحاد الإنجليزي بعد، وعليه أن يواجه بيرنلي المتألق في 6 يناير (كانون الثاني).
هل حسم مانشستر سيتي اللقب مبكراً يخدم منافسيه في التركيز على بطولات أخرى؟
أندية إنجلترا الكبرى قد توجه اهتمامها إلى دوري الأبطال بدلاً من إهدار جهودها في الدوري
هل حسم مانشستر سيتي اللقب مبكراً يخدم منافسيه في التركيز على بطولات أخرى؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة