إسرائيل تقصف مواقع «حماس» و«الجهاد»

إصابة العشرات في مواجهات الضفة وغزة

جانب من احتفالات حركة حماس بذكرى انطلاقتها الثلاثين في غزة أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتفالات حركة حماس بذكرى انطلاقتها الثلاثين في غزة أمس (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تقصف مواقع «حماس» و«الجهاد»

جانب من احتفالات حركة حماس بذكرى انطلاقتها الثلاثين في غزة أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتفالات حركة حماس بذكرى انطلاقتها الثلاثين في غزة أمس (إ.ب.أ)

تواصلت المواجهات الشعبية العنيفة داخل الأراضي الفلسطينية، احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، نجم عنها إصابة العشرات من الشبان في نقاط تماس بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشار الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أن أكثر من 79 فلسطينيا أصيبوا بالرصاص الحي والمطاطي، وتعرضوا للغاز الناجم عن إلقاء قوات الاحتلال قنابل مسيلة للدموع تجاه المتظاهرين الغاضبين في نقاط التماس في نابلس وطولكرم ونقاط قريبة من رام الله، فيما أصيب نحو 14 فلسطينيا في مواجهات اندلعت على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، أصيب غالبيتهم بالرصاص الحي.
وانطلقت أمس عدة مسيرات من داخل جامعات ومدارس وميادين فلسطينية في الضفة والقطاع باتجاه نقاط التماس، وذلك لليوم الثامن على التوالي منذ قرار الرئيس الأميركي ترمب، وسط دعوات من الفصائل الفلسطينية لأن يكون يومه الجمعة «يوم غضب» في جميع المدن والبلدات بالضفة وعند نقاط التماس، وأن تتواصل المظاهرات في العواصم العربية والأجنبية. في حين دعت الفصائل في غزة إلى مليونية على طول شارع صلاح الدين الممتد من شمال إلى جنوب القطاع.
وتأتي موجة الغضب الفلسطيني في ظل استمرار حملة الاعتقالات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث جرى اعتقال 16 فلسطينيا منذ فجر الخميس، ليصل بذلك عدد المعتقلين منذ اندلاع الاحتجاجات على الإعلان الأميركي في السادس من الشهر الحالي إلى 320 حالة اعتقال.
ومن جهته، واصل الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع على التوالي قصف مواقع تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، ردا على إطلاق صواريخ من القطاع تجاه بلدات ومستوطنات جنوب إسرائيل، ما تسبب في إصابة عدد من المواطنين بجروح طفيفة جراء الأضرار التي لحقت بمنازلهم القريبة من تلك المواقع. وحمل الجيش الحركة المسؤولية عن أي أحداث من القطاع باتجاه إسرائيل، واعتبرها الجهة المسؤولة عن إعادة الهدوء إلى ما كان عليه، فيما أغلق معبرا كرم أبو سالم وبيت حانون «إيرز» أمام البضائع وحركة الأفراد ردا على إطلاق الصواريخ.
وقال أفيغدور ليبرمان، وزير الجيش الإسرائيلي، إنه أوعز للجيش بإعداد سيناريوهات للتعامل مع التصعيد على جبهة قطاع غزة في أعقاب استمرار إطلاق الصواريخ، مدعيا أن هذه العمليات تمت بسبب صراعات داخلية بين التنظيمات في غزة، وأن الجيش مستعد للتعامل مع التصعيد.
كما دعا مسؤولو مجتمعات استيطانية محاذية لقطاع غزة إلى تشديد ضربات الجيش ضد القطاع، حتى وإن تسبب ذلك في تصعيد كبير.
من جهته، قال العميد رونين مانليس، المتحدث باسم الجيش، إن العمليات العسكرية ستتواصل، موضحا أن الجيش سيواصل جهوده حتى يعود الهدوء، وأن «أي شيء أقل من الهدوء التام أمر غير مقبول»، وادعى أن الجيش وجه ضربات لأهداف ذات جودة عالية تابعة لحماس، وأنه سينهي خطر الأنفاق بحلول نهاية 2018.
وعلى وقع التصعيد والتهديد الإسرائيلي بغزة، أحيت حركة حماس ذكرى انطلاقتها الثلاثين بمهرجان جماهيري حاشد في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة، وسط حضور جماهيري حاشد، وحضور لافت للفصائل الفلسطينية، من بينها قيادة حركة فتح بالقطاع، وحضور وزراء حكومة التوافق الموجودين في غزة.
وحمل مهرجان حماس عنوان «المقاومة قرارنا والوحدة خيارنا»، حيث أظهرت المنصة الرئيسية صورة كبيرة لمدينة القدس كتب عليها «القدس عاصمة فلسطين»، وبجانبها ملثم من كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، وهو يحمل بيده العلم الفلسطيني وباليد الأخرى قطعة سلاح. كما وضع في المنصة الرئيسية صورة كبيرة لمؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وعددا من قياداتها الشهداء، وكذلك قيادات حالية.
وبدأ المهرجان بأغاني ثورية وطنية قديمة، إلى جانب فرقة دبكة شعبية ترتدي اللباس العسكري أدت فقرات تناسب تلك الأغاني الوطنية. كما شارك مسلحون من القسام والأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، من بينهم عناصر من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح بالمهرجان.
وألقى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كلمة أشاد فيها بوقفة الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين في وجه القرار الأميركي، معتبرا ما جرى منذ القرار يمثل «انتصارا للفلسطينيين» بعودة القضية الفلسطينية إلى الصدارة، لتصبح بوصلة الأمة من جديد، مبرزا «تصدع الموقف الأميركي وعزل إدارة ترمب حتى أصبح العالم كله في كفة وترمب ونتنياهو في كفة أخرى».
واعتبر هنية «الانتصار الثالث» يتمثل في «انطلاقة شرارة الانتفاضة» في الأراضي الفلسطينية، مشددا على ضرورة مواصلة الانتفاض في وجه القرار الأميركي وإرغام إدارة ترمب على التراجع عنه وإسقاطه للأبد، وقال إن هذا القرار «لا يقل خطورة عن وعد بلفور، والجيل الحالي فلسطينيا وعربيا وإسلاميا لن يمرره»، مشددا على أن الفلسطينيين سيسقطون قرار ترمب ضد القدس.
وأكد هنية ضرورة إسقاط ما يسمى «صفقة القرن»، مشيرا إلى أنه يتم التسويق إليها بهدف تصفية القضية الفلسطينية. كما شدد على ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية على قاعدة الاحترام المتبادل والشراكة في إدارة شؤون الوطن، مؤكدا تمسك حركته بالمصالحة والإسراع في تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه، ورفع العقوبات عن القطاع وترتيب منظمة التحرير لتضم جميع الفصائل، وبناء تحالفات عربية ودولية، بالإضافة إلى الانفتاح على جميع الدول من أجل حماية القدس والقضية الفلسطينية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».